إن كانت مكانة الفرد تقاس بالتغير الذي يمكن إحداثه في المجتمع فإن الشيخ "حسين الأزهري" يعد من أهم الأسماء في تاريخ "دير الزور" التي تستحق التوقف للدور الكبير الذي لعبه في نشر العلم والمعرفة سواء بشخصه أو من خلال العلم الذي غرسه في عقول طلبته.

eSyria التقى الباحث "غسان رمضان" الذي حدثنا بدايةً عن نسب الشيخ وأهم المراحل في مسيرة حياته فأفادنا بالقول: «ينتسب الشيخ الجليل "حسين الأزهري" إلى عشيرة "العزة" العربية، وقد ولد وفق ما تذكر المصادر التاريخية في العام 1810 م وقد بدأ رحلة طلب العلم صغيراً وحين أتم سن العشرين من العمر سافر إلى مصر قاصداً "الأزهر الشريف" ومنه حصل على اللقب الذي رافقه فيما بعد وهو "الأزهري"، أقام في مصر سنوات طوال، وحصل على الإجازات من كبار علماء "الأزهر" وحاز فيه مكانة كبيرة فكان شيخ ما سمي "الرواق البغدادي" وتخرج على يديه العديد من العلماء منهم "محمد عبده" مفتي الديار المصرية، غادر مصر متجهاً إلى فلسطين حيث أقام فيها سنوات عدة ثم انتقل إلى اسطنبول وتخرج علي يديه الكثير من العلماء خلال السنوات التي أقامها هناك، وفي عام 1902 م استقر في "دير الزور" وعين مفتياً فيها، ورغم تقدمه في السن إلا انه استمر في إعطاء دروس العلم وتخرج على يديه عشرات من العلماء فيها، جاء الشيخ "حسين الأزهري" إلى "دير الزور" في فترة زمنية حرجة وفي ظروف اجتماعية سيئة من حيث انتشار الفقر والجهل وكان العلم الديني والثقافة الدينية تكاد تكون معدومة حيث كانت تتمثل ببعض "الملالي" الذين كانوا يعلمون الصغار القرآن الكريم من خلال ما كان يسمى "الكتاتيب" وحتى هذه لم تكن في حالة جيدة وهنا تطوع "الشيخ الأزهري" لمحاربة الجهل والتخلف وبدأت رحلة التغيير في الوسط الذي أقام فيه من خلال دأبه وعزمه على نشر العلم متخذاً من مسجد "الحميدي" و"تكية الراوي" مكاناً لتحقيق هذه الغاية فكان يعلم القرآن والنحو والصرف».

توفي الشيخ "الأزهري" عن عمرٍ يناهز مئة وسبعة وعشرين عاماً وقد شيعه أهل الفرات بجنازة مهيبة، وتحول البيت الذي كان يقطنه إلى مسجد يعرف في "دير الزور" باسم "مسجد النور"

ولعل من يريد الاطلاع على التأثير الذي أحدثه هذا العالم الجليل في البنية الاجتماعية والثقافية في "دير الزور" يكفيه أن يعرف بعض الأسماء التي تخرجت على يديه والذين شكلوا نواة حركة التنوير فيما بعد في "دير الزور" وقد عرض لبعض هذه الأسماء السيد "حيدر محمد سعيد العرفي" والذي يعد أهم من درس سيرة الشيخ "الأزهري" وبحث في تفاصيل حياته، وذلك من خلال المقال الذي نشرته مجلة "منارة الفرات" في العدد 2 صفحة 4 حيث قال:

الباحث غسان رمضان

«التف حوله طلاب العلم فاستفادوا وأفادوا وتخرجوا على يديه علماء وأفاضل وأجلاء شغلوا المناصب في الإفتاء والقضاء والتدريس والمحاماة والوظائف بشكل غطى المنطقة كلها منهم الشيخ "محمد سعيد العرفي" مفتي محافظة "الفرات" بعد وفاة شيخه، وعضو ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى في سورية وعضو المجمع العلمي العربي "بدمشق"، وصاحب المؤلفات العديدة والمواقف الشهيرة والشيخ "عبد الرحمن الطبال" من وجهاء "دير الزور" كان مزارعاً وتاجراً محترماً، وعمل كأمين للفتوى على عهد شيخه ومنهم الشيخ "عبد القادر ملا حويش العاني" القاضي الشرعي "بدير الزور" وصاحب تفسير "بيان المعاني" والشيخ "حمادي الشعيبي" قاضي "الميادين" والشيخ "ملا محيمد الخرسا" مفتي "البوكمال" والشيخ "محمد رشيد الخوجة" مفتي "الرقة" و"ملا نهر" مفتي "الحسكة"...».

وحول وفاته حدثنا الباحث "زهير العلي" بالقول:

«توفي الشيخ "الأزهري" عن عمرٍ يناهز مئة وسبعة وعشرين عاماً وقد شيعه أهل الفرات بجنازة مهيبة، وتحول البيت الذي كان يقطنه إلى مسجد يعرف في "دير الزور" باسم "مسجد النور"».