موقع أثري هلنستي، مستعمرة عسكرية سلوقية، لعبت دوراً مهماً على طول نهر "الفرات"، أسس في القرن الثالث ق.م على أرضية عذراء، وضم مدينة سكينة وقصر ومعبد ومقبرة..

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 5 حزيران 2014، الآثاري "عقبة معن" الذي تحدث عن موقع "جبل خالد" ويقول: «يتكون هذا الموقع من مدينة عسكرية وسكنية تعود إلى الفترة الهلنستية وجدت خلال أعمال التنقيب الأثرية التي جرت خلال المواسم الأخيرة في الموقع، حيث تم الكشف عن أربع مراحل أثرية، المرحلة الأولى وهي الأبكر، تعود إلى نهاية القرن الرابع قبل الميلاد زمن تشييد جدار المدينة المرتفعة حتى بداية القرن الثالث ق.م، أما المرحلة الثانية فتبدأ من نهاية القرن الثالث وحتى بداية القرن الثاني ق.م. والمرحلتان الأخيرتان الثالثة والرابعة فتعودان إلى نهاية القرن الثاني ق.م وحتى نهاية الفترة الهلنستية».

اكتشف الموقع في مطلع الثمانينيات، أثناء حملات الإنقاذ الأثرية لبناء سد "الفرات" التي قامت بها البعثة الاسترالية بإدارة "غرايم كلارك"، ودلت المكتشفات على وجود مدينة محصنة بسور ضخم، يبلغ طوله 4كم مزود بـ28 برجاً مربعاً، تبلغ مساحتها هكتارين ضمت بقايا قصر ومنازل

ويضيف: «أظهرت أعمال التنقيب الأثرية أن الموقع كان مستعمرة عسكرية سلوقية، إضافة إلى أنها موقع حراسة لهذه المنطقة الاستراتيجية شمال "سورية"، عُثر فيها على العديد من اللقى الأثرية من بينها عدد من السروج وذلك في المنطقة السكنية، وجاءت نماذجها وفق أربعة أنواع مصنوعة على عجلة تعود إلى القرنين الثالث والثاني ق.م، ومن اللقى أيضاً طبعات أختام هلنستية ذات مواضيع مختلفة تتضمن مراسلات رسمية تجارية أو إدارية، إضافة إلى كتابات ورسوم جدارية عثر عليها في حالة سيئة جداً، وعينات صغيرة من الحلي الزجاجية، وكذلك بعض الأنواع من الطاسات الزجاجية العائدة للفترة نفسها».

الآثاري عمار مهدي

أما الآثاري "عمار مهدي" والمهتم بآثار منطقة "الفرات" فيقول: «اكتشف الموقع في مطلع الثمانينيات، أثناء حملات الإنقاذ الأثرية لبناء سد "الفرات" التي قامت بها البعثة الاسترالية بإدارة "غرايم كلارك"، ودلت المكتشفات على وجود مدينة محصنة بسور ضخم، يبلغ طوله 4كم مزود بـ28 برجاً مربعاً، تبلغ مساحتها هكتارين ضمت بقايا قصر ومنازل».

ويضيف: «عملت البعثة الاسترالية من جامعة "ملبورن" في الموقع منذ عام 1984م وحتى الآن، وقد تركزت أبحاثهم الأولى حول الاكتشافات الأثرية التي تتضمن سجلات البوابة الرئيسية، وأحد الأبراج الثمانية والعشرين من الجدار الدفاعي (البرج الشمالي الغربي)، وقصر الحاكم الموجود ضمن الأكروبول، ووحدات التخزين المغطاة بقطع فخارية من الموقع، كذلك مواد العزل الكاملة للمنازل المحلية، والأبنية العامة التي تتضمن المعابد، وتطلب بناء قصر الحاكم منطقة واسعة لتشييده، أي إنه امتد على مساحة واسعة جداً بلغت مساحته 2750م2، ويتألف البناء من 30 غرفة، نظمت حول فناء مركزي كبير ذي أعمدة من النوع الدوري».

من عمليات التنقيب في الآثار

ويتابع: «توزعت الغرف بشكل منفرد، وتظهر معظم جدرانها مطلية وملونة، توجد في الجهة الشرقية غرف تحوي مداخل كبيرة وحمامات، أما الجهة الجنوبية فتحوي بضع غرف كبيرة، والجهة الشمالية تضم 8 غرف أصغر حول ردهة مركزية مزينة بغزارة، يبدو أنها كرست تماماً لإعداد واستهلاك الطعام، وخلال أعمال التنقيب تبدو الغرف الأصلية ثرية نوعاً ما لأنها احتوت على أختام رسمية فُسرت كمناطق رسمية إدارية».

وبيّن الآثاري "مقداد شعيب" بالقول: «وجد في الموقع معبد بني بتركيب خاص، يتألف من هيكل يتقدمه ستة أعمدة في كل من الجبهة والأروقة الخلفية، استخدمت الأعمدة الصغيرة للأماكن ذات السطوح القصيرة نسبياً، أما أبعاد الهيكل لمعبد "جبل خالد" فتبلغ 10×21.8م، ما يجعلها أوسع مما كانت عليه ومطابقة لأسلوب مخطط الأرضية، إضافة إلى أنه تم تقسيم النصف الغربي للهيكل بجدران داخلية، كما وجدت في الموقع مقبرة تقع خارج أسوار المدينة، وتم التنقيب فيها في الأعوام 1996-1997م».

مسكوتات من جبل خالد

ويضيف: «يوجد نوعان من المقابر: الأولى هي قبور منحوتة بالصخر، والثانية عبارة عن حفر أرضية، أي استخدمت بالاعتماد على التربة، إضافةً لوجود بعض المقابر تحت أسوار المدينة مباشرة، وأثناء أعمال التنقيب عثر على 42 قبراً وذلك بين الأعوام 1996-1997م، كما أن حوالي ربع الفخاريات المكتشفة وجدت فيها».

يشار إلى أن "جبل خالد" يقع على الضفة الغربية لنهر "الفرات" شمال "سورية" على ارتفاع 100م عن سطح البحر.