استطاعت "هدية العساف" أن تكون أوّل أنثى تعمل في تصليح البرادات والغسالات في منطقتها، فحققت النجاح وكسبت رضا الأهالي في فترةٍ زمنيةٍ قصيرة.

مدوّنةُ وطن "eSyria" بتاريخ 6 تشرين الأول 2020 زارت الشابة "هدية حسن العساف" في مكان عملها بريف بلدة "الجوادية" 60 كم عن مدينة "القامشلي"، للتعرف على عملها فقالت عن ذلك: «طوال حياتي كانت رغبتي أن أكون معطاءة ومنتجة في بيتي ومنطقتي، وطموحة للوصول إلى كل ما هو جديد ومهم، طبعاً بعد إخفاقي في نيل الشهادة الثانوية، كان القرار التوجّه لعمل أساعد أسرتي من خلاله، وأخدم المنطقة، فتنقلتُ بين عدة مهن، سواء العمل في مخبز أو خياطة أكياس الخيش، فوجدتها عامة وتقليدية، حتى عندما توجهتُ إلى تعلم التمريض، لم تكن رغبتي، إنما رغبة المجتمع الذي يفرض علينا مهناً وأعمالاً معيّنة، ويدّعي بأنها فقط التي تناسب الأنثى.

الكثير من أبناء قريتي ومنطقتي باتوا يعتمدون عليها في ما تعلمته وأتقنته، خلال تجربتها في الفترة الماضية أثبتت نجاحها وقدرتها على أداء العمل بشكل مناسب، والأهم تأكيدها بأن العمل بمهنة كهذه ليس حكراً على الذكور فقط، ويشار إلى إنسانيتها، فهي تتطوع للعمل المجاني لمن لا يملك القدرة على دفع ثمن التصليح أو قسم منه

قررتُ أن اتّجه لمهنة لم تصلها أي فتاة قبلي، فكان الاختيار تعلم تصليح البرادات والغسالات، لم أهتم بحجم التحفّظات والاعتراضات على مهنتي الجديدة، حتى من أقرب المُقربين، ومنهم والدتي، اكتفيتُ بدعم وتشجيع والدي، حتّى إنني ومن شدّة حماسي واندفاعي، باشرتُ بتصليح تلك الأدوات الكهربائيّة لأبناء قريتي قبل الانتهاء من دورة التعليم».

دراجتها وسيلة نقلها

تتابع "هدية" حديثها عن مهنتها: «أي معلومة تصلني عن مهنتي الجديدة، تلقى اهتماماً كبيراً عندي، أجربها بشكل عملي، لا أكلّ ولا أملّ في سبيل تطوير إمكاناتي، بعد سبعة أشهر من التعليم النظري والعملي، واجتهادات ذاتية، وجدتُ في نفسي القدرة على افتتاح محل لصيانة وتصليح البرادات والغسالات، وضعت في أولوياتي أن يكون الجانب الإنساني والاجتماعي في مقدّمة أهدافي، باشرتُ العمل بثقة كبيرة، وخاصة أن الزبائن توافدوا إلى المحل بشكل جيد مع بداية افتتاحه، والمنطقة بحاجة لمهنة كمهنتي، كوننا في قرية ريفيّة، بشكل يومي هناك أشخاص يأتون بأدواتهم الكهربائيّة إلى محلي، أقوم بإصلاحها دون رهبة، وعند أي عائق أو مشكلة تواجهني أستعين بمدربي في الدورة، أطوّر إمكانياتي يومياً عبر صفحات التواصل الاجتماعي التي تتناول معلومات عن عملي، منحني الأهالي رضى كبيراً، وعُرف اسمي على مستوى المنطقة».

أضافت عن مهنتها: «تواصل الأهالي بشكل يومي يكون بزيارة المحل أو زيارة منازلهم لعدم قدرتهم على الوصول إليّ، سواء لارتفاع أجور النقل بين قراهم ومحلي، أو صعوبة نقل الغسالة أو البراد، لا أتردد بالذهاب إليهم عبر دراجتي ومعي كامل عدّة العمل، حتى قيادة الدراجة يتحفظ عليها بعض الناس، كل ذلك بات أمراً مألوفاً تقريباً، لأنه ما أقوم به من أجلهم في نهاية المطاف، حققتُ جملة من الأهداف من هذا العمل، أهمها التأكيد بأن المهنة ليست مخصصة للذكور فقط، وبهذا شجّعت الكثير من الفتيات على الدخول إلى المجال الصناعي بمختلف أنواعه، وخلال الفترة الماضية علّمتُ أخي الصغير مهنتي ليساعدني ويدخل سوق العمل، ورغبتي الآن الانتقال إلى افتتاح محل في سوق "معبدة" أحد أهم الأسواق على مستوى محافظة "الحسكة"، لأنني واثقة من نفسي في المنافسة بهذا الاختصاص».

جانب من محلها

"عدنان حسين" من أهالي ريف "الجوادية" تحدّث عن عمل "هدية": «الكثير من أبناء قريتي ومنطقتي باتوا يعتمدون عليها في ما تعلمته وأتقنته، خلال تجربتها في الفترة الماضية أثبتت نجاحها وقدرتها على أداء العمل بشكل مناسب، والأهم تأكيدها بأن العمل بمهنة كهذه ليس حكراً على الذكور فقط، ويشار إلى إنسانيتها، فهي تتطوع للعمل المجاني لمن لا يملك القدرة على دفع ثمن التصليح أو قسم منه».

يذكر أنّ "هدية حسن العساف" من مواليد قرية "باقلا" التابعة لبلدة "الجوادية" عام 2001.

أثناء العمل