عَشِق الفنانُ "زهير حسيب" لوحته، فهي ملاذه الوحيد يبوح من خلالها بفرحه وحزنه وألمه، فاللوحة عنده وطنٌ وعطاءٌ ورسالةٌ جماليةٌ للإنسان أينما كان، تبعث على التّسامح وتحثُّ على الحب.

التقت مدونةُ وطن "eSyria" بتاريخ 9 تموز 2019 الفنان "زهير حسيب" وتجولت معه في مرسمه تقرأُ ما خطّت ريشته من ألوان زاهية وتستمع إليه يقول: «أحببت الفن بشغفٍ منذ طفولتي المبكرة، فقد كنت أدخل مرسم أخي الفنان التّشكيلي "عمر حسيب" وأشمُّ رائحة الألوان واللوحات وانزرعت في داخلي أولى بذور الحسّ الجمالي اللوني وبدأت أرسم، أما البذرة الثانية فأخذتها من والدي ومن العمل الذي كان يزاوله في صناعة أدوات الأرض من (المحراث والجرج والنير)، وكنت أراه وهو ينحت الخشب بيديه، فأجده فنانَ نحتٍ بامتياز، يصنع أدواته بإتقانٍ وحبّ ويحسّ الجمال فيها، أما البذرة الثالثة التي أثرت فيّ فهي الطبيعة التي صنعت عندي الذّاكرة الأولى (الذّاكرة الثّمينة) بما فيها من حقول القمح المصفوفة كسبائك ذهب تتنقل عبرها مجموعات الفلاحين بمواويلهم كأحجار كريمة ملونة مشعّة بالضوء، فلباس النساء عندنا مهرجان وسيمفونية ضوئية ألوانها صريحة صافية، وكان مشروع تخرجي عن الحصاد بهذه الحقول، ومعارضي فيما بعد كانت من وحي بيئتي فهي واحدة من مصادر الطاقة اللونية لدي».

الأنثى في لوحاتي سنديانة وهي العمود الفقري، أما الرّجل فيشبه السّيد المسيح، أرسم الألم بجمال، ولي فلسفتي الخاصة باللون فأخذت محطات متنوعة، ومختلفة رسمت ملامحها ظروف المرحلة التي وجدت فيها، ارتسم مخطط حياتي اليومي بين قهوتي في الصّباح وزوايا مرسمي وثنايا ذاكرتي وكذلك ريشتي وألواني التي خبرتها فتجاوبت مع ذاتي وتمايزت وكانت انعكاساً للرموز الإنسانية الثّابتة لتلامس القلب وشغافه من حبّ وأمومة وفرح وحزن، وأعتقد أنّ إحساسي هذا جاء من كوني أركّب أغلب ألواني بيدي واستعمل تقنيات خاصة ومختلفة من تراب ورمل وأستخدم القماش وورق الذّهب وأوظفها توظيفاً سليماً

يتابع الفنان "زهير" في حديث الفن الشجي ولوحاته ويقول: «الأنثى في لوحاتي سنديانة وهي العمود الفقري، أما الرّجل فيشبه السّيد المسيح، أرسم الألم بجمال، ولي فلسفتي الخاصة باللون فأخذت محطات متنوعة، ومختلفة رسمت ملامحها ظروف المرحلة التي وجدت فيها، ارتسم مخطط حياتي اليومي بين قهوتي في الصّباح وزوايا مرسمي وثنايا ذاكرتي وكذلك ريشتي وألواني التي خبرتها فتجاوبت مع ذاتي وتمايزت وكانت انعكاساً للرموز الإنسانية الثّابتة لتلامس القلب وشغافه من حبّ وأمومة وفرح وحزن، وأعتقد أنّ إحساسي هذا جاء من كوني أركّب أغلب ألواني بيدي واستعمل تقنيات خاصة ومختلفة من تراب ورمل وأستخدم القماش وورق الذّهب وأوظفها توظيفاً سليماً».

من لوحات الفنان زهير

تحدث الفنان "وليد الآغا" عما عرفه عن صديقه "زهير" فقال: «اقتصرت معرفتي بالفنان "زهير" أيام الدراسة بحدود الإعجاب بالموهبة لديه، وبعد التّخرج وخوض غمار العمل اجتمعنا وتقلّصت المسافات بيننا فوجدت عنده أموراً وتقاطعات كبيرة بيننا ضمن مفهوم الفن ووجدانه وصدق الفنان، فتوطدت العلاقة وتعمقت وامتلأت بالحب والشّجون وأصبح اجتماعنا واجب بكل تفاصيل حياتنا، إنّي أجد في صديقي إنساناً عصامياً وفناناً ابن بيئته وضمن مفهوم معاصر، أخذ عن أخوه الفنان "عمر" وهو قامة من قامات الفن فكان له المنبر، عجنه وعلّمه الفن بطريقة مختلفة فتعايش مع اللون، وأخذ أيضاً عن الأستاذ الفنان "فاتح المدرس" واكتسب منه العنفوان الذّاتي الذي يغلف الطفل بداخله، ما مكّنه من امتلاك ثقافة فنية بصرية راقية وثقافة قراءة اللوحة والإنسان والوطن المنتمية، أما التّكنيك الذي يعمل به الفنان "زهير" فمحصور فيه وله بصمة متميزة يفرض الغنى على فنه ولوحاته من غير ترفٍ في أعماله وعناصرها فهو يقرأ الواقع ويترجمه بصدق وحبّ وتفاؤل وجمال ويضعه تحت عباءته الجمالية وتحت إحساسه ويسخّر تقاناته الجذابة لخدمة فنه، فهو الآن أحد لبنات المشهد التّشكيلي السّوري، يملك الحضور الذّاتي الفني على مستوى زملائه وأصدقائه وعلى مستوى خارجي لا يستهان به».

الفنان "زهير حسيب" من مواليد عام 1960 مدينة "الحسكة" خريج كلية الفنون الجميلة عام 1985، له معارض في "سورية" وفي عواصم ومدن العالم.

الفنان وليد الآغا
من مرسم الفنان زهير حسيب