ينساب الشعر منها انسياب السلسبيل، فيخرج قريضاً يتسم بالعذوبة والرقة، إحساسها العالي بالكلمة تجعل معانيها تتغلغل إلى العقل لتستقر في القلب.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 16 تموز 2018، التقت الشاعرة "فائزة أحمد القادري" لتحدثنا عن تجربتها الأدبية والشعرية، فقالت: «مذ كنت طفلة، كانت قراءة الكتب ديدن روحي، كنت أفتش في المكتبات عن شيء يروي نهمي للقراءة والمطالعة، وكان الشعر هو البحر الذي أدعو زوارقي للإبحار فيه ومصادقة أمواجه. أتذكر كم كان فرحي عارماً حين أهداني والدي مجموعة الشاعر الكبير "نزار قباني"، وكيف تعربشت روحي كالياسمين على جدرانها، أذهلتني قصائده وعانقت جهاتي وصار كـ"بردى" يروي بعذب شعره فيافي روحي. ثم تابعت اهتمامي بالأدب؛ وذلك بقراءة كل ما تصادفه عيناي، وكوّن ذلك زوادتي الثقافية التي أنهل منها في كل نتاجي. اكتشفني المعلمون في المدرسة، وكنت رائدة بالفصاحة والخطابة في منظمة "طلائع البعث"، وعريفة الحفلات الوطنية دائماً. اهتممت بالأدب طوال مسيرتي، فكتبت قصص الأطفال، وألقيت محاضرات على مختلف المنابر الثقافية، وخصوصاً في سنوات الأزمة، وكنت أسعى إلى نشر ثقافة التسامح والتصالح، لكن يبقى الشعر عشقي، وعندما ألقيه أشعر بأنه يخرج من أعماق اهتماماتي، وهو غيومي التي تهطل دوماً، ولا أجدني إلا مغمورة بالندى؛ وورودي لا تظمأ أبداً».

يجب أن يلبس الشعر الغيم، ويفوح بالعطر، يغنّي مع الفقراء، ويرسم على الجدران لتنبض، ينقش حروفه على الصدور لا على الريح. وأشعر بأن الشعر شمس تتغلغل في جسد النثر تجعل منه نصاً حداثوياً عابراً إلى القلوب. يطربني الشعر الموزون؛ الشعر والنثر مجرتان تتنافسان في الإبهار

وتقول عن مواصفات الشاعر: «يجب أن يلبس الشعر الغيم، ويفوح بالعطر، يغنّي مع الفقراء، ويرسم على الجدران لتنبض، ينقش حروفه على الصدور لا على الريح. وأشعر بأن الشعر شمس تتغلغل في جسد النثر تجعل منه نصاً حداثوياً عابراً إلى القلوب. يطربني الشعر الموزون؛ الشعر والنثر مجرتان تتنافسان في الإبهار».

في إحدى الأمسيات

تقول "القادري" في إحدى قصائدها:

"الآن الآن.. لنسائم الشام.. اهتزت الأغصان.. بكت البراعم.. والندى بركان

أنا التي قلّمت روحي.. يا أسطورة الجنان.. رميت ما كانت عالة من الأفنان

وكسرت ما كانت.. بعتق مائل ومهان.. وتركت التي يبست على طريق الذكريات

والأوراق المصفّرة مع الأشجان"

أما عن الشعر النسائي، وقدرة السوريات على قرضه، والغوص في تفاصيل مبتكرة، فتقول "القادري": «النساء السوريات مبدعات يواكبن الواقع بكل تفاصيله، ويملكن من الثقافة الكافية التي تجعلهن في مصاف المبدعين. ومع أن الأصوات النسائية في "الجزيرة السورية" قليلة، إلا أنها مبدعة، وكان لها دور بارز أثناء الأزمة، والانتصار الذي حققناه بالسلاح سنزرع له الجنان بالحرف، والكلمة سلاحنا الذي يطلق الورود، والثقافة بكل مكوناتها معبرنا إلى الحضارة التي نحن أسّها، وقد كانت سلاحنا للانتصار.

ما زلت أشعر بأنني بحاجة إلى رفد مكتبة ذهني بالمطالعة، كي أستطيع مواكبة العصر والتعبير بالكلمة عن همومي، ولا سيما وطني الجريح، الذي بدأ يتعافى وتندمل جروحه، لكنه ترك ندوباً على شغاف قلوبنا، ستكون دروساً لنا في المستقبل».

وتشدو "القادري" في قصيدة "أمومة":

"يا صغيري.. صنّ النسغ.. لا تبعثره

فإنه معمّر كنوح.. ومنج كسفينته

يسري بالعطر.. يعرج بالبرق

يتوضأ لخمسين صلاة"

يقول عنها الصحفي "عبد الجدوع": «مذ كانت زميلتي أيام الدراسة وأنا أتابع أعمالها، فهي نشيطة بكافة المجالات؛ تكتب القصة، وتقوم بإلقاء المحاضرات، لكنها لا تبتعد عن عشقها الأول الشعر، فهي صوت نسائي مميز في المحافظة، تلامس القلوب وتحاكي الواقع، عذبة الأداء تنثر شعرها في أفئدة القرّاء، وقد كتبت في العديد من المواضيع الشعرية، وكان لها حضور مميز أينما حلّت».

يذكر أن "فائزة القادري" من مواليد "عامودا" عام 1969، متزوجة ولديها أربعة أولاد، وتعمل مديرة ثانوية "زنوبيا" للإناث، وهي خريجة كلية التربية.