الفنجان الذي جمع المتنافسين من الجنسين في لعبة شتوية عنوانها قسوة البرد ومطر الشتاء، يتطلب من الفريقين حكمة وذكاء لاختيار الهدف الصحيح، حتى يفوز أحدهم وُيتوج بجائزة معنوية.

مدوّنة وطن "eSyria" بتاريخ 13 تشرين الثاني 2017، توقفت عند الألعاب القديمة التي كانت تمارس في فصل الشتاء تحديداً، وفي القرى الريفية بالذات، من تلك الألعاب حسب ما رواها وسردها أهل الماضي، لعبة "الفنجان" التي كانت تتميز بالتشويق والحماسة والمنافسة، عنها قال الحاج "نور الدين سعيد الخليل": «هذه اللعبة تعيد إليّ ذكريات عمرها أكثر من خمسين عاماً، عندما كنتُ في مرحلة الشباب وفي قريتي "تل علو" التابعة لبلدة "اليعربية"، عند غروب الشمس نتجه إلى منزل أحد أبناء القرية، لا بدّ من حضور كل الشباب، ولا يجوز تغيّب إلا من كان لديه عذر صحي أو طارئ ما. بعد الاجتماع نقوم بتقسيم الحاضرين إلى فريقين، وقبل ذلك نضع شروط المنافسة، حيث تكون هناك حوافز وهدايا ولو معنوية للحماسة والتشجيع، إحدى المرّات طلبنا من الفريق الخاسر تجهيز وجبة العشاء وتقديم الشاي وغسل الأطباق بعد نهاية الوجبة، في جو من المرح والسعادة، إضافة إلى الأهم، وهو تمتين العلاقات الاجتماعيّة بين أبناء القرية، وربما بين شباب المنطقة، أحياناً كثيرة كان هناك شباب يزورون قريتنا في سبيل المشاركة باللعب، بل كانوا يأتون بفريق كامل من قريتهم».

جو المطر والبرد يتطلب لعبة معينة، بخلاف لوقت الحالي، لأن النساء لم يكن لديهن لعبة تخصهن، لذا كنا نستعين بألعاب يمارسها الشباب، تلك اللعبة تكون سلسة وبسيطة، ولا مكان فيها للحركة والسرعة، ولعبة "الفنجان" تتطلب الحنكة والمهارة وسرعة البديهة، إلى جانب قضاء وقت من المرح والترفيه، وكنا نختار منزلاً آخر غير الذي يجتمع فيه الشباب، ويتم التنسيق والترتيب للعبة منذ الصباح، وبعد إنجاز اللعبة وفوز فريق، يقوم الفريق الخاسر بتنفيذ جميع مطالب الفريق المنتصر ليوم كامل، حتى موعد اللقاء الليلي الشتوي الثاني

"نوفة سيد الدرويش" من كبار السن في مدينة "القامشلي"، شاركت مراراً في لعبة "الفنجان" في قريتها "تل حميس"، تحدّثت عن ذكرى من تلك الذكريات من خلال حديثها التالي: «جو المطر والبرد يتطلب لعبة معينة، بخلاف لوقت الحالي، لأن النساء لم يكن لديهن لعبة تخصهن، لذا كنا نستعين بألعاب يمارسها الشباب، تلك اللعبة تكون سلسة وبسيطة، ولا مكان فيها للحركة والسرعة، ولعبة "الفنجان" تتطلب الحنكة والمهارة وسرعة البديهة، إلى جانب قضاء وقت من المرح والترفيه، وكنا نختار منزلاً آخر غير الذي يجتمع فيه الشباب، ويتم التنسيق والترتيب للعبة منذ الصباح، وبعد إنجاز اللعبة وفوز فريق، يقوم الفريق الخاسر بتنفيذ جميع مطالب الفريق المنتصر ليوم كامل، حتى موعد اللقاء الليلي الشتوي الثاني».

من ذكريات الماضي البعيد التحضير للعبة ما

بدوره الباحث "عمر إسماعيل" بيّن أن اللعبة انتشرت قبل عشرات السنين من منطقة "عين ديوار" في ريف "المالكية"؛ لكون المنطقة أشد برداً وأكثر منطقة تتساقط فيها الأمطار والثلوج في فصل الشتاء، لذلك لا بديل عن التسلية في تلك البرودة إلا بتنفيذ لعبة معينّة، وأضاف الباحث قائلاً: «لعبة أخرى من بين عدة ألعاب شتوية كان يمارسها أهلنا في ليالي الشتاء؛ وهي "لعبة الفنجان"، حيث ينقسم الرجال أو النساء إلى فريقين يتوفر عندهم 8-12 فنجاناً، يقومون بإخفاء الخاتم تحت أحد الفناجين، وعلى الفريق الآخر معرفة مكانه بمحاولتين فقط، والتشجيع والحماسة من حوله، ولم تكن المضافة المكان الوحيد للسهرات، بل كثيراً من الأحيان كانوا يجتمعون في أحد البيوت، مثلاً بيت المرحوم "أحمد برهو" الخشبي الذي يبث الدفء، وبيت المرحوم "محمد سليمي طيب"، وبيت المرحوم "خلوي حسن" في غرفتهم التي كانوا يسمونها "جهنم"؛ بسبب شدة الحرارة فيها لمجرد إشعال نار فيها، كانت محاطة من جميع الجهات بالغرف وأكواخ الدواب.

لعبة "الفنجان" جمعت المتعة والمحبة، إلى جانب مناقشة قضايا تخص القرية، بعد نهاية اللعبة».

شتاء عين ديوار مناسب للاجتماع واللعب
لعبة لم يبق منها أثر