انطلقت بخطى ثابتة لتتويج مشوارها الدراسي بالوصول إلى أبعد مراحله، فنالت الشهادة الجامعية كأول امرأة على مستوى منطقة "الجوادية"، وقدمت خدمات جليلة لقريتها والقرى المجاورة، خلال 30 عاماً من العمل في سلك التدريس.

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 29 حزيران 2019، زارت منزل أول امرأة نالت الشهادة الجامعيّة على مستوى منطقتي "الجوادية" و"المالكيّة"، متحديّة الصعوبات، وحققت إنجازاً تعليمياً هو الأول من نوعه في الماضي البعيد، وتحدّثت عن ذلك بالقول: «شجعنا والدي كثيراً للمواظبة على دراستنا، وتحقيق حلمه بالوصول إلى مقاعد الجامعة، على الرغم من وجود صعوبات كثيرة في الماضي، منها عدم وجود مدرسة ضمن قريتنا البعيدة، فكان قراره بناءها على نفقته الخاصة، ونسّق مع مديرية التربية، واستقدم معلماً إلى القرية، فانطلقتُ إلى المدرسة بعزيمة وإصرار، مصممة على تحقيق حلمي وأمنية والدي، وما قدّمه من جهد من أجل تعليمنا وتعليم أبناء القرية. نلتُ الشهادة الابتدائيّة، وكانت وجهتي لدراسة المرحلة الإعدادية في مدينة "القامشلي"، أمّا الثانوية، فكانت في مدينة "المالكيّة"، كل ذلك كان يتطلب جهداً مضاعفاً في سبيل الوصول من القرية إلى تلك المدارس، وانعدام وسائل النقل في تلك المرحلة، وكثيراً ما كنّا نسير مسافات طويلة سيراً على الأقدام. إضافة إلى التميّز في دراستي كنت أقوم بتأدية الواجبات المنزليّة، علماً أنه لم يكن هناك أي أنثى غيري من قريتي والقرى المجاورة في تلك المرحلة الدراسية».

تميزت بالكثير من المزايا المثالية، منها حرصها على بناء جيل مثقف في قريتها والقرى المجاورة. كنت أتجه إلى المدرسة التي تعلم فيها من قرية مجاورة، تميزت بالصبر والهدوء والأسلوب الشائق في التعليم، وكانت الأم والمربية، استطاعت أن تكون نموذجاً وقدوة لكل نساء وفتيات منطقتنا، خرّجت أسماء كثيرة، لا يمكن حصرها، وحتى اليوم نشيد بدورها الإيجابي في التعليم والتربية السليمة

وعن مرحلة الدراسة الجامعيّة تضيف "كلستان": «حققتُ النجاح في امتحانات الشهادة الثانوية، وقد كانت صعبة جداً، خاصة من ناحية برنامج المواد، والمهم أن حلم الجامعة تحقق لأول فتاة على مستوى منطقتي "المالكية، والجوادية"، وعشرات القرى المجاورة، فتوجهتُ إلى جامعة "دمشق" كلية الآداب والعلوم الإنسانية، قسم الدراسات الفلسفيّة، عام 1975 هذا التاريخ كان يشهد قلة قليلة من وسائل النقل، ولم يكن هناك إلا (باصات الهوب هوب)، كنت أقطع الطريق في كثير من المرات من قريتي إلى الطريق الدولي سيراً، قاطعة عدد من الكيلو مترات، بعدها أتوجه إلى "القامشلي"، ومنها عبر تلك الحافلات إلى "دمشق"، ولأن المسافة كانت بعيدة، كنّا نستغرق ساعات طويلة جداً، ونقضي يوم استراحة في مدينة "حلب". حتى في الجامعة، لم يكن السكن الجامعي متوّفراً، فكان البديل منازل بالأجار، لأن الأهم نيل الشهادة الجامعيّة، مهما كلفني من جهد وتضحية».

أثناء تعليمها أبناء قريتها

وعن محطة التعليم، قالت: «قبل التخرج كنت أقوم بمهنة التدريس بصفة الوكالة، لرغبتي بتعليم أبناء منطقتي، وحاجتهم الكبيرة إلى الكوادر التدريسية، وأثناء ذلك تزوجت وأنجبت الأطفال، وقمت بتوقيف دراستي الجامعية لعدد من السنوات، لكنني عدتُ إليها، وتابعت نجاحي في جميع سنواتي، وتخرجتُ بعد معاناة، فعملتُ في سلك التدريس لمدة 30 عاماً، متنقلة بين مدرسة قريتي ومدارس "القامشلي" و"المالكية"، وقد حصدت ثناءات وشهادات تقدير عدة من المدارس التي عملت فيها، خاصة عملي لنحو 15 سنة كمرشدة اجتماعيّة، وقد منحني التربويون لقب كبيرة المرشدين، ويبقى التكريم الأجمل أثناء التقاعد».

ويتحدث "محمد عبد مناف" عن لحظات تعليمه على مقاعد الدراسة أمام أقدم معلمة في منطقته، يقول: «تميزت بالكثير من المزايا المثالية، منها حرصها على بناء جيل مثقف في قريتها والقرى المجاورة. كنت أتجه إلى المدرسة التي تعلم فيها من قرية مجاورة، تميزت بالصبر والهدوء والأسلوب الشائق في التعليم، وكانت الأم والمربية، استطاعت أن تكون نموذجاً وقدوة لكل نساء وفتيات منطقتنا، خرّجت أسماء كثيرة، لا يمكن حصرها، وحتى اليوم نشيد بدورها الإيجابي في التعليم والتربية السليمة».

أمام كليتها بدمشق

يذكر، أن "كلستان مرعي" من مواليد قرية "آلة قوس" أو "المشيرفة" التابعة لبلدة "الجواديّة"، عام 1955.

ذكريات تحتفظ بها