استطاع بالمثابرة بناء شخصيته العلمية من خلال حصوله على درجة الدكتوراه بالآداب قسم "علم الجمال"، إلى جانب رسالته الأدبية الإنسانية حيث يعتبر الشعر عنصراً هاماً من عناصر الفن عامة، بداياته كانت مع القصيدة التقليدية المتوازية والكتابات النثرية، لكنه وجد نفسه بشعر الحداثة.

مدونة وطن "eSyria" التقت الشاعر "ماجد قاروط" بتاريخ 26 تشرين الثاني 2017، فتحدث: «نشأت في عائلة فقيرة من عائلات "حماة"، في حي فقير أيضاً، علاقتي مع الأدب بدأت في سن مبكرة، وأنا في الصف الثالث الإعدادي، عملت على كتابة بعض الخواطر التي تم نشرها في صحيفة "الفداء" في "حماة"، ثم تطور الأمر إلى محاولات في كتابة الشعر التقليدي في نهاية المرحلة الثانوية، وكانت هذه المحاولات في القصيدة التقليدية متوازية وكتابات نثرية، وأذكر قصيدة "قابيل والحقيقة" النثرية التي نشرت في مجلة "الثقافة" لـ"مدحت عكاش"، وكنت وقتئذ متأثراً بالمشهد الشعري الحموي القائم على المحافظة على القصيدة العمودية، غير أن لقاءاتي المتعددة فيما بعد مع شعراء ذوي توجهات حداثية ساهمت في خلط الأوراق بصورة كبيرة عندي والتوجه إلى الشاعرين "سعد الدين كليب" و"رضوان السح". لم أجد نفسي في الشعر العمودي، فبدأت البحث عن عوالم أخرى في الشعر تشبع رغبتي وتجعلني بصورة بديهية أقف موقف المتوازن بين الحياة المعاصرة ومتطلباتها الأدبية، أولع بالصورة المدهشة في الحداثة ولا سيما عند "خليل حاوي" و"محمد عمران"، وهنا وجدت نفسي حقيقة، وجدت متطلباتي النفسية والحياتية والجمالية، اختياري للشعر هو اختيار لسياق أدبي حياتي، فالشعر هو أكثر الأجناس الأدبية تعبيراً عن ذاتي على الأقل لما يحمله من سمات فنية قادرة على تفريغ شحنات نفسية هائلة، ليس هنالك تعريف محدد للشعر بوصفه عنصراً مهماً من عناصر الفن عامة، يستهويني التركيز على الصورة الشعرية، لا أفضّل أن تخرج الصورة قهرية وقسرية، أهم شيء في الإبداع الأدبي عامة والشعر خاصة هو العفوية والتلقائية، وإلا سيخرج النص الشعري مشوهاً لاروح فيه».

التكريم خطوة ودافع للشاعر يدرك بعدها أن هناك من يهتم بنتاجه الأدبي، ومن الجهات التي كرمتني: منظمة "اتحاد شبيبة الثورة"، مهرجانات "سلمية، "يا مال الشام"، "نصف الكأس"، و"اتحاد الكتاب العرب"، وغيرها

ويتابع عن نشاطاته الأدبية: «بدأت نشاطاتي الشعرية حقيقة على مستوى منظمة "اتحاد شبيبة الثورة"، وحصلت على مراكز متقدمة كثيرة على مستوى القطر، ثم مشاركاتي في مسابقات "ربيعة الرقي"، و"اتحاد كتاب العرب"، ومهرجانات رابطة الخريجين الجامعيين في "حمص"، و"يا مال الشام" السنوي، ومهرجان "سلمية" الشعري، ومهرجانات ومسابقات خارج القطر، كمهرجان نادي "الجسرة" الثقافي في "قطر"، ومسابقة "مجلة دنيا المستقبل" الليبية، وغيرها، حصلت على جوائز متعددة كانت دافعاً لي في المشهد الثقافي السوري».

خلال أحد مشاركته الأدبية

من أهم إصداراته: «مجموعتان شعريتان: "فصل الانتحار"، و"لم يعد للكلام فضاء"، ومجموعة شعرية مشتركة مع عدة شعراء من الوطن العربي بعنوان: "كأن الريح"، ومجموعة قيد الطبع بعنوان: "رماد الماء"، وكتابان نقديان جماليان: "المعذب في الشعر العربي الحديث"، و"تجليات اللون في الشعر العربي الحديث في النصف الثاني من القرن العشرين"».

ويضيف عن رأيه بالمنتديات الثقافية الأدبية الإلكترونية: «من حيث المبدأ جيدة، وهناك منتديات حقيقة محترمة، لكن الأغلبية الساحقة أصبحت موضة مبتذلة، فحتى المشرفون عليها في حالة غضة أدبياً يرثى لها، ولا تقدم شيئاً للمشهد الثقافي السوري، بل شوهت الكثير من سمات الأدب المقدسة، وانتشرت المحسوبيات حتى في مشاركة هذه الملتقيات والمنتديات على أرض الواقع، ويتم توزيع المسؤوليات على أساس العلاقات الشخصية، وتوزع شهادات تقدير وهمية لأناس ما زالوا في طور التجربة الضحلة إبداعياً».

من إصداراته

ويعرف الإبداع: «وسيلة عفوية لإنجاز منظومة جمالية محددة تطرح قيماً جمالية عن طريق البنى الفنية المختلفة، إنه حالة تصعيد وتطهير، وفي الحالتين، فإن الفن عندما يصبح منجزاً على أرض الواقع يفترض أن يكون مولوداً كاملاً وليس خديجاً أو مولوداً قيصرياً كي يحقق مبتغاه الجمالي المعرفي الحق من دون مواربة أو تحايل على المعاصرة، واستناداً لوعي حضاري ثقافي جمالي جديد متجدد، والمبدع الحق هو ذلك المتوازن بين داخله وبيئته، ومن هنا أنصح جيل الشباب بالعمل الدؤوب على القراءة المتنوعة لمشارب متعددة من الثقافة والفلسفات، لأنها تجعلهم مطلعين على جوهر الحياة من زوايا متعددة».

وعن التكريم يقول: «التكريم خطوة ودافع للشاعر يدرك بعدها أن هناك من يهتم بنتاجه الأدبي، ومن الجهات التي كرمتني: منظمة "اتحاد شبيبة الثورة"، مهرجانات "سلمية، "يا مال الشام"، "نصف الكأس"، و"اتحاد الكتاب العرب"، وغيرها».

وجاء في قصيدة "ناصية الروح" التالي:

«منهكة جداً يا ناصية الروح

منهكة جداً منذ

الزمن الأول للوقت

ويلاه

ملائكة الفرح احترقوا الواحد بعد الآخر

في شفتي

أمسكت بظلي فوق الحائط

كي لا أسقط

أعلنت الماء عليّ

فأغرقني».

عنه قال الأديب "حسن سمعون": «أكاديمي متمكّن، ومدرّس قدير، له أكثر من مؤلف، آراؤه جريئة حول النقد والنقاد، شخصية ذات إشكالية أدبية يقدم شعره بأسلوب مختلف عن معظم الدارج والسائد في المشهد الشعري، فثمة جرأة في طرحه للفكرة كرؤية، وثمة تمرد في طريقة تشكيله لنصوصه التي قد تبدو لوهلة غير مترابطة الدالات والدلالات، وقد يعدّه بعضهم غموضاً وخروجاً إلى حدّ الغرابة، لمحيطه الأثر الكبير في رؤاه الشعرية».

وعنه قال الشاعر "محمد خير داغستاني": «"قاروط" من الشعراء المهمين في المشهد الشعري الراهن، يمتلك إلى جانب الموهبة والثقافة، الحساسية العالية التي تجعل من قصيدته متعبة بالمعنى الجمالي للكلمة، وتحتاج إلى أكثر من قراءة استمتاعاً وتحليلاً، وفيها من العمق والفلسفة الشيء الكثير».

يذكر أن الدكتور "ماجد قاروط" من مواليد "حماة" عام 1970، يحمل دكتوراه في الأدب العربي "علم الجمال"، من جامعة "حلب" عام 2006.