درس العلوم الأساسية للموسيقا في مركز "القامشلي للفنون الموسيقية" بـ"الحسكة" على يد الموسيقي "حسين ابراهيم"، والصولفيج والمقامات على يد الدكتور "محمد عزيز زازا" مدير المركز، والتدوين على يد الأستاذ "كاميران ابراهيم"، وكان للأساتذة "رشيد صوفي" و"نوبار ميلكونيان" و"محمد عمر" أيضاً فضلاً على الفنان وعازف الجُمبش "عبد الستار العلي" الذي حصل مؤخراً على شهادة البورد الألماني كمدرب لتدريس الموسيقا.

"العلي" من عازفي آلة الجمبش، وشغله الشاغل هو التراث الغنائي السوري بشكل عام، وتراث منطقة الجزيرة بشكل خاص، يبحث ويوثق وينوّط الكثير منها، وعن المراحل الأولى لدخوله هذا المجال يقول لمدوّنة وطن "esyria" إن صديقه وابن عمه الموسيقي "مسعود العلي" المقيم حالياً في "الجزائر"، هو من حرضه وشجعه، لذا يعدّه معلمه الأول، أما معلمه الثاني فهو الأستاذ الكبير "ميشيل عوض"، ومن ثم أتت المرحلة الأكاديمية في مركز "القامشلي للفنون الموسيقية".

"عبد الستار العلي" فنان وأستاذ راقٍ، محترم وموهوب في العزف على عدة آلات موسيقية وله دور في تشجيع الأجيال الجديدة على تعلم العزف في منطقتنا

ويوضح عن آلة الجمبش التي قلّ عازفوها كثيراً اليوم، إنها صارت آلة تراثية تقريباً، وقليلة الانتشار، بعد كم هائل من الأغاني المسجلة برفقتها، مشيراً إلى أن هناك مجموعة من العائلات الفنية التي أبدعت في العزف عليها؛ كعائلة "علاني" والفنان "جمال سعدون" بمنطقة "ديريك" في الجزيرة السورية وأيضاً الفنان الراحل "آرام ديكران"، وحالياً يستعملها أحياناً بعض الفنانين بالمنطقة ذاتها ومنهم: "محسن دلي"، "لوندو"، "خالد موسى"، "رمضان نجم أومري"، و"محمود عزيز".

العلي يعزف على آلة الجمبش

ويرى "العلي" أنّ سبب انتشارها سابقاً ليس عذوبة ونقاء صوتها فحسب، وإنما السبب الفيزيائي لعلو الصوت حيث الأوتار الفولاذية والجلد الرقيق والقصعة المصنوعة من الألمنيوم وأحياناً من النحاس، كل هذه العوامل مجتمعة تزيد من نقاء وعلو الصوت، في مرحلة كانت فيها مكبرات الصوت والتكنولوجيا الصوتية شحيحة.

ويضيف: «شاركت في الكثير من الفعاليات والأنشطة، ومن أهمها وأجملها على الإطلاق مشاركتي في ملتقيات "البزق" السابع والثامن في دار "الأوبرا" بـ"دمشق" عامي 2018 و 2019، إضافة إلى المشاركات في أعياد "النوروز"، وفي لجنة القبول مع الفنانين "رضوان كنعو" و"محمد صالح اسماعيل" في مهرجان "العزف المنفرد" الأول الذي أقيم في مدينة "القامشلي"».

مع مجموعة من طلابه

وعن موضوع التراث قال "العلي" إن من أسباب الإبداع في مجال ما، معرفة قديمه ومتابعة جديده وحديثه، والاهتمام بالتراث هو الطريق المؤدي إلى الاهتمام بالحاضر والحديث، والاهتمام بالنسبة إليه هو التدوين، تدوين الكلمة وتدوين اللحن لحفظ هذا التراث من الضياع والاندثار، لذلك قام بتدوين الكثير من الأغاني الفلكلورية، ودوّن للأستاذ "سعيد يوسف" مقطوعة بعنوان "كل العلامات"، على أحدث البرامج حيث قام بعزفها فيما بعد العازف "مارسيل" في "السويد" بإشراف الموسيقي "بشير بوطاني"، ودوّن أيضاً للفنانين "محمد علي شاكر"، "صلاح أوسي"، و"رضوان كنعو".

يهتم "العلي" في السنوات الأخيرة بالأطفال، يعلمهم الموسيقا والمقامات الشرقية بأسلوب مرن وجذاب إذ برأيه أن من يملك الأطفال يملك الشباب وبالتالي يملك المستقبل، وقد لاحظ بأن كل الأطفال يحبون الموسيقا كما يحبون الحلوى، أما توجهاتهم، فهذه مسؤولية المدرّس، فحيثما توجههم يتوجهون، يعلمهم أغاني الجزيرة المعروفة من عربي وكردي وسرياني وأرمني، وكذلك يعلمهم ويدربهم على الغناء الطربي القديم مثل مقدمات لأغاني كبار الفنانين "أم كلثوم" و"محمد عبدالوهاب" وينشرون نشاطاتهم أحياناً على مواقع التواصل الاجتماعي فيحظون بتعليقات من كبار العازفين على مستوى الوطن والجوار.

بين رشيد الصوفي ومحمد علي شاكر

ويرى "العلي" بوضوح مستقبل أغاني الجزيرة وموسيقاها من خلالهم، لأنهم يوماً ما سيحملون راية الفن التي لا ترمز ولا تعبر عن شيء سوى المحبة لكل العالم، مستشهداً بتلميذه "محمود مراد" الذي سيحصل قريباً على شهادة الماجستير من إحدى جامعات "ألمانيا".

من جهته "محمود مراد"، الموسيقي المتابع لمسيرة أستاذه "عبد الستار العلي" قال إنه فنان حقيقي ومتواضع، يتسم بروح الدعابة ولا يبخل في إعطاء المعلومة، كما أنه لا يتسابق إلى الشهرة والأضواء كالكثيرين رغم قدراته العالية في الجانبين النظري والعملي، حيث يتقن العزف على مجموعة من الآلات بالإضافة إلى أمور فنية أخرى كالتخطيط، العمل معه مريح، وقد لمس هذا عبر نشاطات مشتركة معه.

أما الموسيقي "محمود كرداهولي" فقال: «"عبد الستار العلي" فنان وأستاذ راقٍ، محترم وموهوب في العزف على عدة آلات موسيقية وله دور في تشجيع الأجيال الجديدة على تعلم العزف في منطقتنا».

يشار إلى أنّ "عبد الستار العلي" من مواليد عام 1969 "تل المعروف – الحسكة".

أجري اللقاء بتاريخ 10 تشرين الثاني 2020.