تعتمد الشاعرة "أمل المناور" اللغة البسيطة البعيدة عن الضبابية لإيصال قصيدتها إلى أكبر شريحة ممكنة، وبذات الوقت القصيدة لديها ملأى بالمعاني العميقة المفعمة بالإنسانية والحالات الوجدانية.

مدونة وطن "eSyria" التقت "أمل المناور" بتاريخ 5 كانون الأول 2018، وتحدثت عن بداياتها قائلة: «حكايتي مع الشعر بدأت منذ الصغر، حيث إن والدي شاعر اسمه "محسن المناور"، ويعدّ من شعراء منطقة "الفرات" السورية المعروفين، وكنت كثيراً ما أراه وهو يكتب الشعر وأستمع إليه وهو يلقيه، فأتخيل نفسي أنني سأكتب الشعر وألقيه. هكذا بدأ هاجس الشعر يكبر معي كلما كبرت، كما قرأت لكبار الشعراء مثل: "نزار قباني"، و"محمود درويش"، وغيرهما، كما أن دراستي في كلية الآداب قسم اللغة العربية قربتني أكثر من فنون اللغة وجمال تراكيبها، ومن ذلك الحين أكتب الأشعار، لكن لا أجرؤ على نشرها حتى التقيت بعض الأصدقاء الشعراء الذين شجعوني على النشر».

إلى الآن أعدّ الومضة دخيلة على الشعر العربي، ونترك الزمن ليحدد إن كانت تستحق أن تصنّف ضمن ألوان الشعر العربي أم لا

للشاعرة مجموعتان هما: "لا تكترث بالعابرين"، و"هكذا غنّى الفرات"، حيث تقول عنهما: «لا أظنّ أن هناك ثمة فارق بين الديوانين، فالثاني امتداد للأول، خصوصاً أنه لا يوجد فارق زمني طويل بين الاثنين، ربما فقط تجد بعض التطور من حيث الأسلوب والصياغة، وذلك لمثابرتي على القراءة ومتابعة كل جديد في عالم الشعر».

محمد خالد الخضر

تكتب "المناور" كل أنواع القصيدة، وهنا تقول: «الشاعر لا يجد نفسه في نمط معين من الكتابة "موزون، تفعيلة، نثر"، لكنه يجد نفسه في الفكرة التي يريد طرحها، وقدرته على تجسيد هذه الفكرة على الورق، وعليه فإن روح القصيدة وليس نمطها هي التي تكون مرآة تعكس شاعرية الشاعر. في "سورية" اليوم العديد من الشعراء والشاعرات المتميزين والرائعين أيضاً، لكن -يا للأسف- إلى جانب هؤلاء تزدحم الساحة الشعرية بالمتطفلين والمتطفلات الذين لا يفقهون من الشعر شيئاً، ويريدون أن يصعدوا على حساب المشهد الشعري السوري، فتكون النتيجة أنهم يشوّهون هذا المشهد ويسيئون له».

وحول الساحة النقدية في بلدنا، تقول: «لا أظنّ أن لدينا نقداً أدبياً موضوعياً يقوم على أسس ومعايير أدبية دقيقة ومدروسة، فأغلب النقد عبارة عن انطباعات وردود أفعال».

مناور بإحدى امسياتها

لا تجد "أمل المناور" فرقاً بين الأدبين الذكوري والأنثوي، حيث تقول: «لا أرى فرقاً بين ما يكتبه الذكور وبين ما تكتبه الإناث من شعر من حيث المواضيع، لكن ربما المفردة عند الشاعرة تكون أكثر رقة ونعومة؛ وذلك بسبب طبيعة المرأة، لكونها تتفوق على الرجل في مجال العاطفة؛ فتكون مفرداتها عاطفية أكثر».

مازالت قصيدة الومضة تثير جدلاً بين الأدباء، فهناك من يضعها في صف الشعر، وهناك من يجدها خارج السياق تماماً، و"المناور" من الرأي الثاني، حيث تنهي حديثها بالقول: «إلى الآن أعدّ الومضة دخيلة على الشعر العربي، ونترك الزمن ليحدد إن كانت تستحق أن تصنّف ضمن ألوان الشعر العربي أم لا».

غلاف المجموعة

من قصيدتها "سر السعادة" جاء فيها:

"فتشت عن سر السعادة مثلما..

الصحراء تبحث عن غيوم في السماء فوجدتها لا المال يمنحها لنا..

لا الجاه يعتبر المنى مغنما لكن أخاك إذا فقدت وجوده..

الكون كل الكون فيك جهنما...".

"محمد خالد الخضر" صحفي وناقد، يقول: «"أمل المناور" شاعرة تكتب بموهبة رائدة، وهذا معيار وجود الشعر؛ فهي تكتب بضمير شفاف؛ لا تذهب إلى ما يجرح النفس عندها وعند الآخر، وهذا نتاج تربية اجتماعية. وثمة ما هو مهم لديها أيضاً لكونها تتوخى الحذر كي لا تذهب إلى متاهة فنية أو لغوية، وعروض قصيدتها كامل، ولغتها سليمة، ودلالاتها بنيوية، فهي تقدم النص المقنع الذي يأخذ مكانه بجدارة».

وأضاف: «ما يميّز نصّها تلك العفوية الدافقة التي تأتي خلال تدفق عاطفي إنساني يدل على عدم التكلف، ولا سيّما أنها كثيراً ما تتأثر بأصالتها وبيئتها النقية».

الناقد "أحمد هلال"، قال: «"أمل المناور" شاعرة الفطرة المركبة، عبر اختباراتها واختياراتها الشعرية انطلاقاً من تأثيث المكان "دير الزور" في الوجدان والوعي الجمعي، وصولاً إلى تأصيلها لقصيدتها بوعي لحظتها الحداثية، وصوتها الصافي كما تجربتها الجمالية مع اللغة جعلا موهبتها الأصيلة المحمولة على ثقافة الشعر والإبداع تحجز مكاناً لها في المشهد الشعري السوري، وليس النسوي فقط، بما احتواه من مكابدة وأسلوب يليق بها. هي الفراتية تشكيلاً ورؤية، تعبر إلى ضفافها الإبداعية بوعي مضاف؛ هو وعي تجربتها الشعرية والشعورية، وقصائدها تمثّل صوت ذاتها ورؤيتها من العالم، عبر تنوع أغراضها الشعرية، وشعريتها التي تقرأ فيها كل تجلياتها وضروب مغامرتها المعرفية؛ وهو ما جعل من تفرّدها وخصوصيتها قيمتين مضافتين إلى القصيدة السورية وهواجسها الأصيلة».

يشار إلى أن "أمل المناور" ابنة مدينة "دير الزور" من مواليد "الكويت" عام 1985 بحكم عمل والدها هناك حينئذٍ، أقامت العديد من الأمسيات الشعرية في المراكز الثقافية بمختلف المناطق السورية.