وهب سنوات عمره لجمع التراث، فجال على مناطق شتى في سبيل المهنة التي عشقها، وقدّم لها الكثير من الوقت والمال.

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 6 تموز 2017، زارت "إدمون كبرو صليبا" في محله بمدينة "القامشلي" الذي حوّله إلى معرض تراثي للمواد والقطع التراثية، التي جمعها منذ سنوات طويلة، عن تلك السنوات التي قضاها في البحث عن التراثيات قال: «منذ الصغر أحببتُ المواد التي لها علاقة بالتراث، البداية معها كانت في عمر ثماني سنوات، عندما شاهدتُ والدتي تحمل طاحونة البن، تريد بيعها بقرش واحد، رفضتُ البيع بشدة وعنف، من دون وعي، لكنني منذ ذلك الوقت، تعلقت كثيراً بالطاحونة وغيرها من المواد التراثيّة، منذ تلك اللحظة، بدأت جمعها وشراءها أيضاً، تعرضت لشتى أنواع التعب والإرهاق، حتّى المغامرة أيضاً، في سبيل الحصول على قطعة، مهما كانت المسافة بعيدة، والطريق شاقاً، فالمهم الحصول على قطعة قديمة جداً للحفاظ عليها، باتت لدي مواد عمر بعضها 200 عام كأحد الفوانيس التاريخية، وعند شراء قطعة ما، لا أسأل عن السعر نهائياً، وقد تكون غالية الثمن».

سمعنا عن مهنته في المدينة، ولم نتردد في التوجه إلى محله الذي تحوّل إلى معرض تراثي يضم عشرات القطع التراثية بجهد ذاتي وكبير، والأهم أن الصغار والكبار يتوافدون إليه يومياً من أجل التعرف إلى تلك القطع الأصلية التي تعبر عن الماضي الجميل، وهو يقدم بهذا العمل خدمة جليلة وفي غاية الأهمية

يتابع عن رحلته مع التراث: «منذ عام 1992 انطلقت نحو عرض تلك القطع في المنزل والمحل أيضاً، فالمنزل يضم المئات منها، وحوّلت محلي (محل خياطة) إلى مقر عرض لعشرات القطع، سعادتي وهدفي أن يأتي الزوّار يومياً للتعرف إلى ماضيهم وتراثهم، وأكون في نشوة كبيرة عندما يزورني الأطفال من أجل التعرف إلى تلك القطع، هناك أكثر من 300 قطعة أثرية لدي، تتضمن مختلف جوانب الحياة، منها: "الفوانيس، والمسابح، والراديو، وميزان الذهب، والملاعق، والبوابير، والمطاحن، وأباريق الماء، والعملة السورية بمختلف مراحلها"، وغيرها. هناك أشخاص من القرى القريبة والبعيدة يسمعون عن رغبتي بشراء تلك القطع، فيتوجهون إليّ ويقدمون ما يملكونه من تراثيات للبيع، ولا أتردد في الشراء. خلال رحلتي في تلك المهنة اتّجهت إلى المناطق التالية من أجل جلب قطع تراثية: "حلب"، "حمص"، "دير الزور"، "دمشق"، "جبلة"، "درعا"، "اللاذقية"، ومؤخراً إلى إقليم "كردستان العراق" لذات السبب، حتّى اليوم أستمر بالبحث والزيارات للمناطق، لكسب أي شيء جديد، وكثيرة هي المرات التي أقطع المسافات سيراً من أجل قطعة، وإحدى المرات سرتُ لمسافة 25كم».

إدمون يفضل تراث منطقته على أي بقعة في العالم

يضيف عن رحلته التراثية: «كان عمري 12 عاماً، كلّفوني أهلي بشراء خروف من السوق وأعطوني 125 ليرة سورية ثمنه في ذلك الوقت، بذلك المبلغ اشتريت سبحة، وعدت إلى المنزل لأتلقى كمّاً من الشتائم والضرب لأيام طويلة، ويومياً أستمتع برؤية تلك القطع وتنظيفها، لكونها المتنفس لي، حتّى أن الكثيرين من أهلي في البلاد الأوروبية طلبوا مني الهجرة إلى حيث يقيمون، لكنني رفضتُ، فهذا التراث الذي أمتلكه لا يقدر بثمن، ولا يقابله أي شيء في أي بقعة بالعالم».

الإعلامي "محمد الصغير" من أهالي مدينة "الرقة"، قال عن تجربة "إدمون": «سمعنا عن مهنته في المدينة، ولم نتردد في التوجه إلى محله الذي تحوّل إلى معرض تراثي يضم عشرات القطع التراثية بجهد ذاتي وكبير، والأهم أن الصغار والكبار يتوافدون إليه يومياً من أجل التعرف إلى تلك القطع الأصلية التي تعبر عن الماضي الجميل، وهو يقدم بهذا العمل خدمة جليلة وفي غاية الأهمية».

مجموعة من القطع التراثية

يذكر أنّ "إدمون صليبا" من مواليد "القامشلي"، عام 1965.