يعد أكبر احتياطي من مادة الإسفلت في "سورية"، تدور حوله عدة أساطير تقول إن سفينة نوح ارتطمت به قبل أن تستقر على الأرض، واستوطنه الإنسان القديم؛ فقد دلت عليه بعض القبور القديمة.

إنه "جبل البشري"، مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 30 تشرين الثاني 2013 المهندس الجيولوجي "فواز العبد الله" من أهالي مدينة "دير الزور"، الذي قال: «يعدّ جبل "البشري" ثروة اقتصادية فهو من أجمل المناطق وخاصة السياحية؛ فحبات الرمال ذات ألوان متعددة، لكل فترة من النهار لون معين ففي الصباح تنعكس أشعة الشمس بخيوطها على الأرض ليبدو لونها كالأخضر، وفي منتصف النهار يميل لونها إلى الأصفر، أما عند المساء فمن يشاهد منظر غروب الشمس لا يمكنه نسيانه، كما دلت المكتشفات الأثرية على أن المنطقة سكنها الإنسان القديم حيث عثر على مقابر تعود إلى عصر البرونز القديم، كما تم اكتشاف مادة الإسفلت الطبيعي في منطقة جبل "البشري" الذي قدر مخزونه الاحتياطي من 50 إلى 60 مليون طن ويلبي احتياجات "سورية" من هذه المادة خمسين سنة قادمة».‏

يعد جبل "البشري" علامة فارقة في المحافظة يتجاوز حدوده الجغرافية ودوره في الحياة الاقتصادية ليدخل في الثقافة الشعبية والذاكرة الجماعية التراثية للمحافظة إذ تدور حول الجبل أسطورة تقول إن سفينة نوح عليه السلام قد ارتطمت بقمة جبل "البشري"؛ فكان ذلك بشرى بدنو السفينة وحلول السلام على الأرض ولذلك سمي الجبل باسمه المبارك

وذكرت مجلة جامعة "دمشق" للعلوم الهندسية حول "إسفلت البشري" للدكتور "أندراوس سعود" بالقول: «أن تطور الاقتصاد الوطني ونموه يعتمد بشكل كبير على استغلال جميع الثروات الوطنية المتواجدة في بلادنا سواء كانت باطنية أم سطحية، ما دفع إلى التفكير بتوفير البدائل المحلية التي يمكن استخدامها في إنشاء طبقات الرصف الطرقية، وفي صيانة الشبكة الطرقية من دون اللجوء إلى الاستيراد الذي يكلف الدولة ملايين الدولارات كما تقدر مساحة انتشار للمادة تصل إلى 60كم مربع وباحتياطي تقديري يصل إلى 100 مليون طن وتصل نسبة الرابط البيتوميني في الإسفلت إلى 22% وهي نسبة توفر احتياطياً كبيراً».

جبل البشري من غوغل إيرث

ويضيف البحث: «إن احتياطي جبل "البشري" من الإسفلت الطبيعي ثروة كامنة وتغطي احتياطات القطر لعقود من الزمن، لكون البيتومين الطبيعي يتوضع على شكل جبل يدعى "البشري" وهو عبارة عن توضعات طبيعية من الرمال الكوارتزية المخلوطة مع البيتومين الطبيعي؛ وهو موجود بشكل متكشف على وجه الأرض في بعض الأحيان وفي أحيان أخرى تكون مغطاة بطبقة رملية خفيفة يمكن إزالتها بسهولة».

ويتابع "سعود": «يشكل الإسفلت في "البشري" طبقتين رئيسيتين هما: الطبقة السفلى والعليا، وتتراوح سماكة الطبقة السفلى من 0 إلى 13م وتبلغ سماكتها الوسطية 4.62م، أما الطبقة العليا فتتراوح سماكتها بين 0 إلى 9م وسماكتها الوسطية 3.22م؛ وتشغل هاتان الطبقتان مساحة قدرها حوالي 4 كم2 وتتناقص سماكتها بصورة عامة من القسم المركزي للقبة نحو الأطراف، وما يميز خصائص إسفلت "البشري" أنه يحتوي على 83-85% وزناً من الرمال و15-17% من البيتومين، أما من حيث الاستخدامات الممكنة فهو يستخدم في إنتاج الخلطة الإسفلتية لتعبيد الطرق، كما يستخدم في تصنيع المعجون الإسفلتي كعازل مائي، وفي توليد الطاقة الكهربائية، وفي إنتاج المشتقات النفطية».

التنقيب في قرية رحوم

وعن روايات التسمية أشار الباحث "حيدر نعيسة" في كتابه "عين علي" بالقول: «يعد جبل "البشري" علامة فارقة في المحافظة يتجاوز حدوده الجغرافية ودوره في الحياة الاقتصادية ليدخل في الثقافة الشعبية والذاكرة الجماعية التراثية للمحافظة إذ تدور حول الجبل أسطورة تقول إن سفينة نوح عليه السلام قد ارتطمت بقمة جبل "البشري"؛ فكان ذلك بشرى بدنو السفينة وحلول السلام على الأرض ولذلك سمي الجبل باسمه المبارك».

ومن الناحية الأثرية أشار الآثاري "رامز علوان" بالقول: «يتحدَّر من منطقة جبل "البشري" شعب الأموريين، وهم بدو سيطروا لفترة من الزّمن بالقدم على وسط وجنوب بلاد ما بين النهرين، وقد كان الجبل موطنهم الأصليّ وكان يرتبط ذكره بهم، كما كان أحد آلهتم وهو "بيسير" منسوباً في اسمه إلى جبل "البشري"، وفي 2007 بدأت "البعثة الأثرية السورية اليابانية المشتركة" التنقيب في منطقة "البشري"، فأجرت أربعة نشاطات: الأول: سبر أولي لموقعي "رجم الحداجة وبئر رحوم"، والثاني: مسح مقابر العصر البرونزي القديم في "تل غانم العلي"، والثالث: إجراء مسح جغرافي وجيولوجي لـ"غانم العلي"، وأما الأخير: فهو مسح لمواقع العصر الحجري الحديث في المنطقة».

وعلى بعد 55كم جنوب غرب "دير الزور" يقع جبل "البشري" وسط صحراء "بادية الشام"، ودلت المكتشفات الجغرافية على وجود أكبر احتياطي من مادة الإسفلت بـ 100 مليون طن.