هي فتاة من فتيات مدينة "سلمية"، عمرها لم يتعدى الرابعة عشر، لكنها جعلت من بيتها مكاناً فريداً من نوعه، فعلى كل جدار وفي كل زاوية هناك نموذج من تحف مختلفة، كلها صنعتها بيدها من مواد أولية لا تعتقد أنها يمكن أن تنفع في شيء، فحتى "براويز" الصور وضعت عليها لمسة فنية تشعرك بقيمة لصورة قد لا تكون قيمتها الفنية أكثر من قيمة هذا الإطار الذي صنع بأصابع من ذهب.

eSyria التقى بالشابة "رغد القصير" في بيتها في "الحي القبلي" من مدينة "سلمية" والتي حدثتنا عن هوايتها الجميلة فقالت: «في البداية كنت أحب الرسم كثيراً وقد صرت مميزة بها لدرجة جيدة، ثم سمعت عن دورة لتعلم صناعة الأشغال اليدوية في المجلس المحلي في "سلمية"، الدورة التي كانت بإشراف الأستاذ "عصام كحلة"، فقمت بالتسجيل بها لعامين متتاليين، ثم بدأت على إثرها بتصنيع الأشغال اليدوية بشكل فردي، وفي منزلي وبدون أن أحتاج لأي مساعدة».

إن الأعمال التي تقوم "رغد" بصناعتها جميلة جداً، لكن أشعر أنها مقصرة نوعاً ما تجاه موهبتها، فهي توقفت عن الدورات التي كانت تقوم بها، وأنا أظن أنها لو تابعت تطوير موهبتها لكانت نتائجها أفضل بكثير

وعن المواد التي تستخدمها في صناعة هذه الأشغال قالت: «أعتمد كثيراً على المهملات والأشياء التالفة لصناعة أشغالي، مثل "أكياس الخيش" و"أعواد الخشب" الصغيرة، وحتى الحصى، ولحاء الشجر، والخضار والفواكه المجففة، وكل شيء يظهر أمامي، حتى أني مرة كنت معجبة جداً بقطعة غريبة وجدتها في الشارع حيث خططت لأن أستخدمها في واحدة من أجمل أشغالي فإذا بأبي يخبرني أنها ذيل "حرباء" صغيرة!».

يمكن تزيين الجدران بأشغالها

وعن تأثير هكذا هواية على الدراسة قالت: «أنا حالياً في الصف الثاني الإعدادي، وأعمل بهذه الهواية منذ عدة سنوات لكن ولا مرة خلال هذه السنوات كان لهذه التسلية أي تأثير على دراستي، فأنا عادة لا أبدأ بأي قطعة حتى أتأكد من وجود وقت فراغ كافي لي لصناعتها، وهو عادة يتم في العطلات وبعيداً عن أوقات الامتحان، فإذا بدأت في صناعة أي شيء فإنني لن أترك القطعة حتى أنتهي منها، فهي تحول إلى هاجس، وربما الأول».

لكل من يهوى صناعة الأشياء الفنية أسلوباً خاصاً به، وربما يكون ميولاً أكثر من كونه أسلوباً، هذا ما وضحته الشابة "رغد القصير" حين قالت: «بالنسبة لهذا الموضوع فأنا أشعر بميول كبير للّون "البني" ربما لأنه لون التراب وهو الركن الأساسي في الطبيعة، كما أنه يعطي إيحاءً تراثياً نوعاً ما وأنا أحب التراث كثيراً، حتى أني أقوم بصناعة هذه الأشغال التي أمامكم على نمط تراثي، وأحاول أيضاً أن أركز على الدقة التي أحبها جداً، فأنا أستمتع كثيراً حين أقوم برصف الحجارة، أو أعواد الخشب، لأنها بحاجة لهذه الدقة».

بيت ريفي من صنعها

وأضافت بالقول: «الهدف من كل ما أصنعه هو أن يكون ذا منظر جميل، حتى يمكن وضعه كزينة مثل أشكال لبيوت الطيور وأشكال هندسية تعلق على الجدران أو نماذج أخرى توضع على الطاولات وفي الزوايا، وحتى أني أصنع إطاراً للصور لتعطيها رونقاً آخراً».

لابد لشابة مثل "رغد" أن تستثمر موهبتها بشكل جيد إما عن طريق المسابقات أو عن طريق المعارض المختلفة، عن هذا الموضوع تحدثت قائلة: «كنت أشارك دائماً في المعرض الذي يقام في مدرستي كل عام، حيث أن كل أشغالي ولوحاتي المرسومة تؤخذ إلى المعرض مما أفقدني الكثير من النماذج واللوحات الجميلة، كما أنني شاركت في مسابقة أقامتها منظمة إتحاد شبيبة الثورة فنلت المرتبة الأولى على مستوى المحافظة، و أنا مستعدة للمشاركة بأي معرض يقام لأنني أشعر أن القطع التي أصنعها فيها شيئاً مني، وهذا الشيء يجب أن يراه الجميع».

"رغد القصير" مع والديها

السيد "لؤي القصير" والد رغد حدثنا عن موهبة ابنته قائلاً: «إن الأعمال التي تقوم "رغد" بصناعتها جميلة جداً، لكن أشعر أنها مقصرة نوعاً ما تجاه موهبتها، فهي توقفت عن الدورات التي كانت تقوم بها، وأنا أظن أنها لو تابعت تطوير موهبتها لكانت نتائجها أفضل بكثير».

السيدة "هند ضعون" والدة "رغد" كان لها رأي بابنتها قالت فيه: «كانت "رغد" منذ صغرها تمتلك حساً ذوقياً أنيقاً في كل ما تقوم به، الشيء الذي ظهر بداية في الرسم ثم تطور لاحقاً إلى هذه الأشغال التي كنت أقوم أنا بصناعتها قليلاً، وقد اكتشفت موهبتها من خلال مساعدتها لي، ثم انتسبت إلى دورات اختصاصية حتى صارت تنجز ما تنجزه لآن، وحين فازت بمسابقة الشبيبة توقعنا أن يعملوا على تطوير موهبتها لكنهم اكتفوا بإعطائها العضوية العاملة في المنظمة، لذلك أنوه أن موهبة مثل "رغد" بحاجة إلى الاهتمام لأنها ستقدر على الإبداع أكثر حينها».