يعكس أرشيف "ماري" واللقى الأثرية الموجودة صورتها التجارية المميزة، حيث كانت مركزاً وصلة وصل وبوابة مرور بين العديد من البلدان في الألف الثالث قبل الميلاد...

مدونة وطن "eSyria" التقت الباحث "كمال الجاسر" بتاريخ 20 كانون الأول 2013، الذي تحدث عن مملكة "ماري" وموقعها التجاري وقال: «تميزت "ماري" بموقعها الاستراتيجي وإمكاناتها الاقتصادية وفعالياتها الحضارية وصلاتها المختلفة بممالك الشرق القديم، ويذكر الباحثون أنها كانت ميناء شهيراً على نهر "الفرات" وبوابة مرور للتجارة بين بلاد الرافدين وبلاد الشام، وهذا منحها مكانة تجارية ضخمة أسست لقيام مجتمع مدني حضاري متطور، ويبرز ذلك في كون المدينة قد بنيت عاصمة ملكية عبر تخطيط عمراني دقيق وعلى شكل دائري بقطر يبلغ تسعة عشر كيلو متراً، يبدأ من السور الذي يحيط بالمدينة عدا جهة النهر الذي يتصل بمركزها عبر قناة مائية تخترق الدائرة تسهل وصول السفن إلى المرفأ».

كان خط تجارتها يتجه شرقاً إلى "الرافدين"، ولاسيما في النصف الأول من الألف الثالث قبل الميلاد، وهذا ما يمكن ملاحظته سواء لجهة الفخار أم المنحوتات التي عثر عليها وهي تحمل صفات رافدية في الشكل والروحية، وبالتالي فإن حركة التفاعل في تلك الفترة كانت ذات اتجاه رافدي أكثر من اتجاهها إلى العمق الغربي الشامي، لذا فإن المعطيات الأثرية والتاريخية تشير إلى أن "ماري" كانت الوسيط الأهم في علاقاتها مع مدن الجناح الشرقي للمشرق

ويتابع: «كان خط تجارتها يتجه شرقاً إلى "الرافدين"، ولاسيما في النصف الأول من الألف الثالث قبل الميلاد، وهذا ما يمكن ملاحظته سواء لجهة الفخار أم المنحوتات التي عثر عليها وهي تحمل صفات رافدية في الشكل والروحية، وبالتالي فإن حركة التفاعل في تلك الفترة كانت ذات اتجاه رافدي أكثر من اتجاهها إلى العمق الغربي الشامي، لذا فإن المعطيات الأثرية والتاريخية تشير إلى أن "ماري" كانت الوسيط الأهم في علاقاتها مع مدن الجناح الشرقي للمشرق».

وعن أهم التبادلات التجارية التي كانت تجري في المملكة تحدث المدرّس "عايد العلي" بالقول: «أمدتنا مملكة "ماري" بمعلومات كثيرة حول التجارة الدولية، وكانت مركزاً تجارياً هاماً لصناعة "البرونز"، ويمكن الحصول عليه بكميات كبيرة عن طريق الاستيراد من بلاد العراق عبر "ماري" و"حلب"، وازدهرت في المملكة أيضاً تجارة "القصدير" حيث كان يستخرج من مواقع شمال غرب "إيران"، فلعبت "ماري" في القرن الثامن عشر دوراً أساسياً في تصديره إلى مدن المشرق مثل: "حلب وكركميش وقطنة وحاصور"، حيث كان يخّزن في مستودعات قصر "ماري"، أما القصدير العابر في أرض المملكة فكان يخضع لضريبة عبور، إضافة إلى "النبيذ" الذي كان يأتي إلى "ماري" من مملكة "يمحاض"، أيضاً "السمسم" القادم من مدن فلسطين عبر الفرات إليها، و"النحاس" الذي كان ينتقل من الأناضول عبر "يمحاض" إلى "ماري"، ويرتبط مع كل هذا وفي موازاة المبادلات التجارية عامل آخر يختص بعائدات المرور للقوافل التجارية البرية والنهرية، التي حققت منها "ماري" أرباحاً خيالية، وهذا ما نطلق عليه اليوم مصطلح "الجمارك" على البضائع والسلع العابرة».

وفي كتاب "اقتصاد مملكة ماري" تحدث الكاتب "علم الدين أبو عاصي" عن التجارة فيها وقال: «كان لها دور هام في التجارة بين بلاد ما بين النهرين و"سورية"، وتركزت التجارة بيد القصر الملكي، الذي جنى أرباحاً كبيرة من المواصلات التجارية وتجارة المرور، حيث يظهر الملك في وثائق "ماري" الرسمية مرات عديدة وهو يرأس تسليم المعادن الثمينة إلى الصياغ، ويدقق العمليات في مكان يشبه الديوان، وهو صاحب اليد العليا في جمع نفقات الدولة ومنح الهبات، وترسل إليه الهدايا، ويُسلم أموال الضرائب، ويدخل في عمليات المساومة ويشرف على الصفقات والمبادلات التجارية».

مملكة ماري