حبه للقراءة، وارتباطه بالشعر القديم والحديث، وتعمقه في بحوره الشعرية، مكّنت الشاعر "ياسين عزيز حمود" أن يخط طريقه الأدبي ويرسم بصمته الخاصة في عالم الأدب، من خلال تسليطه الضوء على قضايا الوطن وهمومه بأسلوب أدبي وصور بيانية مميزة.

«الشعر هو أعلى أساليب التعبير الإنساني، فهو في ذروته غناء بلا موسيقا، يصور الحياة كما يراها الشاعر ليترجمها عبر قصائده إلى كلمات يعبر فيها عما يجول بمكنونات ذاته وفكره». هذا ما بدأ الشاعر "ياسين عزيز حمود" حديثه لمدونة وطن "eSyria" بتاريخ 27 تشرين الأول 2017، وقال عن تجربته الشعرية: «تعلقت بالأدب بأنواعه منذ الصغر، حتى إنه كبر معي ورافقني بمراحل حياتي؛ ففي المرحلة الإعدادية قرأت أعمال "جبران خليل جبران" كاملة، وفي المرحلة الثانوية حفظت المعلقات العشر، و"نهج البلاغة" والقرآن الكريم؛ وهذا نمى موهبتي الأدبية وصقلها، فقد كان للمطالعة دور كبير في تطوير ملكتي الشعرية وتنميتها، فقد كنت أقضي معظم وقتي بالمطالعات المتنوعة، وقرأت للكثيرين من الكتاب العالميين، أمثال: "كزافيه مونتيان"، و"ديكنز"، و"تولستوي"، ومن خلال مطالعاتي المبكرة تأثرت كثيراً، وتنقلت في رياض شعراءٍ كبار من إبداعيين واتباعيين كـ"نديم محمد"، و"عمر أبي ريشة"، و"إلياس أبي شبكة"، و"صلاح لبكي"، والدكتور "أحمد سليمان الأحمد"، الذي أثرى خيالي بقصائده سواء شعر التفعيلة أو شعره التقليدي، و"نزار قباني"، وغيرهم الكثيرون. فالبدايات كانت عبارة عن خربشات أيام المراهقة، وكانت تُرهصُ بما في أعماقي من ولهٍ بالطبيعة الساحرة لبيئتي التي تكتنفني جبلاً وسهلاً وودياناً وينابيعاً، وأثرها عميقٌ وجليٌّ في كل ما كتبت، ورسخ بذاكرتي منذ الطفولة مفردات، وكوّن مخيلتي ولونها وطبعها ببصمة خاصة، فمنذ محاولاتي الأولى كتبت الشعر (المقفى)، وكانت قصيدتي "الخطى التائهة" أولى محاولاتي الشعرية، وأقول فيها:

الشعر هو أعلى أساليب التعبير الإنساني، فهو في ذروته غناء بلا موسيقا، يصور الحياة كما يراها الشاعر ليترجمها عبر قصائده إلى كلمات يعبر فيها عما يجول بمكنونات ذاته وفكره

"سَهِرْنا نُناجي طيوفَ القمرْ... نناجي الغيومَ نُناجي الوترْ

الشاعر ياسين عزيز حمود

نُســرِّحُ طـرفاً بأفْـقِ الهـوى... نلمُّ ضـياءَ النـجومِ الغُـرَرْ

نردِّدُ لحْنــاً طــواهُ المــدى... كنسْمِ الغصونِ بجفْنِ الزّهَرْ

ديوان "عيناك كالشام"

ونمْرحُ فوقً غيومِ الأصيلِ... ونفنى اشتياقاً بساعِ السّحَر"».

وعن الأنواع الأدبية التي كتبها، قال: «البداية كانت مع الشعر الموزون بعناصره الثلاثة: (وزن، وفكرة، وخيال)، وبرأيي الوزن في الشعر هو ما يميزه عن سواه، لكنني لم أعتمد في كتاباتي نوعاً أدبياً واحداً، وإنما تنوعت أعمالي ما بين الشعر والقصة، وخصوصاً أن هناك صلات وثيقة بين الأجناس الأدبية، لكن بين كل واحدة والأخرى برزخ لا يلتقيا؛ فلكل نوع خصوصية يتميز بها عن سواها، فالشعر غير النثر، والمسرح غير الرواية، وهناك ما يسمى اللحظة الشعرية الهاربة التي علينا نحن الشعراء أن نقبض عليها قبل فوات الأوان، وهي تسنح كالحلم، فإن فكرنا بها، كانت اليقظة من الحلم؛ أي إن الكتابة حالة عفوية تتلاشى عندما يتدخل الفكر فيجف ينبوع الشعر، وبالنسبة لي إن الحالة الإبداعية هي حالة فردية يتميز بها الشاعر ليصنع بصمته الخاصة عبر كتاباته، فأنا وجدت نفسي مع قصائد الشعر الموزون وفضّلتها عن غيرها من الأنواع الأدبية، فمن خلال كتاباتي تناولت المواضيع الإنسانية التي تعنى بقضايا الوطن وهمومه، وحاولت أن أتطرق إلى كل المواضيع التي أراها بحاجة إلى النبض لدى الإنسان بأسلوب بسيط وواضح، وبرأيي إن الشاعر الحقيقي لا ينفصل عن هموم وطنه ومحيطه».

ديوان "آهة على ضفاف الجراح"

وتابع: «للملتقيات الأدبية دور في تحفيز الشاعر أو الأديب على استنباط كلماته بكل صدق وجرأة، ولها تأثير إيجابي بمسيرته الأدبية من خلال التعريف بنتاج الأديب باعتبارها منابر مهمة لنشر أفكار الشاعر وإبداعاته الأدبية. أما بالنسبة للمنتديات الإلكترونية، فأنا لست مع هذه الظاهرة، وخصوصاً أنها ساهمت في نشر الكثير من النصوص الأدبية التي ساهمت في انحطاط الأدب، حيث إن الكثيرين من شعرائها لا علم لهم بأصول الكتابة الشعرية من عروض ونحوٍ ولا حتى إملاء، وجلهم اتجهوا لما يسمونه قصيدة النثر».

وفي حديث مع الأديب "الأرقم الزعبي" عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الكتاب العرب، قال عن الشاعر "حمود": «تعرّفته من خلال كتاباته في صحيفة "الأسبوع الأدبي" التي أديرها، وتميزت قصائده بصدق الكلمة والمشاعر، لديه القدرة على تمثيل الواقع من خلال الصور الجميلة التي يظهرها في أشعاره التي ارتبطت بالحداثة الشعرية، حيث كتب شعراً عمودياً وتفعيلة، وأهم ميزة لديه أنه ينتمي إلى وطنه بقوة ومنحاز له، وظهر ذلك واضحاً في قصائده المفعمة صورها بالوطنية، إضافة إلى أنه أضاء على مجريات الحرب التي تعرض لها بلدنا بأسلوب مباشر وواضح، من خلال أشعاره التي تنبض كلماتها بالوطنية».

الجدير بالذكر، أن الشاعر "ياسين عزيز حمود" من مواليد بلدة "شطحة" التابعة لمحافظة "حماة" عام 1956، وهو يحمل إجازة باللغة العربية من جامعة "حلب"، شارك بالعديد من المهرجانات والنشاطات الثقافية في عدة محافظات سورية، ولديه 17 مجموعة شعرية، نشر بعضها، كديواني "عيناك كالشام"، و"البجع البعيد"، إضافة إلى ديوان "آهة على ضفاف الجراح"، وديوان "أغاني النسور"، ومجموعة قصصية بعنوان: "أنداء الريف".