كان بمستوى المهمة المناطة به للذود عن مرمى نادي "البوكمال" الرياضي طوال سبعة عشر عاماً ضمن فئاتٍ عمرية مختلفة، وبفضل تصميمهِ استطاع التوفيق بين هوايته في الرياضة وبين دراسته، وككل الرياضيين كان له موعدٌ مع الاعتزال تفرّغ بعدها لمهنته القانونية كمحامٍ بعد أن ودّع شباك المرمى الذي كان لهُ معها العديد من الذكريات والحكايات المُفرحة والمؤلمة في أوقاتٍ مختلفة.

حارس المرمى (السابق) الأستاذ المحامي "إسماعيل العكلة" من مواليد مدينة "البوكمال" لعام /1968/م كان لنا معه موعد ليتحدث عن تجربته الكروية؛ حيت قال: «بدأت ممارسة رياضة كرة القدم في سن السادسة عشرة مع فئة الناشئين لنادي "البوكمال" بعد سنتين انتقلتُ بالتناوب إلى فئتي الشباب ثم الرجال، وقد شاركتُ مع النادي خلال تلك السنوات في الكثير من المباريات سواء ضمن الدوري الكروي أو كأس الجمهورية؛ إذ كان لنا بصمة حقيقية آنذاك بين أندية القطر، ومع أننا لم نحرز أية بطولة محلية إلا أننا لم نكن ضيوفاً عابرين على الأندية؛ بل ظهرنا بمستويات تليق بسمعة واسم النادي.

كان حاضراً دوماً في الوقت المناسب، يجيد اللعب حتى في مراكز أخرى غير حراسة المرمى، وأتذكر في إحدى المباريات لعب في خط وسط النادي بسبب نقص اللاعبين ونجح في مهمته الطارئة

بعد أن اعتزلتُ بعدة سنوات انتسبت إلى الإدارة كعضو هيئة لكنني لم أستمر سوى سنة واحدة بسبب ظروفٍ خاصة بي؛ ومنذ ذلك الحين أصبحتُ مثل أيّ محبٍ للنادي أتابع أخباره بشغف؛ أفرح لفوزهِ وأحزنُ لخسارتهِ».

"العكلة" مع فئة شباب نادي "البوكمال"

ثم تابع حديثه قائلاً: «في السنوات الطويلة الماضية كان الشاب الرياضي في "البوكمال" محبوباً من أغلب الناس الذين يصادفونه في الطريق، لأنه كان على يقين بأن عليه التميز تكون بالأخلاق العالية قبل كل شيء ليكسب اللاعب احترام الناس داخل الملعب وخارجه، أما الآن فأعتقد أن الأمور اختلفت بعض الشيء».

وعن وجود نية للدخول من جديد في خضم العمل الإداري للنادي؛ أجاب: «قبل سنتين كان هناك طرح فكرة ترشيحي لرئاسة النادي لكني رفضتُ العرض؛ وذلك لعدم وجود مقومات للنجاح آنذاك والمتعلقة بالأمور المادية، فقبل تفكيري باعتلاء المنصب كنت ألمح الفشل من بعيد، عدا عن ذلك لم يكن النادي في تلك الفترة يلعب على أرضهِ بسبب عقوبة اتحادية وهذا الأمر حرم خزينة النادي للاستفادة من وارد تذاكر الدخول إلى الملعب، ناهيك عن عدم وجود دعم مادي سواء من داخل المدينة أو حتى من الاتحاد الرياضي العام».

الحارس "إسماعبل العكلة" فترة التسعينيات

أما رأيه بنادي "البوكمال" في الفترة الحالية؛ فيقول: «يمر النادي بفترةٍ عصيبة وظروفٍ لا يحسد عليها؛ وذلك لعدة أسباب أولها اللاعبون الذين يرتدون قميص النادي ولا يملكون أية مؤهلات فنية لممارسة كرة القدم؛ أما الأمر الآخر والأهم هو العامل المادي وما له من دورٍ في تطوير المنشآت الرياضية وتأهيلٍ للاعبين بإلحاقهم بمعسكرات خارجية تساعدهم على الانسجام والاحتكاك مع الخبرات الخارجية إضافة إلى استقطاب مدربين أكفياء، فهذا ما ينقص نادي "البوكمال" فتصوّر إن هذا النادي مضى على تأسيسهِ أكثر من نصف قرن ومع ذلك لا يملك حتى الآن ملعباً بالمعنى الصحيح قياساً إلى أنديةٍ أخرى في القطر لم يمر على ولادتها سوى 10 أو 20 سنة، ومع ذلك تشعر بأنها بلغت قرناً من الزمن، وهنا لا أستطيع تحديد الجهة المسؤولة عن هذا التقصير؛ لكن ربما يكون الاتحاد الرياضي هو الوحيد الذي يملك زمام المبادرة والحق في تحسين الأمور المادية للأندية السورية».

ويتحدث "العكلة" عن نظام الاحتراف المُطبّق في الأندية المحلية: «ما يزال في بدايته وحتى هذه البداية أثبتت فشلها، فنظام الاحتراف جاء ليخدم مصالح الأندية ذات الميزانية القوية وألحقت الضرر بالأندية الأخرى التي تشكو من الضعف المادي؛ لكن حتى الأندية الكبيرة التي تضم في صفوفها محترفين تشكو الآن من ضغط النفقات فتضطر إلى تأجيل دفع رواتب لاعبيها لعدة أشهر، والأمثلة كثيرة في أنديتنا المحلية، فأين الاحتراف الذي يتحدّثون عنه؟».

المحامي "إسماعيل العكلة" في مكتبه

وأضاف: «عندما تم إقرار تطبيق الاحتراف في "سورية" كان له أسس واضحة يتم من خلالها تحقيق نوع من التوازن بين المستوى الفني للأندية وذلك بالاعتماد على ميزانية محددة تحت إشراف الاتحاد الرياضي العام؛ لكن الواقع يعكس أمراً مغايراً تماماً فحتى هذا الاتحاد يشكو الآن من عجزٍ في الميزانية وتظهر تجليات هذا العجز في التأثير على الرياضات المحلية الأخرى أيضاً غير كرة القدم».

هذا الأمر دفعنا للتساؤل عن مدى تفاؤله برياضة "البوكمال" في المستقبل؛ فقال: «لا أحب أن أحكم على رياضة هذه المدينة بالفشل؛ لكنها بصراحة تحتاج إلى تخطيطٍ دقيق من قبل الإدارة؛ وذلك ببناء جسد رياضي جديد بالاعتماد على لاعبين جدد والقيام بتوجيههم وتوفير الدعم المادي لهم حتى يكونوا مُخلصين لأنفسهم ولناديهم، ودون هذه الأمور لن يكون هناك نادٍ رياضي حقيقي في هذه المدينة».

وكان لرفاق دربه كلامٌ أيضاً، فلاعب خط الوسط "عثمان الوسمي" قال: «أعتبره من أصدقائي المخلصين؛ فهو أحد عظام الرقبة بالنسبة إليّ، قضينا معاً أجمل الفترات في نادي "البوكمال" وهو بنظري أفضل حارس مرمى دافع عن شباكه ولم يمر إنسانٌ مثله يتحلى بالأخلاق الرياضية».

الحارس "باسل العران" حارس مرمى نادي "البوكمال" خلال فترة التسعينيات، قال: «كان حاضراً دوماً في الوقت المناسب، يجيد اللعب حتى في مراكز أخرى غير حراسة المرمى، وأتذكر في إحدى المباريات لعب في خط وسط النادي بسبب نقص اللاعبين ونجح في مهمته الطارئة».

اللاعب "صلاح اليونس" قال: «أحد أصدقائي الذين لن أنساهم أبداً، يتمتع بحيوية ومرونة داخل المستطيل الأخضر؛ يعرف كيف يدافع عن مرماه بجدارة، لعبنا سوياً في أفضل وأجمل الفترات التي مرّت على نادي "البوكمال" حيث كان الانسجام والتفاهم هو السائد بيننا كرياضيين».