رحلة غريبة قطعتها الفنانة "رنا العمادي"، قضت فيها مدة طويلة تحمل بذرة الحب للفن دون أن تبذرها في الواقع كما تفعل اليوم مع مجموعة كبيرة من الهواة المحبين للون والحياة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 15 شباط 2020 التقت "رنا العمادي" لتتحدث عن بداياتها بالقول: «أحب الرسم منذ صغري، لكن لم أمارسه بسبب إصرار أهلي على الدراسة، عكس ما يجري مع الأطفال حالياً، فهي تأخذ اهتماماً أكبر من الأهل، حيث حاولت وباءت محاولاتي بالفشل، وبدأت أضع أمامي صوراً لأشخاص وأقوم برسمهم، فلاحظت دقة الرسم، لحين وفاة عمي الذي أحبه، فاكتشفت أنني لا أمتلك إلا صورة واحدة له، وقررت أن أرسمه، وفعلاً نجحت تجربتي».

أحترم عنادها، وأقدر إصرارها على التعلم على الرغم من ظروفها، فقد تابعت تنمية موهبتها، وهذا بحد ذاته إنجاز يستحق التقدير، حيث تعمل قدر المستطاع لتكون أكاديميةً قوية، وتخط لنفسها أسلوباً وبصمة خاصة تميزها على ساحة الفن

وتتابع: «قررت أن أتقن الرسم وحدي، وأعلمها للغير، وفعلاً بدايتي كانت في كانون الثاني 2017 في تعلم الرسم بدقة أكثر، حيث كنت أقضي ساعات طويلة من الليل وأنا أحاول أن أظهر دقة الوجه ليصبح مطابقاً للواقع.

من أعمالها

وفي نيسان 2017 شاهد أحد المعاهد الهندسية لوحاتي التي أقوم بنشرها على مواقع التواصل الاجتماعي والتي كانت متخصصة بتعليم رسم البورتريه، ومنها كان أول نجاح أعده وأنجزه بموهبتي الوحيدة وأدواتي البسيطة، حيث من خلاله بدأت الرسم وبدأ الناس يتعرفون على أعمالي الفنية وطريقتي في رسم الوجوه وأول الطلاب الذين بدأت تعليمهم كان عن طريقه».

وتتابع عن العمل في مرسمها الخاص: «عملت في مراكز عديدة بعد المكتب الهندسي، حتى تمكنت من افتتاح مرسم خاص بي في "خان رستم باشا" للمهن اليدوية، ولاحظت إقبالاً شديداً من فئة الأطفال والشباب لتعلم رسم الوجوه خاصة وأنّ الطالب في مرسمي يشارك في معارض بعد انتهاء الدورة ويحصل على شهادة مصدقة من مديرية السياحة، فأنا أرسم جميع أنواع الرسم بالفحم الأبيض والأسود، والألوان بأنواعها التنقيط والـ3D والحرق على الخشب، لكن لا يعرفني سكان مدينتي إلا باللوحات السوداء لشدة تمتعي وحبي لها».

لقطة فنية من الدراما السورية

وعن المعارض التي شاركت بها، تضيف: «شاركت بمهرجان "ربيع حماة" عامين متتاليين 2018 و2019، وأقمت ثلاثة معارض خاصة في مدينة "حماة" أعوام 2017، 2018، 2019، حيث شارك في كل معرض خمسة وثلاثون طالباً، وأكثر من مئة لوحة، ولمست مواهب حقيقية لا تحتاج إلا لمن يصقلها.

يجذبني لاختيار لوحاتي النظرة التي أراها في عيني الشخصية نظرة الحب والسعادة، وحتى نظرة الحزن، وأهمها بالنسبة لي نظرة الفقد بما أنني حققت أول رسمة لي عن عمي الذي فقدته، ولوحته سبب ما وصلت إليه».

بورتريه

وتتابع عن المشروع الذي أسسته: «اخترت من فئة الشباب الذين أعلمهم سبعة عشر طالباً وطالبة، أسسنا فريقاً تطوعياً مرخصاً باسم "بسمة وطن"، نقوم دائماً بفعاليات ومبادرات فنية في دار الأيتام والصم والبكم، وذوي الاحتياجات الخاصة، ودار العجزة لرسم البسمة على وجوههم وفي قلوبهم».

يضيف الفنان "عزت ثلجة": «أحترم عنادها، وأقدر إصرارها على التعلم على الرغم من ظروفها، فقد تابعت تنمية موهبتها، وهذا بحد ذاته إنجاز يستحق التقدير، حيث تعمل قدر المستطاع لتكون أكاديميةً قوية، وتخط لنفسها أسلوباً وبصمة خاصة تميزها على ساحة الفن».

"هادي عيان" منسق فريق "بسمة وطن" يقول عنها: «الفن ينمو وينفذ معتمداً على القوة المنظمة لعقل الفنان، وكفاءة أدواته، ومن هنا أستطيع القول إن الفنانة "رنا" من لا شيء قدمت أشياء، حاولت وصممت ونجحت.

لقد تطور أسلوبها في لوحاتها من اختيارها لأساليب متعددة إلى أن استطاعت أن توقع لوحاتها بأسلوبها الخاص، حيث أضافت إلى فن البورتريه لمسة راقية ورقيقة تعبر عن حسها المرهف، وتميزت لوحاتها بالنضج الفني والقدرة على إيصال الصورة الحقيقية بطريقة سهلة وجذابة، فعلى الرغم من الظروف الصعبة أسست مركزاً لتدريب الرسم، وفريقاً عرف في "حماة" بعطائه وزرع البسمة أينما حلّ».

يذكر أنّ "رنا العمادي" من مواليد مدينة "حماة" عام 1988.