لم يعد التدريس في "الحسكة" تقليدياً، بل دخلت مدارسها حديثاً تجربة نوع جديد من التعليم، يشارك فيه فريق من المدرسين بإعطاء الحصة الدرسية، فيقدم كل معلم أفضل ما عنده ويتلقى الطلاب أكبر قدر من الاهتمام.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 28 كانون الأوّل 2014، سلطت الضوء على نوع جديد من التدريس داخل مدارس "الحسكة"، وهو التدريس المشترك، وتعددت الآراء حول فعاليته وأهميته، والتقينا في البداية المدرّس "عدنان حسين" ممن شارك ضمن الشعبة الصفية مع زميل آخر له في إعطاء مجموعة من الدروس، وعن التجربة يقول: «بداية الأمر وعندما فرض علينا هذا النوع من التدريس، أصابنا التردد والترقب لنتائجه، فالحدث جديد بامتياز على مدارسنا، وكل معلم حاول بدوره أن يجعله تجربة مثالية، فكانت الحيوية والتفاعل والنشاط وتبادل الخبرات ضمن الشعبة، وتحول الصف إلى لوحة راقية من خلال تفاعل جميع الطلبة، فكانت الفائدة أكبر للطلاب، وللمدرسين أيضاً فلا يمكن أن يكون هناك استرخاء أو هدوء سلبي، فالجميع يهتمون لتقديم الأفضل».

إن هذه التجربة دخلت عدداً من المدن نتيجة إقبال عدد كبير من مدرسي الريف إلى المدن، ففرضت هذه الحالة على مدارسنا، وقد قمنا مؤخراً بإجراء استبيان حول نتائج هذه التجربة، فوجدنا أن المدارس التي تضم إدارات واعية وطبقت التجربة بجدية جنت ثماراً مهمة وفائدة كبيرة، ولكن يبقى التعليم مهمّة إنسانية سواء بالتدريس ضمن الفريق أو بغيره، ولا تتغير عناوينه مهما تبدلت الأزمان أو الظروف

السيد "محمّد حليم إسماعيل" المرشد النفسي في مديرية التربية، والمحاضر في جامعة "الفرات"، تحدّث عن "التدريس المشترك" من وجهة نظر تربوية ونفسية، ويقول: «من طرائق التدريس "المهارات" أي التعليم الفريقي، وبهذه الطريقة يقوم مدرسان أو أكثر بتدريس مادة في الصف وبآن واحد، ولها فوائد مهمّة على مستوى التحصيل الدراسي عند التلاميذ والطلبة، وتتلخص في جملة من النقاط منها: وجود أكثر من مدرس يساهم في توزيع المهام والخطة الدراسية كما هو مطلوب، وهي طريقة تقضي على الملل، وتساهم في معالجة الفروق الفردية، وقد يتدارك معلم معلومة غابت عن زميله في الشعبة، وحينها لا نجد أي طالب مهمّش في الصف وهذه نقطة في غاية الأهمية، ومن محاسنها أن المعلمين يتبادلان الأدوار ضمن أجواء تربوية، ويجب على المشتركين في الدرس الواحد تجنب وتجاهل الاتكالية نهائياً، وكذلك عدم السماح لطالب واحد التعلق بمدرس بعينه، لأن ذلك سيضره كثيراً إذا فرض اسماً بعينه على شخصيته وفهمه ومسيرته الدراسيّة».

محاضرة عن التدريس المشترك

ويضيف المرشد: «إن هذه التجربة دخلت عدداً من المدن نتيجة إقبال عدد كبير من مدرسي الريف إلى المدن، ففرضت هذه الحالة على مدارسنا، وقد قمنا مؤخراً بإجراء استبيان حول نتائج هذه التجربة، فوجدنا أن المدارس التي تضم إدارات واعية وطبقت التجربة بجدية جنت ثماراً مهمة وفائدة كبيرة، ولكن يبقى التعليم مهمّة إنسانية سواء بالتدريس ضمن الفريق أو بغيره، ولا تتغير عناوينه مهما تبدلت الأزمان أو الظروف».

الدكتور "إسماعيل العمري" عميد كلية التربية بجامعة "الفرات" بيّن بالتفصيل عن هذه الحالة، ويقول: «يمكن لمختلف الطلاب تعلم المحتوى نفسه إذا استعملت أنواع وطرائق مختلفة في تدريسهم، والمدرس الجيد يحاول إيجاد نوعيات متعددة من التدريس، وحوافز تلائم الدارس، وتعرف القدرة على فهم التدريس على أنها قدرة الدارس على فهم طبيعة المهمة التي هو بصددها والإجراءات التي ينبغي اتباعها في تعلّم هذه المهمّة، وهذه النقطة تتفاعل عندها قدرات الطلبة مع المادة التعليمية ومهارات المدرس في التدريس، ولتحقيق فاعلية عالية لدى معظم المتعلمين يمكن اتباع نماذج تعلم متعددة ومنها؛ نموذج التدريس بالفريق "المشاركة" فيقوم فريق المدرسين بالعمل مع بعضهم بعضاً في مجموعات بحصة واحدة؛ كما يحدث في العيادات الطبية والمنظمات الصناعية؛ وهذا يتيح الاستخدام الأمثل لقدرات وميول المدرسين والإعداد الخاص لهم، ويحقق مزايا عدّة، كالنمو المهني للمدرس، ويستخدم كل نواحي القوة الإيجابية في شخصيته، وحتى نحصل على مثالية هذا التدريس يجب التعاون بين الفريق، الذي يتطلب منه تخطيطاً دقيقاً واتفاقاً على ما سيقدم مسبقاً ضمن الصف».

السيد محمد حليم

ويتطلب الاشتراك في فريق التدريس خصائص معيّنة، يقول عنها الدكتور "إسماعيل": «أولها الثقة بالنفس والقدرة على إبداء النقد البنّاء، وكذلك التعاون والتعامل الوثيق مع الآخرين، وأيضاً تحمل مسؤولية القرارات التي يتخذها الفريق، وبذلك نصل إلى نتيجة وهي أن التدريس في الفريق ليس أمراً هيناً فمن الصعوبة بمكان تكوين مجموعة من المدرسين يتسمون بقدر كبير من الكفاية، والتدريس بالفريق يكون فعّالاً وناجحاً بالتكاتف وبالإدارة الناجحة، ويتطلب من المعلم التدرب على برامج التدريس ضمن الفريق مسبقاً من خلال تزويده بالخبرات الكافية التي يتطلبها هذا النظام من التدريس وتهيئته لهذا النظام، وكذلك يتطلب منه تدريباً ميدانياً يمكن الطالب من المشاركة في التدريس لكي ينقل هذه المهارات التي اكتسبها على أرض الواقع، ويجب تجديد وتفعيل خبرة المعلمين دورياً، وحينها سيتجاوز المعلمون الحاجز النفسي لهذا النوع من التدريس، ويتبعه تغيير مفاهيم المجتمع ونظرته السالبة إلى مفهوم المشاركة في التدريس».