يقصده الزوار بنية زيارة أهل الله، وهناك من يأتيه ويدعو الله بالشفاء عنده، وآخرون يقصدونه علهم يجدون مخرجاً لمشكلة ما واجهتهم، وأناس آخرون يقدمون النذر والهبات إن تحققت أمانيهم، وقسم من النساء يأتين مع أطفالهن لطرد الحسد عنهم ولتحصينهم مما يسمونه الإصابة بالعين.

إنه مزار الشيخ محمد السائح الملقب "أبو عابد"، المقصود من قبل سكان دير الزور وزوارها على حد سواء، والذي يقع وسط "دير الزور" في شارع "ستة إلا ربع"، ويقدر عمره الزمني بأكثر من 700 عام، "eSyria" التقى بتاريخ 4/1/2012 المدرس "أحمد خليفة" أحد زائري المزار من قرية "البوخابور" والذي بين سبب مجيئه إلى المزار بالقول: «منذ أسبوع حدث لي مصيبة كادت تودي بحياتي، فقررت المجيء إلى المزار والتقرب من الله».

منذ أسبوع حدث لي مصيبة كادت تودي بحياتي، فقررت المجيء إلى المزار والتقرب من الله

وللتعرف على المزار التقينا الحاجة "بدرة المحمود الشيخ عطية" لتحدثنا عنه بالقول: «منذ 75 عاماً ولدت في هذا البيت المجاور للمزار، والذي يعود إلى أجدادي الشيخ "محمد السائح" المهاجر من "البصرة" ثم "بغداد"، إلى أن استقر في "دير الزور" منذ 700 عام تقريباً، والقبران الآخران "للشيخ عطية" وولده "أحمد"، ويعتبر الشيخ "أبو عابد" جد "البكارة" بعد أن تزوج من فتاة "ديرية" وأنجب منها أولاداً، ولما كبروا توسعت العائلة إلى أن أصبحت قبيلة "البكارة"».

من زوار المزار

الباحث الاجتماعي السيد "مازن شاهين" ليحدثنا عن مزارات "دير الزور" ومن أين جاءت تسميتها وأماكن تواجدها؟ والذي قال: «هناك عدة مزارات في "دير الزور" وريفها، أما مزار الشيخ أبو عابد فيقع في شارع ستة إلا ربع، ويعود إلى "محمد بن عبد الله الحسيني" من مواليد عام \728\ هــ الذي خرج سائحاً للدعوة إلى الله تعالى وذلك بعد سقوط "بغداد" على يد المغول، فذهب متنقلاً بين "اليمن وسورية" إلى أن استقر في "دير الزور" وحضرته الوفاة عام \794\ هجري».

أما عن شكل المزار فقال "شاهين": «المزار عبارة عن غرفة مبنية من الإسمنت المسلح تعلوها قبة إسمنتية على كاملها، ويوجد بها نافذتان ومدخل واحد تحتوي على قبرين أحدهما للشيخ "أبو عابد" واثنان لأحد سدنة المقام ويقع خلف جامع "أبو عابد"».

ويذكر الباحث "عمر صليبي" مزار "الشيخ أنس" في مدينة "الميادين" بالقول: «يقع على قمة جبل يعرف باسم جبل "الطار"، يتألف من غرفة لها قبة مبنية من حجر الفخار المشوي، بطول ستة أمتار وبعرض 3 أمتار، وهناك منبر في الجهة الجنوبية يدل على اتجاه القبلة، ينسب المقام إلى "أنس بن مالك الأنصاري"، ويوجد على القبر قطعة خضراء من القماش لتدل على أنه من السادة الحسينية، كما يوجد على سطح القبر حفرة صغيرة جهة الغرب عند الرأس مملوءة بالملح، اعتاد الناس بعد الدعاء وقراءة الفاتحة على روحه أن يتناولوا قليلاً منه ويسمونه ملح البركة، وهناك مزاران آخران في "الميادين" هما مزار الشيخ "شبلي" والشيخ "سريج"».

ويضيف بالقول: «المزارات لا يستطيع أحد أن يحدد تاريخها فمنهم من يقول إنها منذ عهد المماليك واستمرت إلى العصر العثماني، وآخرون يرون أنها أنشئت في أوائل العصر العثماني لأناس مجهولين ولكنهم صالحون ولا يعرف الناس سوى أسمائهم ومنهم من رأى فيها مزاراً لا يعود لأكثر من مئة عام ومع ذلك تظل المزارات دلائل فكرية ودينية على حقبة زمنية مضت».

ملح البركة

الباحث "زهير العلي" ربط تاريخ "دير الزور" بالمزار فقال": «هناك كثير من الآراء التي تقول بأن "الدير" مدينة حديثة، لكن هي على العكس تماماً فمزار الولي "محمد السائح" أكبر دليل على أن المدينة قديمة وتعود إلى آلاف السنين».

السيدة "نور العلي" إحدى قاصدات المزار تحدثت عن طقوس وعادات زيارة المزار فقالت: «من الطقوس والعادات التي كنا نلتزم بها أثناء زيارة المزار والتي كان أهلنا سابقا يحرصون على القيام بأدائها، أن يتم تقديم النذر والهبات للمزار، وكذلك تقديم الطعام وتوزيعه على الموجودين في المزار، والاستفادة من التواجد قرب المزار بالتضرع والدعاء إلى الله لقضاء الحوائج».