ترتبط وجبة "البوخينة" في المالكية بصوم "نينوى" أو ما يسمى باللهجة المحلية صوم "الصميميكة"، فلا يكتمل هذا الصوم في المالكية إلا بوجود هذه الوجبة التي ينتظرها الأهالي كل عام.

موقع eHasakeh التقى السيدة "أنيسة مراد" التي تحدثت عن هذه الوجبة بالقول: «تُعتبر أكلة "البوخينة" من الأكلات المميزة والفريدة، لكونها تُعدّ مرة واحدة في السنة وفي يوم محدد حيث ترتبط بصوم "الصميميكة"، ولها خلطة خاصة لا يشابهها أية أكلة أخرى والتي لا يمكن تصور انتهاء الصوم دونها، حيث تتألف من سبعة أنواع من الحبوب التي يتم تحميصها وطحنها وخلطها بالدبس».

هناك نوع آخر ليس شائعاً في" المالكية" يسمى "البوخينة" المالحة حيث يُستعاض عن الدبس بالملح، وهو مخصص للفتيات العذراوات اللواتي يقمن في ليلة اليوم الاخير للصوم بغمس أصبعهن في المزيج وتذوقه، لاعتقادهن أن فارس أحلامهن سيأتي في المنام ليسقيهن الماء

ولمعرفة المزيد عن هذه الأكلة المسماة "البوخينة" تتابع "مراد": «يتم إعداد "البوخينة" من سبعة أنواع من الحبوب هي "القمح، الذرة، الحمص، السمسم، بزر البطيخ العادي، الشعير وبزر دوار الشمس"، حيث يتم تحميص وقلي كل نوع من أنواع هذه الحبوب على حدة على نار هادئة باستعمال الماء أو الزيت حيث تُقلب بشكل متواصل حتى يحمر لونها بعض الشيء، ومن ثم يتم طحن هذه الحبوب وخلطها مع بعضها بعضاً حتى تتحول لمسحوق يشابه البرغل المطحون، وتأتي المرحلة التالية التي يتم فيها إضافة الماء للمسحوق بواقع لتر ماء مغلي جيداً لكل 750 غراما من المسحوق، ومن ثم تتم تحلية المزيج بالدبس حسب الرغبة حيث يوضع الماء بوعاء ويتم غليه بشكل جيد، ومن ثم يضاف إليه المسحوق مع الدبس ويرفع عن النار، ويبقى المزيج قرابة الساعة في الوعاء ليأخذ شكل العجين المائل لونه للبني الغامق، ويقطع إلى دوائر وتوزع على بيوت الحي، وبعضهم يفضل ترك "البوخينة" سائلة بعض الشيء».

مكونات " البوخينة" بشكل مسحوق

وتختتم "مراد" قائلة: «هناك نوع آخر ليس شائعاً في" المالكية" يسمى "البوخينة" المالحة حيث يُستعاض عن الدبس بالملح، وهو مخصص للفتيات العذراوات اللواتي يقمن في ليلة اليوم الاخير للصوم بغمس أصبعهن في المزيج وتذوقه، لاعتقادهن أن فارس أحلامهن سيأتي في المنام ليسقيهن الماء».

ولمعرفة طقوس وسبب صوم "نينوى" كان لنا هذا الحوار مع الأب "أفريم جلو" كاهن كنيسة "مار دودو" للسريان الأرثوذكس بالمالكية الذي قال: «تعود تسمية صوم "نينوى" نسبة إلى مدينة "نينوى" بجوار مدينة "الموصل" بشمال العراق، وقد صامت هذه المدينة لمدة ثلاثة أيام دون طعام بعدما أنذرها "يونان" النبي أيام ملكها "تغلاث فلاسر" وذلك حوالي عام 825 قبل الميلاد بسبب شرور أهلها، بعدما قدم إليها هارباً من وجه الله في سفينة منطلقة إلى "ترشيش" وهي مدينة "فينيقية" في "اسبانيا"، حيث هاج البحر وماج وكادت تغرق السفينة والتي عزا بحارتها السبب إلى النبي "يونان" فألقوه في البحر، فابتلعه حوت كبير مكث في بطنه ثلاثة أيام، حيث لفظه الحوت ورماه على ساحل البحر بعدها، فاقتنع "يونان" بأن ذلك كان عقاباً له لعصيانه أمر الرب، فانطلق إلى "نينوى" وأنذر سكانها بالخراب وغادرها وهو ينتظر خرابها، فكان أن صامت المدينة بأسرها مع الحيوانات الموجودة فيها وتابت، فغفر الرب لهم وعفا عنهم».

"البوخينة" بعد تحضيرها

ويتابع "جلو": «يبدأ الصوم قبل الصوم الخمسيني الكبير بعشرين يوماً في يوم الاثنين الثالث السابق للصوم الكبير، ويستمر ثلاثة أيام حيث يتم في يومه الثالث إقامة طقوس القداس والاعتراف، والإفطار في اليوم الرابع حيث يصوم بعضهم صوماً كاملاً عن الماء والطعام، والبعض الآخر عن اللحم والبيض والمشتقات الحيوانية».

ويختتم" جلو" بالقول: «يُعرف هذا الصوم بصوم "البنات" أيضاً حيث دخل الكنيسة الشرقية على يد مار "يوحنا ازرق" أسقف "الحيرة"، حينما طلب أحد الملوك من المسيحيين بنات عذارى، فاجتمع أهل "الحيرة" في الكنيسة للصلاة وبعد صوم ثلاثة أيام نجاهم الله ومات ذلك الملك بحسب ما يذكر "ابن العبري" أحد كبار مؤرخي ومفكري السريان، كما يسمى "الباعوث" أو الطلبة اي الصلاة».

الاب "افريم جلو" الى اليسار

واختتمنا جولتنا في منزل السيدة "جميلة عبد الأحد" التي قالت: « لهذا الصوم اهمية خاصة لدينا حيث يصومه الجميع دونما استثناء ويشتهر بأكلات صيامية مميزة من قبيل "البوخينة" و"المشبك" و"الزردة" و"أبرخ الصوم"، وقد جرت العادة أنه في اليوم الثالث للصوم يجتمع الأهالي لتناول الفطور الصيامي خاصة من صام منهم ثلاثة أيام دون طعام بعد الذهاب إلى الكنيسة وتناول القداس والاعتراف، حيث يجلب الناس الحلويات الصيامية إلى الكنيسة وتوضع على مائدة كبيرة ليتناول منها الجميع، أما اليوم الرابع فيتميز بزيارة من صام دون طعام وتهنئته وبعضهم يقوم بجلب الهدايا إليه، كما يتبادل أبناء "المالكية" العزائم على الغداء أو الخروج لأطراف المدينة من أجل تناول المشاوي».