أجرت مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل "بدير الزور" استبانة بحث ميداني لمعرفة تأثير الأعراف السائدة على حق المرأة في الميراث وفق الشريعة الإسلامية والقوانين النافذة في ريف ومدينة "دير الزور" وتضمنت مجموعة من الأسئلة لكلا الطرفين من الرجال والنساء.

ولتسليط الضوء على هذا البحث ومعرفة النتائج التي وصل إليها التقى eDair-alzor بتاريخ 8/9/2008 السيد "صالح بريحع" مدير الخدمات في مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل والذي قام بإجراء هذا البحث والذي حدثنا عنه قائلا: «تضمنت عمليات المسح قرى ومدن محافظة "دير الزور" وهي (هجين، القورية، أبو حمام، الزباري، قطعة البوليل، سفيرة فوقاني، المسرب)، وفي العديد من أحياء مدينة "دير الزور" ومنها (حي الحميدية وحي الشهداء)، لمعرفة نصيب المرأة من الميراث، بحيث قسمت هذه المناطق والنواحي والمدن إلى عدة بيئات حضرية وريفية وبدوية مع بيانات عامة من خصائص الفرد والمؤهل في الأسرة المراد إجراء الدراسة عليها، وحالته الاجتماعية أكان متزوجاً أو مطلقاً أو أرملاً أو عازباً وكذلك حالته التعليمية من أمي حتى ثانوية وما فوق، وكذلك علاقته بقوة العمل أكان مشتغلا أو عاطلا ونوع عمله الرئيسي أكان زراعياً أو غير زراعي، ونوع حيازته للأرض التي يعمل بها أكانت ملكه الشخصي أو ملك الأسرة أو مستأجرة أو يعمل لدى الغير».

إن المرأة في المدينة تحصل على حقها كاملا بما قسم الله، فإن أرادت أن تتنازل عنه كاملا أو جزءاً منه إلى أي شخص فهي تفعل ذلك بمحض إرادتها دون أن تجبر على ذلك

وأضاف "البريجع": «كما ركزت الدراسة أيضا على خصائص المسكن وملكية السلع المنزلية المعمرة التي يملكها الفرد، وملكية الأسرة والأصول للأموال المنقولة وغير المنقولة والمواقف والاتجاهات حيال توريث الأثاث في تلك المجتمعات والذي هو لب الدراسة التي قمنا من أجلها، حيث كان السؤال الرئيسي الذي وجه للمبحوث بأنه هل تحصل المرأة في أسرتكم أو بين أقاربكم عادة على حقها الشرعي في الميراث، وكانت الإجابة بـ (لا) بنسبة 100% في الريف، معللين عدم توريث المرأة لعدة أسباب وهي: بأن الأعراف (العادات) المتبعة في مناطقهم لا تسمح بذلك، والمرأة هي التي تتنازل عن حقها في الميراث كونها تربت على هذه العادة، أي عدم المطالبة بالميراث منذ الصغر، وكان السؤال الثاني: هل على المرأة أن تطالب بحقها في الميراث في حال عدم حصولها عليه، وكان جواب البحوث بـ (لا) وذلك من أجل المحافظة على العلاقات الطيبة في الأسرة وعدم خلق المشاكل مع الأهل.

بدرة-الفهد

وكان السؤال الثالث: لمن تلجأ المرأة في حال عدم حصولها على الميراث ورغبت بالمطالبة؟ واحتمل ذلك أكثر من جواب، حيث كان جواب الأكثرية الساحقة بأن تشكو أمرها إلى الله وتسكت، وكذلك يجب عليها عدم المطالبة بالإرث كونها تعلمت على ذلك وكون ذلك عيب في هذه المجتمعات التي لا تورث النساء، وكان جواب القلة بأنها تلجأ إلى أصحاب الحل والعقد من كبار زعماء الأسرة ووجهاء القرية أو الحي.

وقد تباينت الآراء لدى المبحوثين من النساء حول حقها من الميراث، فالبعض وافق بأن على المرأة أن تتنازل عن حقها في الإرث لإخوتها أو لزوجها أو لأهلها إن كانت غنية، في حين رأى قسم آخر بأنه يجب توزيع الإرث بين الذكور والإناث وإن كانت العادات والتقاليد لا تسمح بذلك، أما القسم الثالث فرأى بوجوب توزيع الإرث حسب العادات والتقاليد المتعارف عليها ولو كان في ذلك بعض الظلم، في اعتبار قسم رابع بأنه كل من يحرم الإناث من الميراث ظالما وأن على المرأة عدم التنازل عن إرثها.

كوثر العلي

وكان السؤال الرئيسي الذي يخص المبحوثات من النساء يتمحور حول هل ترك الأبوين أو الأقارب من الذين يحق لك أن ترثيه بعد وفاته أموالا منقولة أو غير منقولة أو أراضي.... وإذا كان قد ترك فهل ترثيه... فكان الجواب(لا)».

ويقول "البريجع": «هكذا خلص فريق البحث إلى أن الريف في "دير الزور" لا يورث الإناث وذلك بسبب العادات والتقاليد وكذلك بسبب طبيعة المرأة التي تتنازل هي عن حقها في الإرث، وهي لا تحصل على أبسط حقوقها في هذا الريف، وإن كان هناك أصوات كثيرة تطالب بتوريثها وإعطائها حقوقها ولكن ترجع إلى السبب الرئيسي وهي العادات والتقاليد وعكس ذلك في مركز المدينة حيث كان الاستطلاع يبين بأن المرأة ترث من الرجل كل شيء بما فيها المسكن والأموال والأراضي الأميرية والمحال التجارية والصناعية وكذلك الذهب والمجوهرات وذلك حسب الشريعة والقوانين النافذة وإذا لم تحصل على ذلك تلجأ إلى المحاكم وهي تطالب بحقها بنفسها حتى تحصل عليه».

صالح-بريجع

ولمعرفة رأي المرأة الريفية حول ما جاء في هذه الدراسة التقى eDair-alzor السيدة "بدرة الفهد" والتي قالت: «كل ما جاء في هذا البحث فيه نسبة من الصحة، فالمرأة لا تحصل على حقها من الميراث في ريف محافظة "دير الزور" وذلك تبعا للعادات التي تربينا عليها والتي تقضي بأن تتنازل المرأة عن حقها في الميراث لإخوتها، وإلا ستعتبر عاصية لرغبة والدها».

كما التقينا السيدة "كوثر العلي" من سكان "ديرالزور" والتي قالت: «إن المرأة في المدينة تحصل على حقها كاملا بما قسم الله، فإن أرادت أن تتنازل عنه كاملا أو جزءاً منه إلى أي شخص فهي تفعل ذلك بمحض إرادتها دون أن تجبر على ذلك».

يذكر بأن هذا الاستبيان جاء بتوجيه من وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، وقد أشرف على هذه الدراسة في "دير الزور" كلا من السيد "صالح بريجع" والسيدة "عفاف عبود" من مديرية الشؤون الاجتماعية.