مدة طويلة قضاها في السلك التعليمي كانت ملأى بالعطاءات والثناء في مختلف المواقع التي عمل فيها، فحظي في ختام مسيرته بتكريم مؤثر، يحدث لأول مرة لأقرانه، تأكيداً لمكانته، وتقديراً لجهده وعطائه وبصماته الكثيرة في مجال عمله.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 13 أيار 2018، التقت المربي "محمد صالح حسين العلي" ليحدثنا عن مسيرة حياته، حيث يقول: «ولدت في قرية نائية تقع جنوب جبل "عبد العزيز" في ريف "الحسكة" الغربي. درست المرحلة الابتدائية في قرية "المتياهة" التابعة لمخفر "أم مدفع" حتى عام 1971، وأكملت المرحلة الإعدادية في مدرسة "التطبيقات المسلكية"، و"أبي تمام" في مدينة "الحسكة".

تأثرت عائلتي بميولي الأدبية كثيراً، وكل أفرادها يحبون اللغة العربية؛ فابنتاي الأولى والثانية خريجتا لغة عربية، وزوجتي مع أنها تحمل شهادة الهندسة الإلكترونية، إلا أنها تهتم باللغة العربية، وتواصل البحث فيها أكثر من اختصاصها، إضافة إلى بقية أفراد أسرتي، فجميعهم متفوقون في دراستهم، ويعشقون اللغة العربية

تابعت المرحلة الثانوية في مدرسة "أبي ذر الغفاري" حتى عام 1977، ثم التحقت بكلية "الآداب"، قسم اللغة العربية في جامعة "حلب"، ودرست فيها السنتين الأولى والثانية، ثم انتقلت إلى جامعة "دمشق" حتى تخرّجت عام 1984».

أثناء تكريمه بعد مسيرته الحافلة

أما عن أهم الأعمال التي قام بها بعد تخرّجه، فيضيف: «تنقلت في العمل الوظيفي في أكثر من مؤسسة حكومية، حيث عيّنت أولاً في مركز "الفرات" للأدوية في محافظة "دير الزور"، ثم انتقلت بعد ذلك إلى فرع "الحسكة"، وعندما تم الإعلان عن مسابقة تعيين مدرّسين عام 1988، وبعد نجاحي التحقت كمدرّس للمرحلتين الإعدادية والثانوية في مدارس "الحسكة"، وبعدها درّست مادة اللغة العربية في معهد إعداد المدرّسين.

وفي عام 1997، عيّنت مديراً لثانوية "عبد الرحمن الكواكبي"، واستمريت في هذه المهمة حتى عام 2008، وخلال وجودي على رأس إدارة هذه المدرسة، بالتعاون مع زملائي من الكادر الإداري والتدريسي، حصلت الثانوية على مراتب إدارية وشهادات تقدير وثناءات كثيرة من مختلف الجهات الرسمية في مديرية التربية بالمحافظة ووزارة التربية؛ نتيجة تفوّق طلابها وتميّز كادرها، والتزامها بالمشاركة في كافة الأنشطة والمناسبات على مختلف الصعد.

الحضور الكبير أثناء تكريمه

ويشهد كل من يعمل في السلك التربوي على ريادتها، التي أصبحت مضرب المثل في الحالة الانضباطية، والالتزام بالدوام، والتفوّق».

وعن أهم النشاطات الموازية التي كان يقوم بها، يقول: «في الجانب الأدبي أوليت موضوع التأليف جزءاً مهماً من اهتماماتي، حيث عكفت على ذلك في محورين؛ الأول حول الدراسات الأدبية، فأنجزت ونشرت كتاباً بعنوان: "الوداع في الشعر العباسي"، وفي المحور الآخر الدراسات التراثية أصدرت كتاباً بعنوان: "على ضفاف كتب التراث". كما شاركت بكتابة العديد من المقالات الأدبية في الصحافة السورية والمجلات الخليجية، وكان لي أيضاً مساهمات متنوعة في مجلتي "الناقد" و"الكرمل" العالميتين،

إضافة إلى مشاركاتي المستمرة في إلقاء المحاضرات والملتقيات والندوات في العديد من المواضيع الأدبية في المراكز الثقافية في القطر في مختلف المناسبات، التي كانت ترسل إليّ دعوة من قبلها.

وحالياً مازلت أمارس نشاطي الأدبي كمحاضر في كلية الآداب بـ"الحسكة"؛ من خلال تدريسي لمادتي المكتبة العربية، وطرائق التدريس، وفي كلية التربية أقوم بتدريس مادتي القراءة والكتابة واللغة العربية.

وأنا على تواصل مستمر مع معظم الباحثين ودارسي اللغة العربية، أقدم لهم كل ما يحتاجون إليه من مساعدة واستشارات والحصول على بعض المراجع؛ لكوني أملك مكتبة كبيرة في منزلي، وتعدّ من أكبر وأشمل المكتبات في محافظة "الحسكة"؛ لما تحتويه من كتب ومراجع قيمة في مختلف صنوف الأدب، حيث جمعتها، وأعمل على الاهتمام بها منذ مدة طويلة؛ نظراً لاهتمامي ومحبتي العميقة للغة العربية وآدابها».

وعن تكريمه بمناسبة إحالته إلى التقاعد، يقول: «بذكرى الاحتفال بعيد "المعلم العربي" في هذا العام، وبمبادرة طيبة ومشتركة بين اتحاد الكتاب العرب، ونقابة المعلمين ومديرية الثقافة، تمّ تكريمي في صالة المركز الثقافي، وأعدّ ذلك تكريماً لكل حالة إبداعية، ولكل عمل منتج، وما حدث هو تأكيد لبداية فكرة أن العمل الدؤوب لا يضيع، وإن تناست مديرية التربية ذلك.

وأجد فيما جرى من التكريم إيماءة حب وتقدير من قبل المؤسسات الثقافية، وعرفاناً لا ينسى».

أما عن تأثير تخصصه واهتماماته الأدبية في أسرته، فيؤكد: «تأثرت عائلتي بميولي الأدبية كثيراً، وكل أفرادها يحبون اللغة العربية؛ فابنتاي الأولى والثانية خريجتا لغة عربية، وزوجتي مع أنها تحمل شهادة الهندسة الإلكترونية، إلا أنها تهتم باللغة العربية، وتواصل البحث فيها أكثر من اختصاصها، إضافة إلى بقية أفراد أسرتي، فجميعهم متفوقون في دراستهم، ويعشقون اللغة العربية».

"سالم الكركو" أحد المدرّسين الذين عايشوه مدة طويلة، يقول: «لقد كان رائداً في مهمته التربوية، ويمتلك من الخصال الحميدة التي تؤهله ليكون بحق نموذجاً للمربي الفاضل والمدرّس المحب لمادته. يمتلك الكثير من الصفات الإدارية التي ساهمت في نجاحه بالعمل الإداري، حيث أصبحت الثانوية التي يرأس إدارتها مضرب المثل، يشار إليها بالبنان من كافة الجوانب، وكان دائماً يحرص على متابعة أمور الطلاب بأسلوب أبوي، ويوجه المدرسين على ضرورة التعامل معهم بأسلوب حضاري، ويتواصل مع أهاليهم لحلّ مشكلاتهم وحثّهم على الدراسة والالتزام والانضباط، وقد ساهمت هذه المتابعة ببروز ظاهرة التفوق في المدرسة، إضافة إلى علاقاته المتميزة بالجهاز التدريسي، حيث كنا نشعر بأننا أسرة واحدة يسود بينها الاحترام والتقدير، فقد كان بحق رمزاً وقدوة، مقدراً لجهود كل من يعمل معه».

يذكر أن المدرّس "محمد صالح العلي" من مواليد قرية "أم كهفة"، عام 1957.