عثر على بقايا هيكل عود محطّم، فأصبح نجماً متألقاً في سماء الفن الأصيل، ونال براءتي اختراع عن القرص الموسيقي والحاسبة الآلية، وترك بصمة كبيرة في مدينة "حماة".

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 12 كانون الأول 2018، "كمال عبد الكريم الديري" في مكتبه ليتحدث عن بداياته قائلاً: «كان ولعي شديداً بالموسيقا والغناء، وقد ترعرع لديّ هذا الشغف منذ أن كنت طفلاً، كنت أميل إلى البرمجة والجدولة لكتبي وواجباتي المدرسية، وكنت مجدّاً ومجتهداً، وكنت أقوم بزيارات فضولية إلى منزل خالي "أحمد شوكة" حيث تقام الأمسيات الموسيقية الرائعة، حيث كان بدوره عازفاً يجيد العزف على آلتي العود والكمان، وكان يمثّل مع رفاقه وحدة موسيقية متآلفة منسجمة وذات أهداف سامية، يتذوقون في جلساتهم أهم الأعمال الموسيقية الآلية والغنائية العربية، وتدور فيما بينهم شتى المناقشات المهمة لأشكال وقوالب التأليف الموسيقي، ويتدارسون من خلالها الانتقالات "الميلودية" المقامية؛ وهو ما جعل لديّ هاجساً لا ينفك في متابعتهم أيام اجتماعاتهم الدورية، التي باتت معهدي الذي أحضر إليه دائماً.

لا أزال في مكتبي أتابع التدريس والبحث والتحليل، وأدرّس المقامات في كنائس وجوامع "حماة"، وأذهب إلى كنيسة "السريان" بعد أن أنتهي من معهد القرآن، لأدرّس الترتيل المقامي والإنشاد والأصول الإيقاعية

وتتوالى الأيام، وإذ بي قد عثرت على بقايا لهيكل عود محطم، فقمت على الفور بجمعه وإضافة ولصق ما نقص منه مستعيناً بمادتي الورق والغراء، إلى أن استقام لي الشكل وغدا العود مجسماً بين يدي كما أريده، ورحت أشد بعض الأوتار عليه، وبعد محاولات عديدة استطعت أن استدرج خالي لترتيب أوتار العود ودوزنتها، وتلقيني بعضاً من أساسيات العلم الموسيقي في أوقات وجلسات متباعدة بسبب انشغاله الدائم، ثم بادرت لاتباع دورة موسيقية في معهد الثقافة الشعبية في "حماة" على يد المربي والمعلم الفاضل المرحوم "شوقي يعقوب آغا"».

خلال أحد التكريمات

وعن مسيرته العملية تابع قائلاً: «لقد عملت مدرّساً في معاهد محافظة "حماة"، أدرس فيها طرائق العزف على آلة العود بوجه خاص، وبعض الآلات الموسيقية الأخرى بوجه عام، وكان أهمها معهد "الشبيبة" الذي كان يديره آنذاك الموسيقار الشاعر "عبد الكريم كيلاني".

وشاركت ولا أزال بكل المهرجانات القطرية في مجال المسرح والموسيقا، ونلت فيها جوائز وبطاقات شكر، واستطعت أن أحقق عملين مهمين في مجال النظرية السلّمية والمقامية في الموسيقا، فنلت براءتي اختراع، ثم افتتحت عام 2002 مكتب "سحر المدى" للدراسات والأبحاث الموسيقية لأقوم بتدريس الموسيقا والغناء والإنشاد لكل رواد هذا الفن، الذي من خلاله تقاس حضارة الأمم».

محمد التلاوي

ويتابع: «لا أزال في مكتبي أتابع التدريس والبحث والتحليل، وأدرّس المقامات في كنائس وجوامع "حماة"، وأذهب إلى كنيسة "السريان" بعد أن أنتهي من معهد القرآن، لأدرّس الترتيل المقامي والإنشاد والأصول الإيقاعية».

وعن إنتاجه الفكري والإبداعي، قال: «كتاب "المدخل إلى عالم الموسيقا" وضعته بناءً على طلب من وزارة الثقافة، الذي يبحث في طرائق تعليم العزف لعدة آلات موسيقية؛ كالعود، والبيانو، والأكورديون، والإيقاع، وقمت بإلقاء العديد من المحاضرات العلمية الموسيقية في مجال علم المقامات الموسيقية، والتأليف الآلي والغنائي العربيين، وفي مجال التذوق الموسيقي، إلى أن قمت بوضع اختراعي الثاني في عام 1990 والمسمى "الحاسبة الكروماتيكية لاستخراج وتحليل وتصوير المقامات الموسيقية".

وألّفت عدة كتب، منها: "قرص الكمال للمقامات الشرقية السورية"، و"جدول مقامي الماجور والمينور الغربيين ومقامات الراست الشرقي"».

المخرج المسرحي "محمد التلاوي" تحدث عن الملحن "الديري" قائلاً: «هو من أهم الموسيقيين بمدينة "حماة"، قامة فنية كبيرة، شغوف بالموسيقا، ومبدع وصاحب إحساس رائع، متمكن من علوم الموسيقا العربية والعالمية، مدير معهد "الفارابي" للموسيقا والتمثيل، يعمل معه كبار الفنانين في "حماة"، ومؤسس مهرجان "الإنشاد الديني الأول" على مستوى "سورية"، حضرت له محاضرات عديدة عن علم الموسيقا؛ وكانت قيّمة، كما عمل ممثلاً مسرحياً، وهو من الرعيل الأول، له عدة أعمال مسرحية، محبّ للفن والفنانين، وتتلمذ على يده كثيرون من الشباب المحبين للموسيقا والمسرح، وكان يؤسسهم تأسيساً مبنياً على العلم والفهم لمبادئ العزف والتمثيل، وهو عضو مؤسس في جمعية "المخترعين السوريين" وشغل فيها رئيس مكتب التنظيم القطري في "دمشق"، وأمين سرّ فرع "حماة" بناء على طلب وزارة الثقافة».

الجدير بالذكر، أن "كمال الديري" من مواليد "حماة" عام 1957، تعلّم في مدارس "حماة" وتابع دراسته الجامعية في كلية الآداب بجامعة "دمشق"، قسم التاريخ.