منذُ أن وطأت قدماه أرض "الولايات المتحدة الأميركية" قبل 17 عاماً للدراسة، يثبت الدكتور "يعقوب بغدي" حضوره بكلّ جدارة، بدأها بالمشاركة في اكتشاف الفأر الخارق، ومن ثم تثبيت وجوده في عالم الطبّ، والمشاركة في الصفوف الأولى للتصدي لفيروس "كورونا".

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 4 أيار 2020 مع الدكتور "يعقوب بغدي" حيث حدثنا عن نفسه قائلاً: «كنت طالباً متفوقاً في مدارس "الحسكة"، وتخرجت من ثانوية المتفوقين عام 2003 بمجموعٍ عالٍ، وكان طموحي دراسة الطب في "الولايات المتحدة الأميركية" لكي أصبح طبيباً مثل والديّ اللذين كنت شديد التعلق بهما وبعملهما، سواء في عيادتيهما، لأنّ والدي متخصص بالأمراض القلبية، ووالدتي متخصصة بالأمراض النسائية، أو في المشفى». ‏

كنت طالباً متفوقاً في مدارس "الحسكة"، وتخرجت من ثانوية المتفوقين عام 2003 بمجموعٍ عالٍ، وكان طموحي دراسة الطب في "الولايات المتحدة الأميركية" لكي أصبح طبيباً مثل والديّ اللذين كنت شديد التعلق بهما وبعملهما، سواء في عيادتيهما، لأنّ والدي متخصص بالأمراض القلبية، ووالدتي متخصصة بالأمراض النسائية، أو في المشفى

ويتابع: «بعد التخرج من الثانوية العامة، سافرت بالعام نفسه إلى "الولايات المتحدة الأميركية"، ودرست اللغة الانكليزية في ولاية "أوهايو" لمدة سنة تقريباً، وقد أهلتني علاماتي للقبول في جامعة "Cas Western Reserve University" المشهورة في "كليفيلند أوهايو" من أجل دراسة الطب، وكان من المهم الحصول على مؤهل علمي يسمى (Bachelor Degree) في أي فرع قبل دخول كلية الطب، قررت دراسة الكيمياء والتركيز على البحث في الكيمياء البيولوجية، وبعد أن حصلت في عام 2006 على مقرر في الكيمياء البيولوجية عن الاستقلاب الذي كان يدرّسه الدكتور "ريتشارد هانسن" الذي يعد من كبار الأساتذة في الجامعة، قابلته وأبديت له رغبتي في التطوع للعمل في مختبره، فوافق، ولم يمض الكثير من الزمن حتى تمكنت من إثبات وجودي في المختبر، وصرت باحثاً مشاركاً في العديد من الأبحاث التي تجرى فيه، ومنها بحث عن الفئران الخارقة "Super Mouse"». ‏

مع عائلته في المغترب

وعن هذا البحث يقول: «الهدف من إجرائه هو دراسة دور الكيمياء العضوية في عملية التمثيل الغذائي التي تعدُّ أساس الحياة، ما يساعد على فهم أكبر للصحة والأمراض عند البشر، ‏إذ إن الفئران المطوّرة جينياً والتي سميت بالفئران الخارقة تستطيع الركض لمسافة 6 كيلومترات، بسرعة 20 متراً في الدقيقة قبل التوقف، وهي مثل بطل سباق الدراجات "لانس أرمسترونغ"، تستعمل الأحماض الدهنية (fattyacids) لإنتاج الطاقة بدلاً من السكر، وتنتج القليل فقط من الأحماض اللبنية (lactic acid)، وتمتلك عضلاتها عدداً أكبر من الحبيبات الخيطية (mitochondria) التي يمكن عدّها كمولدات للطاقة من تلك الفئران التي يجري عادة خلقها في المختبرات، وهذا يعني أن هذه الفئران الخارقة تستطيع أن تركض عشر مرات أطول من المسافة التي تقطعها الفئران العادية، وبضعف السرعة، وهي بوزن أقل على الرغم من أنَّها تأكل حوالي 60 % أكثر من الفئران العادية، وبالإضافة إلى ذلك فهي تعيش فترة أطول كونها قادرة على الإنجاب والتكاثر حتى سن 3 أعوام». ‏

وعن الفوائد العلمية من هذا البحث يقول: «من شأن هذه التجارب الناجحة الجديدة أن تساعد العلماء والباحثين، على فهم أكبر لحالات إنسانية متعددة مثل ضمور العضلات، كما يمكن الاستفادة منها في أبحاث عن أمراض السرطان، وفي التأثير عن فرط النشاط (Hyperactivity)، وأبحاث تتعلق بالشيخوخة باعتبار أنّ الفئران الخارقة نشأت كنتيجة لتعديل وراثي قياسي لجين أيض واحد تتشارك فيه مع بني البشر، ما يوفر إمكانية استخدام الاكتشافات في تطوير عقاقير أو علاجات جديدة، يمكن أن تستخدم يوماً ما في تعزيز القدرات الطبيعية للرياضيين، ذلك أن التعديل الوراثي إلى جين داخل في أيض الغلوكوز يستحث الاستخدام الأمثل لشحن الجسم لإنتاج الطاقة، كما أنّ الفئران في الوقت نفسه لا تعاني من تراكم حمض اللاكتيك المسبب للتشنجات العضلية، وهي ميزة أخرى يمكن رؤيتها في أكثر الرياضيين تحملاً، ومن الممكن لشركات الصيدلة أن تستخدم تلك الاكتشافات لتطوير عقاقير جديدة لتحسين أداء العضلات، الأمر الذي يمكن أن يفيد مرضى معينين». ‏

تجربة الفأر الخارق

وعن رحلته في "الولايات المتحدة الأميركية" وعمله الحالي يقول: «في عام 2004 بدأت الدراسة في جامعة "كيس ويسترن ريزيرف"، وصرت عضواً في رابطة طلابها، وفي 2008 تخرّجت من هذه الجامعة وصرت عضواً في اتحاد خريجيها، وفي 2009 تابعت الدراسة في جامعة "سانت جورج" إلى أن تخرجت في عام 2013، وعملي الحالي هو طبيب الطب الباطني لدى مركز "إليزابيث بوردمان" الصحي، ومدرس سريري لدى جامعة شمال شرق "أوهايو" الطبية، وقبل ذلك كنت طبيب الطبّ الباطني لدى مركز "لوراين ميرسي هيلث" وطبيب مقيم لدى مركز "ميرسي هيلث" في "يونجستاون كليفلاند كلينيك"».

أما عن الدور الذي يؤديه الآن في ظل تفشي فيروس "كورونا"، فأضاف: «منذ اليوم الأول الذي طلب فيه مركز مكافحة الأمراض واتقائها، من الجمهور الأميركي الاستعداد لتفشي جائحة مرض "كوفيد 19" في الخامس والعشرين من شباط 2020، ونحن نبذل أقصى جهودنا لمواجهة هذا المرض من خلال مجموعة من الإجراءات الطبية التي تهدف إلى احتواء أو الحدّ من تفشيه، وتتضمن هذه الإجراءات أغلب الأحيان تتبع المخالطين وحجرهم صحياً، وعزل الحالات المعدية منهم، ما يتطلب موارد بشرية كبيرة وأعداد موظفين كثر على كافة الصعد، أقوم بواجبي الإنساني كما زملائي بانتظار أن ننتصر على هذا الوباء».

في الخطوط الأمامية للتصدي لوباء كورونا

الدكتور "عصام بغدي" المقيم في "الولايات المتحدة"، تحدث عن ولده قائلاً: «منذ نعومة أظفاره كان "يعقوب" متفوقاً، وقد أثبت ذلك في جميع المراحل الدراسية والعملية التي مر بها، وكان طموحه منذ البداية أين يكون طبيباً ناجحاً، لدرجة أنه كان يراقب عن كثب ما أقوم به ووالدته الدكتورة "نيللي الحايك" من إجراءات لتشخيص الحالات التي بين يدينا ومعالجتها، وخلال مسيرته الدراسية والعملية في "الولايات المتحدة الأميركية"، مرّ على العديد من المراكز العلمية والطبية ومراكز الأبحاث كمركز "لينكولن" الطبي والعقلي، ومركز "وودهول" الطبي، ومركز مستشفى "بروكلين"، ولم يكن وجوده في هذه المراكز العلمية عابراً، كما لم يكن مروره عليها مرور الكرام، وإنما نشأت علاقة تبادلية بينه وبينها، قدمت له وقدّم لها الشيء الكثير من العلم والمعرفة من خلال الدراسة والبحث العلمي والعمل الجاد والدؤوب».

الدكتور "جورج شمعون" المختص بالأمراض الداخلية، ومدير مشفى "الحياة" في "الحسكة"، قال: «عندما تطوّع الدكتور "بغدي" للعمل في مختبر الدكتور "ريتشارد هانسن" أثنى على جهوده، معتبراً أداءه غاية في الدقة والنجاح، ودوره أساسياً وهاماً في البحث العلمي إلى جانب زملائه الآخرين البالغ عددهم خمسة باحثين، ولذلك دعاه للانضمام إلى فريق الباحثين التابع له رسمياً، والعمل في المختبر بأجر، نظراً للكفاءة التي أظهرها. وقامت مجلة الكيمياء البيولوجية الأميركية بنشر عدة مقالات عن إنجازات هذا الفريق الذي أصبح د. "يعقوب" عضواً أساسياً فيه. ومن هذه الأبحاث بحث عن الفئران الخارقة، حيث حظي هذا الاكتشاف المذهل باهتمام إعلامي كبير داخل "الولايات المتحدة الأميركية" وخارجها، وخاصة في "أوروبا" فقد أجمعت وسائل الإعلام على أنّ الفأر الخارق أدهش العالم بقدراته، وأنّ العلماء مندهشون من التوصل إلى فأر خارق معدل وراثياً له قدرات بدنية غير عادية، ونظراً لأهمية هذا البحث والنتائج المذهلة التي تمخضت عنه تمّ ترشيحه ‏لنيل جائزة "نوبل" في الكيمياء العضوية».

من الجدير بالذكر أنّ الدكتور "يعقوب بغدي" من مواليد "الحسكة" 1987، ومقيم حالياً في "يونغزتاون" في "الولايات المتحدة الأميركية".