أيقن أنّ الطّموح لنيل السٍّلام مرتبطٌ بقدرته على خوض الحرب، لكن المعارك هنا كانت صامتة، فقد استطاع بحنكته أنْ يوقظ القوى الكامنة في عقول متدربيه بأسلوب مثير، فكانوا قادرين على خوض تلك المعارك برباطة جأشٍ وذكاء، وكان لهم شرف البطولة في العديد من المحافل المحلية والعربية والعالمية.

الأستاذ "علي الخطيب" المدرّب والحكم الدولي للشطرنج، الذي التقته مدونة وطن "eSyria" في قاعة تدريب الشطرنج في نادي "السلمية" الرياضي بتاريخ 8 أيار 2019، وتحدّث لنا عن مسيرة التدريب والتحكيم وشغفه بلعبة الشطرنج، فقال: «بدايتي مع لعبة الشطرنج كانت عام 1970 بعفوية من خلال رابطة "شبيبة الثورة"، ولم يكن لديّ أي منظور علميّ حينئذٍ، وإنّما بغاية اللّعب فقط، لكن شدتني لها روح المنافسة، بعدها تطورت لعبتنا وأصبحنا نلعبها في نقابة المعلمين مع جيل من عباقرة الشطرنج الذين كانوا قد أسسوا هذه اللعبة في "السلمية"، وهم: "حاتم رستم، نبيل فهد، محمد الشيحاوي"، والمرحوم "منذر الشيحاوي".

أهم شيء برأيي امتلاكه موهبة التدريب التي يستطيع من خلالها إيصال الفكرة إلى المتلقي بأبسط الحلول وأسهلها، إضافة إلى القدرة على زرع روح المنافسة والقوة والإصرار لدى المتدربين؛ وهذا فن ومهارة التدريب

وفي عام 1983 انتسب نادي "السلمية" إلى اتحاد الشطرنج، وبدأت اللعبة تأخذ أسلوباً ممنهجاً ضمن الاتحاد الرياضي العام، وأصبح لها ميادين وآفاق كثيرة وقوانين وأنظمة غير التي كانت عليه سابقاً، وكان لي الشرف أن أكون مدرّباً مساعداً لمدة سنتين مع الأستاذ المرحوم "منذر الشيحاوي" أحد أعمدة لعبة الشطرنج على مستوى المحافظة والقطر. ثم أصبحت مدرّباً للعبة في نادي "السلمية" منذ عام 1985 حتى اليوم».

علي الخطيب حكم في مباراة دولية

وأضاف "الخطيب": «لم يكن هاجسي اللّعب بقدر التدريب والتحكيم، فكان التدريب شائقاً ومهماً في حياتي، وأضاف إلى شخصيتي الكثير من القيم والمفاهيم حتى أصبح جزءاً لا يتجزأ من كياني، وأصبحتُ غير قادرٍ على العيش من دونه، ووجهت كل طاقاتي في هذا الاتجاه، وكنت وما أزال أشعر بأنَّ بداخلي طاقاتٍ كثيرة يجب أن أوظفها في مجال الشطرنج».

ولدى سؤالنا عما يميز مدرّب لعبة الشطرنج، أجاب: «أهم شيء برأيي امتلاكه موهبة التدريب التي يستطيع من خلالها إيصال الفكرة إلى المتلقي بأبسط الحلول وأسهلها، إضافة إلى القدرة على زرع روح المنافسة والقوة والإصرار لدى المتدربين؛ وهذا فن ومهارة التدريب».

صورة تجمع علي الخطيب مع حكام العرب للشطرنج

"علي الخطيب" درّب كل الفئات العمرية بدءاً من الخامسة، وعن هذا الجانب قال: «كان هاجسي الوحيد تخريج أبطال على مستوى الجمهورية والعالم، وبالفعل استطعت زرع مفاهيم وأسس اللعبة في قلوب وعقول مجموعة من شابات "السلمية" الطموحات، فكنَّ الجيل الأول الذي كان وما يزال له باعٌ كبير في مجال لعبة الشطرنج.

ففي عام 1992 استطعنا لأول مرّة في تاريخ لعبة الشطرنج في "السلمية" أن نحرز المراكز الأولى ببطولاتٍ على مستوى الجمهورية، حيث نالت "ميسم الجندي" المركز الأول، و"أفاميا المير" المركز الثاني، وأسماء أخرى من الشابات اللواتي أحرزن مراكز أخرى على الرغم من المنافسة القوية في بقية المحافظات، منهم: "وسيلة الشيخ خضر، إيفيت المير، أريج سليم". وقد استطاعت لاعباتنا إحراز لقب بطلات الجمهورية في الشطرنج في الأعوام 1994-1995-1996، وبعدها انفردت البطلة "أفاميا المير" بلقب بطلة الجمهورية حتى عام 2010».

مأمون جمول

وأضاف: «استمريت بتدريب القواعد، وهدفي وصول اللاعبين إلى النجومية، وشاركنا في بطولات خارجية لم يخلُ فيها أي منتخب وطني من كوكبة متميزة من شابات وشباب "السلمية"، وكان لنا أبطال بالمراكز الأولى على مستوى العرب في البطولات المقامة في "أبو ظبي، وتونس، والأردن، واليمن"، والأولمبياد الذي أقيم في "أذربيجان"، ومن هؤلاء الأبطال: "أريج سليم، صخى فرحة، ريتا ياغي، آرام آدم، إسماعيل خضور، نغم الخطيب، منار خليل، أبي الشيحاوي، رؤى القصير، مدى اليازجي"، إضافة إلى وجود لاعبين لم يتمكنوا من الفوز بالمراكز الأولى».

وعن سؤاله عن كونه حكماً دولياً، أجاب: «لكوني أقدم حكم للشطرنج في "سورية" أصبحت حكماً دولياً عام 2002 وعضواً في لجنة الحكام العرب، وكنت الحكم الرئيس في بطولات العرب التي أقيمت في "الأردن، والإمارات" وغيرهما من الدول، وكذلك حكّمت في كثير من بطولات العالم؛ كأولمبياد "أذربيجان" وأمم "آسيا" في "إيران"».

ويتابع: «لقد قمت بإعداد كتاب استنبطته من القانون الدولي للشطرنج وصغته بأسلوب بسيط وسهل الفهم، وقمت بتوزيعه مجّاناً لكافة الحكام الوطنيين والدوليين في "سورية"، وكان بعنوان: "أنت تسأل ونحن نجيب"، وفيه 120 سؤالاً وجواباً، وقد لاقى إقبالاً كبيراً من قبل الحكام والمتدربين».

"مأمون جمول" رئيس نادي "السلمية" الرياضي، يقول عنه: «"علي الخطيب" من الركائز الأساسية والمهمة في نادي "السلمية"، وهو إنسان لا يعرف التعب، لم يتوانَ يوماً عن تقديم كل معلوماته وطاقاته في قاعة التدريب المتواضعة بتجهيزاتها، واستطاع الوصول إلى عقول متدربيه وكسب محبتهم في سبيل تخريج أبطال على مستوى العرب والعالم، وأضاف إلى نادي "السلمية" بصمةً لن تُمحى في تاريخ لعبة الشطرنج».

الجدير بالذكر، أنّ "علي الخطيب" من مواليد مدينة "السلمية" التابعة لمحافظة "حماة" عام 1958، لديه ابنتان وولد من أبطال الجمهورية والعرب في الشطرنج، عضو الاتحاد العربي السوري للشطرنج، ورئيس لجنة الحكام العرب في "سورية".