خصّص الطبيب "حكمت سليمان" وقته وجهده لمساعدة المرضى المحتاجين، في محاولة للتغلب على مصاعب الحياة وآثار الأزمة السورية، وخلق أسباب التقرب من النفس البشرية ومعرفة أسرارها؛ لأنها جزء من تكوينه ومسيرته في الحياة؛ وهو ما أكسبه احترام المجتمع وثقتهم به.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 29 تشرين الأول 2017، التقت الدكتور "حكمت سليمان" اختصاصي جراحة بولية، وفي بداية حديث قال: «كانت رغبتي دراسة الطب كمهنة إنسانية، والغوص بالبحث العلمي وأعماق الجسد البشري والنفس البشرية. تربيت في بيئة قروية فقيرة، فالأب مدرّس متفانٍ في عمله، ومعيل لستة أبناء يحاول جاهداً أن يوفر لنا كل متطلبات الحياة الصعبة.

كغيرها من المهن، نتعامل مع مختلف الأنماط البشرية، لكن هناك خصوصية شديدة هنا، فالمريض يضع حياته وأسراره بين يديك؛ وهذا يحملنا مسؤولية كبيرة. كذلك فإن نصف العلاج نفسي، ويجب أن يشعر المريض بأنك صديقه ومفتاح سعادته وراحته

اعتدت أن أكون في المرتبة الأولى في صفي، وكنت شغوفاً في كل ما يتعلق بالبحث العلمي، وأكثر ما أفتخر به هو محبة الناس والأهل لما أحققه من نجاح».

من إحدى العمليات الجراحية

أما عن اختياره لتخصصه العلمي، فأضاف: «عملت في مستشفى خاص في مدينة "دمشق" قبل الانتهاء من الدراسة الجامعية، وساعدت في العمليات الجراحية لكافة الاختصاصات الطبية، أعجبت بهذا الاختصاص، وتعلمت عن كثب المواصفات المطلوبة في الجراح الناجح، منها الهدوء والرزانة والثقة بالنفس، لكن ليس إلى درجة الغرور، ففي كل عمل جراحي مهما كان بسيطاً، هناك إمكانية حدوث الاختلاطات الطبية حتى بيد أمهر الجراحين في العالم. وكانت رغبة متابعة العلم والتخصص تلح عليّ يومياً، فهناك دائماً شيء جديد واكتشافات جديدة يجب على الطبيب مراجعتها واقتناصها، لأن الوقت والزمن والموقف لا يرحم أحداً، خاصة في ظل ما نعيشه الآن من حالات لا تحتمل الانتظار. وأدين بالفضل للكثيرين ممن مروا بحياتي، منهم الدكتور "محمد رحال" والدكتور "بسام السلوم"».

ويتابع: «الكثيرون من الناس يعانون بسبب ارتفاع تكاليف الحياة بوجه عام، والإجراءات الطبية والأدوية بوجه خاص، ولأن مهنة الطب تلامس النفس البشرية حتى الصميم، وعلى الطبيب أن ينظر إلى حالة المريض الصحية قبل النظر إلى جيبه، فلا شيء يضاهي إحساس الطبيب عندما يحل مشكلة صحية، ويسمع من الأهل الدعاء والشكر من القلب؛ لذلك أعمل مع عدد الجمعيات الخيرية التي تعنى بالعمل الإنساني سواء الطبي أو الحياتي بوجه عام، ومن ضمنها: العمل بالعيادة الخيرية بتكلفة معينة لا تتجاوز 50%، حيث تبلغ المعاينة مع التصوير والإيكو 500 ليرة سورية، إضافة إلى العمل مع لجنة المساعدات الصحية، حيث تقدم مساعدات مالية نقدية لأصحاب الأمراض المزمنة، كالسرطانات والعمليات الجراحية، إضافة إلى متابعة المرضى كبار السن والأطفال في برنامج الدعم النفسي والصحي المتكامل في المجلس الإسماعيلي، والعمل مع فريق "أمل" التطوعي في برنامج "صحتك أملنا"، وذلك بتقديم المعاينات المجانية والعمليات الجراحية المخفضة، وجمع الأدوية من الأطباء وتوزيعها على العائلات الفقيرة، إضافة إلى المساعدات الأخرى بالتعاون مع بعض الأطباء، وخاصة طبيب التخدير الدكتور "أحمد خنسة"».

وعن صعوبة التعامل مع النفس الإنسانية في مهنة الطب، يقول: «كغيرها من المهن، نتعامل مع مختلف الأنماط البشرية، لكن هناك خصوصية شديدة هنا، فالمريض يضع حياته وأسراره بين يديك؛ وهذا يحملنا مسؤولية كبيرة. كذلك فإن نصف العلاج نفسي، ويجب أن يشعر المريض بأنك صديقه ومفتاح سعادته وراحته».

يقول "جمال حمزة"، قريب واحدة من مرضى الدكتور "حكمت" عن معرفته به: «الدكتور "حكمت" طبيب إنساني، يجمع بين حبه وإخلاصه للمهنة، وتعاونه مع مرضاه، فقد تابع إحدى قريباتي، حيث كانت لديها كتلة أربية معالجة لمدة طويلة من دون نتيجة، وكان الوضع المادي سيئاً جداً لدى أهلها، تم استئصال الكتلة وتبين أنها سرطانية، فقام بمساعدتها بالتعاون مع مستشفى "البر" بتأمين جرعات الأدوية بتكلفة شبه مجانية، والآن هي بحالة شفاء تامة، وتتم متابعتها بوجه دوري من قبل الدكتور "حكمت" مجاناً».

تقول "علا خربيط" إحدى المتطوعات في فريق "أمل": «منذ اللحظة التي تعرفت فيها إلى الدكتور "حكمت سليمان" اكتشفت كم يملك من الأخلاق والسمعة الحسنة والروح الإنسانية، وبعد أن لفتت نظره مبادرة "رجعت الشتوية"، ووصولنا إلى فئات هشة في المجتمع لمساعدتها في معيشتها، بادر لمشاركتنا وعرض علينا المعاينات المجانية لهذه العائلات، وقدم أدوية مجانية للأشخاص الأكثر حاجة، وأطلقنا معه حملة: "صحتك أملنا" للوصول إلى أكبر عدد من العائلات التي لا تملك ثمن العلاج أو الأدوية».

يذكر أن الدكتور "حكمت فاتح سليمان" من مواليد محافظة "طرطوس"، نهر "الخوابي" عام 1980، مقيم في مدينة "سليمة"، متزوج وأب لطفلين.