باحث وخبير زراعي قدم لبلده "سورية" ولمدينته "دير الزور" الكثير في مجال البحوث العلمية الزراعية، وذلك من خلال التجارب التي نفذها ميدانياً من جهة، ومؤتمرات ومعارض شارك فيها من جهة أخرى.

في وثيقة مكتب القطن بـ"حلب" رقم 2264/15 بتاريخ 24 أيار 1992، جاء فيها: (عمل المهندس "غسان المحمد الشيخ الخفاجي" الحائز على إجازة في العلوم الزراعية من جامعة "حلب" عام 1981م في مجال بحوث القطن، التي تقوم بها مديريتنا في محافظة "دير الزور" لمدة تزيد على عشر سنوات، وشارك في دراسة الظواهر الفسيولوجية على نبات القطن، وكذلك في تربية الصنف "دير الزور 22" الذي يزرع حالياً في المحافظة، وقد أبدى نشاطاً ملحوظاً واهتماماً في البحث العلمي، وكذلك اتبع دورة تدريبية في مركز التدريب الدولي في "بلغراد" لمدة تزيد على الثلاثة أشهر عام 1989).

كنت أحد مربي ومنتجي صنف القطن "دير الزور 22"، وهو صنف مقاوم للحرارة العالية، حيث تم اعتماده بدلاً من الصنف "حلب 40"، حيث زاد إنتاج القطن وازداد المردود، واستطاعت "سورية" منافسة الدول التي تزرع القطن من حيث الجودة والإنتاج والمردود في وحدة المساحة، بعد أن كانت "سورية" في الخمسينيات على نهاية سلم الدول في هذا المجال، لتصعد وتحتل المركز الثاني والثالث عالمياً في عقد التسعينيات، ومن ثم احتلت المرتبة الأولى عالمياً موسم 1998

مدونة وطن "eSyria" تواصلت عبر الإنترنت مع المهندس الزراعي "غسان الشيخ الخفاجي" بتاريخ 20 آب 2014، ليحدثنا عن أهم إنجازاته في مجال البحوث العلمية الزراعية، ويقول: «كنت أحد مربي ومنتجي صنف القطن "دير الزور 22"، وهو صنف مقاوم للحرارة العالية، حيث تم اعتماده بدلاً من الصنف "حلب 40"، حيث زاد إنتاج القطن وازداد المردود، واستطاعت "سورية" منافسة الدول التي تزرع القطن من حيث الجودة والإنتاج والمردود في وحدة المساحة، بعد أن كانت "سورية" في الخمسينيات على نهاية سلم الدول في هذا المجال، لتصعد وتحتل المركز الثاني والثالث عالمياً في عقد التسعينيات، ومن ثم احتلت المرتبة الأولى عالمياً موسم 1998».

الباحث غسان الشيخ الخفاجي يتسلم شهادة تقدير في المركز الدولي ببلغراد

ويضيف: «شاركت أيضاً في العديد من تجارب الظواهر الفسيولوجية على نبات القطن في "دير الزور" خاصة تجارب "الشمرخة"، وقمت أيضاً بتجارب تخص عدد "ريات" القطن وكميات المياه المستهلكة في الدونم خلال موسم الزراعة، وكانت لي مشاركة في تجارب الكثافة النباتية ومسافات الزراعة وعدد النباتات في وحدة المساحة، وتجارب عن مواعيد الزراعة وعلاقتها بإنتاج القطن وتجارب تسميد القطن والكميات والمواعيد، إضافة إلى تجارب مقارنة الأصناف والتجارب في تربية بعض الأصناف، كما عملت مشرفاً ومتابعاً لبحوث حشرات القطن وأعددت الكثير من الأبحاث العلمية، وكنت مهتماً بالعمل الميداني في حقول القطن وخاصة عند نثر البذار واختيار المواقع الأنسب واختيار المزارعين كي لا يحدث خلط لصنف القطن يؤدي لتدهور الصنف وقلة الإنتاج».

وبيّن "الخفاجي" دور مكتب القطن في البحوث العلمية وزيادة الإنتاج، ويقول: «أُحدث مكتب القطن بالمرسوم التشريعي رقم 83 بتاريخ 23 كانون الثاني 1952، وكان له دور كبير في تطوير زراعة القطن في "سورية" وإيجاد أصناف محلية، وكان يتبع له "مهرجان القطن" الذي أحدث بالقانون رقم 127 بتاريخ 23 آب 1958، وهذا المهرجان مقره الدائم مكتب القطن بـ"حلب"، ويضم كرنفالات ومهرجانات سنوية في المدينة ويوزع مكافآت للمزارعين الأوائل، وخصص للمهرجان ميزانية مستقلة تقتطع من الإنتاج بمعدل قرش سوري لكل كغ، وكانت تستخدم للصرف على المهرجان والأعمال البحثية وأنشئت محطات تجارب القطن في المحافظات التي تزرع محصول القطن، وكانت أصناف القطن المزروعة تستورد بالعملة الصعبة وليست ملائمة للظروف البيئية، وأهم تلك الأصناف "كارولينا كوين"، و"لون ستار" و"كوكر"، وانتشر مرض "ذبول القطن" وتدهور الإنتاج، وقام مجموعة من الباحثين في المكتب وعلى رأسهم الدكتور العالم "عبد الرحيم الشامي" مدير مكتب القطن في الستينيات والسبعينيات، بإنتاج صنف محلي مقاوم سماه "حلب 1" وذلك عام 1968، وجاء بعده "حلب 4"، ومن ثم "حلب 40" الذائع الصيت».

ويتابع : «تطورت خطط وبرامج قسم التربية في مكتب القطن لإنتاج أصناف محلية؛ وذلك بزراعة الأصناف التي كانت تزرع بالماضي في حقول التجارب، والقيام بعمليات التهجين والانتخاب وإدخال بذور أصناف من دول زراعة القطن ربما بضع حبيبات لإدخالها في برامج التطوير وزيادة بنك مورثات الأصناف، وفي عقد السبعينيات جاء الدكتور العالم "فريد خوري" ليقدم مزيداً من الدعم لمحطات الأبحاث تلك، وتطوير برامج التربية والمحطات ودعم الباحثين، وأخذ على عاتقه تقديم ما يلزم لتطوير الأصناف وزيادة الإنتاج، فكان قسم التربية ومحطاته البحثية كخلية النحل، وتطورت الأصناف وتعددت وكانت هناك الكثير من السلالات المبشرة، والوصول لمرحلة صنف ومنها "رقة 5" الملائم للقطاف الآلي، والقطن الملون حاجة السوق العالمية لملبوسات خالية من الصباغة وخيوطها طبيعية، و"دير الزور 22" المقاوم للحرارة العالية».

وكان لنا لقاء مع الباحث "خالد الفرج"، الذي حدثنا عن المهندس الزراعي "غسان الشيخ الخفاجي"، ويقول: «عرضت عليه وسنحت له فرص كثيرة للعمل خارج محافظته وخارج البلاد في فترة التسعينيات، فرفضها وصمم على البقاء لخدمة البحث العلمي في "سورية"، أجريت معه عدة لقاءات ونشرت في الصحافة على مستوى المحافظة والقطر، وقد أحيل إلى التقاعد الصحي في بداية عام 2000 بعد مدة قاربت العشرين عاماً من النشاط والحيوية قضاها في البحث العلمي والعمل الميداني، زار عدة دول عربية وأجنبية بقصد البحث العلمي والسياحة أو لحضور معارض زراعية، وكان يقضي أوقات فراغه في مطالعة الكتب الأدبية والعلمية والتراثية، واهتمامه بالتراث يعود لمتابعاته الميدانية لمدة تقارب العشرين عاماً متنقلاً في قرى "وادي الفرات" والمرور بحضاراتها، واحتكاكه المباشر أكسبه التعرف عن قرب على العادات والتقاليد وعن الحاضر والماضي للمنطقة».

جمل من القطن في كرنفالات القطن في حلب

الجدير بالذكر أن المهندس الزراعي "غسان الشيخ الخفاجي" من مواليد "الجبيلية" في محافظة "دير الزور" عام 1956، درس المرحلة الإعدادية والثانوية في المدينة، ثم تخرج في جامعة "حلب" كلية الهندسة الزراعية عام 1981، وله مخطوط بعنوان "القطن وأهمية المكافحة المتكاملة"؛ وهو من الكتب القيمة عن واقع القطن في "سورية" بشكل عام وفي محافظة "دير الزور" بشكل خاص، ويشرح الكتاب معنى المكافحة المتكاملة، كما له مخطوط آخر بعنوان "كسر البادية" ويوضح بالصور التي أعدها مشكلة الفلاحات العشوائية وحفر الآبار المتزايد، والحلول والإجراءات التي تبقي البادية واحة خير وعطاء.