بأسلوب أدبي متميز استطاع الكاتب "محمد نور كرديش" أن يجمع ما أوحت الأيام له ويدخل عالم الكتابة والأدب، ويترك بصمة خاصة أغنى بها المكتبة العربية.

مدونة وطن "eSyria" وبتاريخ 1 كانون الثاني 2018، تواصلت مع الكاتب، وقال: «ولدت في مدينة أم النواعير "حماة"، وترعرعت في حيّ شعبي، فشربت الطيب والعطاء والتفاني تجاه الآخر، حصلت على الثانوية العامة الفرع العلمي عام 1981، وسافرت إلى الاتحاد السوفييتي عام 1984 لدراسة هندسة الطاقة الحرارية للصناعات، وهناك ازداد إيماني بالوطن وأيقنت أن أمتي يجب أن تنهض وترتقي، فعدت إلى الوطن عام 1990، وعملت في إحدى المنشآت الصناعية الحكومية، حاربت التخلف وتقلّب الأهواء في زمن التغيرات؛ وهو ما جعلني سنديانة تقف في مهب الريح، تنحني أحياناً، وتقف شامخة أحياناً، لكنها في جميع الأحوال تبقى الملاذ الذي طالما اشتاقت إليه الطيور المتعبة».

الشعر قيد أفكاري، فقفزت منه إلى القصة، حيث أجد راحتي في التعبير؛ فلا يقيدني وزن، ولا أبحث عن كلمة لتناسب التفعيلة، وأهم مقومات القصة في عصر السرعة أن تكون جذابة من دون لف ودوران وتدخل بالموضوع فوراً، فالقارئ لم يعد يهتم بالمقدمات الطويلة ونسج الجمل غير الضرورية، فملامسة روح القارئ أساس نجاح القصة

عن بدياته في الكتابة، قال: «بدأت الكتابة منذ نعومة أظافري، فكانت عبارة عن افتتاحيات في مجلة الحائط المدرسية، ثم تطوّرت إلى مقالات وخطابات وخواطر من وحي المناسبة الوطنية والقومية، فالموهبة هي الأساس في الكتابة، لكنها تحتاج إلى ثقافة ذاتية ومطالعة باستمرار، كما تحتاج إلى دورات في الأجناس الأدبية، وإرشاد ورعاية في بداياتها حتى يتمكن الموهوب من وضع قدمه على أولى درجات سلم النجاح، ثم يسلك دربه ويبني شخصيته الأدبية الخاصة به، كما أن "اتحاد شبيبة الثورة" له فضل كبير في تنمية مواهبي من خلال الدورات والمشاركات وفتح المجال أمامي للوقوف على المنابر وتشجيعي وتوجيهي، ولا أنكر بعض أساتذتي أيام الدراسة الثانوية، وخاصة الأستاذ والأديب "عدنان قيطاز".

غلاف كتاب وحي الأيام

أولى كتاباتي المنشورة كانت بتشجيع من زوجتي لكونها مدرّسة لغة عربية، حيث تم نشر أول قصة عام 1995 تقريباً في صحيفة "الفداء" بمدينتي "حماة"؛ وهذا شجعني على تجميع وريقات الماضي لأخرج منها كتاباً، لكن بسبب الضيق المادي لم يظهر هذا الكتاب إلا في عام 2011، بعنوان: "وحي الأيام"؛ وهو عبارة عن مجموعة قصصية تحكي الواقع بحلاوته ومرّه.

الكاتب يجب أن يرتبط بالواقع والمجتمع، فإن كان الرسام يبدع بريشته لوحة يراها بعينيه، فالكاتب يبدع بتأليف حالة اجتماعية من خلال رؤيته الفكرية؛ فيرسمها في قصة أو خاطرة».

الكاتبة"رامية عبد الحميد الملوحي"

وبالنسبة للإنتاج الأدبي، قال: «الإنتاج الأدبي مثل طباعة الكتب يحتاج إلى المال، وهنا قد تموت المواهب أو تبقى في الأدراج تنتظر من يتبنى ويرعى هذا الإنتاج في زمن باتت الكلمة الإلكترونية هي الرائجة بين القراء. أنا أكتب للقارئ، وأعيد التصحيح والصياغة للفكرة كي تكون ملائمة للحياة التي نعيشها كي تدخل قلوب الناس بسهولة وبساطة، فأنا صاحب رسالة في الكتابة، فكل خاطرة أو قصة لها حكاية واقعية، حيث أسلط الضوء على قضية، أو أحاول علاج موضوع إنساني».

وفيما يتعلق بالشعر، قال: «الشعر قيد أفكاري، فقفزت منه إلى القصة، حيث أجد راحتي في التعبير؛ فلا يقيدني وزن، ولا أبحث عن كلمة لتناسب التفعيلة، وأهم مقومات القصة في عصر السرعة أن تكون جذابة من دون لف ودوران وتدخل بالموضوع فوراً، فالقارئ لم يعد يهتم بالمقدمات الطويلة ونسج الجمل غير الضرورية، فملامسة روح القارئ أساس نجاح القصة».

الكاتبة"رماح اسماعيل"

الكاتبة "رامية عبد الحميد الملوحي" كتبت عنه في صحيفة "الفداء": «بينما يسدل الغسق أجنحته على الناس والأشياء، تكون عرائس الفجر على موعد مع رقصة الحلم الأبدي، فتنزلق الألوان على إيقاع الفرح والحزن، وهذا التناغم الجميل قرأته في مجموعة الأديب "محمد نور كرديش": "وحي الأيام"؛ وهي باكورة أعماله القصصية التي جاءت في 105 صفحات من القطع المتوسطة.

إن موهبة هذا الكاتب جعلته يعطي الإبداع حقه، لقد قدم مجموعة قصصية مختلفة بمواضيعها وصورها وأحداثها؛ وهذه ميزة مهمة لا يبدع في مجالاتها سوى الكاتب المتمكن من الكلمة والصورة والأسلوب، فانطلق "كرديش" محملاً بأحاسيس ومشاعر عميقة ملونة بواقعية تتنفس عبرها الكلمات بشفافية ورومانسية، وتغيرات لا تخلو من الخيال الإبداعي، وعالج أحوالاً اجتماعية وعاطفية وإنسانية ضاجة بالحياة وتعقيداتها».

الكاتبة "رماح إسماعيل" قالت عنه: «يتمتع الكاتب "كرديش" بأسلوب أدبي فيه الكثير من التناغم بين الكلمات، حيث يمكن أن يشعر القارئ بأن موسيقا ما تصدر من بين سطوره؛ فهو يستخدم تعابير حية لها وقع في العاطفة، كما يتميز أسلوبه بالتنويع، فلا تكرار فيما يكتب، أفكاره دائمة التجدد، وفي كل صفحة يشرح زاوية معينة تعبر عنه وتلامس الواقع بشفافية ووضوح».

الجدير بالذكر، أن القاص "محمد نور كرديش" من مواليد "حماة" عام 1962.