تعتبر الجزيرة السورية أي بلاد الرافدين "ميسوبوتاميا" هي مهد الحضارات، وهي غنية بأماكن العبادة، ومنها كنيسة السيدة "مريم العذراء" في قرية "براه بيتا" التي تقع شمالي مدينة "المالكية" مسافة /10/ كم.

لمعرفة المزيد عن هذه الكنيسة التقى موقع "eHasakeh" الأب الخوري "شمعون مراد حنا" رجل الدين في طائفة السريان الأرثوذكس ليحدثنا عن تاريخ كنيسة السيدة "مريم العذراء" في قرية "براه بيتا" قائلاً: «بنيت الكنيسة في القرن الثالث الميلادي حيث كانت كاتدرائية يترأسها أسقف وبعض الرهبان والقساوسة والراهبات، وفيها مدرسة تعليمية لتخريج الرهبان والراهبات والشمامسة وكانت تحكم حتى مدينة جزيرة "ابن عمر" في "تركيا" و"الموصل" في "العراق" وبعض الأراضي في سورية، مع مرور الزمن تعرضت لكثير من الاضطهاد والدمار، أعيد بناؤها للمرة الأولى في القرن الثامن عشر وتحديداً عام 1870 وبقيت قائمة ككنيسة تذكارية يحتفل فيها المؤمنون ويقدمون الذبائح والعشور، وفي عام 1914 أقيم فيها أكبر احتفال بحضور مطران جزيرة "ابن عمر"، وبعدها تعرضت للهدم والخراب وبقيت أطلالاً وعبارة عن بيت صغير حتى عام 1950 الميلادي وأعيد بنائها مرة أخرى من قبل أبناء الكنيسة السريانية من "آذخ" وأبناء جبال "طور عبدين" وفي زمن المرحوم المطران "قريا قوس" وبعض المهاجرين، وافتتح فيها مدرسة صيفية لتعليم اللغة العربية والسريانية حتى يومنا هذا».

باللغة السريانية اسمها كنيسة "العذراء" في قرية "بهر البيتا" وتعني نور البيت، والكنيسة مشهورة بقدمها وبمكانتها حيث كانت كاتدرائية أي تترأس أكثر من مدينة وقرية وأيضاً مطرا نية، وفي مناسبة عيد العذراء في 15 أيار هناك زوار حتى من خارج الوطن يقصدونها من أوروبا واسكندنافيا ويتضرعون إلى الله للشفاعة والمغفرة والشفاء من الأمراض، حيث يقدمون الذبائح قرباناً لذنوبهم وهمومهم، والذين لا يوهبون البنون يأتون بدعاء ورجاء هذه الكنيسة

ويستمر الأب الخوري "شمعون حنا" متحدثاً عن الكنيسة قائلاً: «بالنسبة إلى إعادة الترميم والبناء، بني الهيكل على أساسات الكنيسة القديمة من الحجر الأسود والتي تعود إلى القرن الثالث الميلادي، أما الجهة الغربية فبقيت أطلالاً مدفونة تحت التراب وتم إعادة البناء من الجديد، وفي كل 15 أيار من كل عام تقام مناسبة دينية لتسمية الكنيسة باسم "العذراء مريم"، حيث يحتفل أبناء الكنيسة السريانية والكنائس المسيحية بهذا العيد تخليداً لاسم "العذراء"، علماً بأن هذا العيد سمي عيد العذراء لمباركة الزروع، حيث تمتلئ السنابل ويبدأ المؤمنون بالصلوات والتضرع لله أن يحمي هذه المزروعات، ليتمكنوا من العيش وتأمين القوت، وبقيت هذه المناسبة حتى يومنا هذا ويحتفل بها المؤمنون وحتى القادمون من كل المحافظات والمدن السورية تخليداً له».

الاب شمعون

يتابع الأب الخوري "شمعون حنا" قائلاً: «باللغة السريانية اسمها كنيسة "العذراء" في قرية "بهر البيتا" وتعني نور البيت، والكنيسة مشهورة بقدمها وبمكانتها حيث كانت كاتدرائية أي تترأس أكثر من مدينة وقرية وأيضاً مطرا نية، وفي مناسبة عيد العذراء في 15 أيار هناك زوار حتى من خارج الوطن يقصدونها من أوروبا واسكندنافيا ويتضرعون إلى الله للشفاعة والمغفرة والشفاء من الأمراض، حيث يقدمون الذبائح قرباناً لذنوبهم وهمومهم، والذين لا يوهبون البنون يأتون بدعاء ورجاء هذه الكنيسة».

يتابع: «وأهوال الآخرة وحسابها ينبه القلوب الغافلة، ويدفعها إلى مزيد من الطاعة تقرباً الله تعالى واعترافاً بنعمه وفضله، والعبادة غذاء القلب، والإيمان يصل الإنسان بربه صلة حب ووفاء، ويربطه بالحياة رباط عمل ودأب جزاؤه الجنة، وعطف ورحمة على الإنسانية جمعاء، وقد أمر الله الإنسان بالتراحم العام وحب الخير لجميع الأنام، علماً بأن لكنيسة "مريم العذراء" تأثير كبير على نفوس أبناء مدينة "المالكية"، وكانت لدى الكنيسة "العذراء" عام 1955 كاهن أي قسيس مداوماً على الصلاة مع أبناء قرية "بره بيت" وقرية "الجسر" حتى عام 1976 بعدها أصبحت تابعة لكهنة مدينة "المالكية"، حيث يقومون بالصلوات في الاحتفالات والمناسبات الرسمية، وأيضاً هناك احتفال فني حيث تقام منصات خاصة بالصلاة والغناء باللغة السريانية والآشورية والكلدانية، بهذه المناسبة يحضره ممثلو الدولة من السياسيين والإداريين والحزبيين لمشاركة أفراح أبناء هذا الشعب من الصباح الباكر حتى المساء».

كنيسة السيدة العذراء

وفيما يتعلق بالخدمات قال الأب الخوري: «تحديداً في عام 1970 تعاون أبناء القرى الذين يسلكون الطريق باتجاه الكنيسة من كافة أبناء الكنيسة السريانية والمسيحية مع أبناء القرى المجاورة بإزالة الحجارة وإنشاء الطريق على نفقتها الخاصة، أما في عام 1980 فقامت الدولة بفرش الرمل على بقايا الطريق، وفي عام 1995 تم تزفيته وهو الآن سالك بشكل جيد، وتتسع قاعة الكنيسة لحوالي 100 شخص ومساحتها الإجمالية حوالي 60×60 مترا مربعا وفيها العديد من أنواع الأشجار، ومقبرة، وبئر لماء الشرب تم حفرها عام 1971 في عهد القس "موسى عيسى الآذخي"، وقبل فترة قمنا ببناء استراحة على شكل فيلا لضيوف الكنيسة والمؤمنين القادمين من الأماكن البعيدة».

السيدة "جمانة يعقوب" أم لأربعة أولاد تقول: «في 15 أيار من كل عام أذهب مع زوجي وأولادي إلى كنيسة السيدة "مريم العذراء" بقرية "بره بيت" وأتضرع إلى الله بالصلوات والدعاء ليحفظ أولادي وأهلي وجميع المؤمنين من جميع ألوان المصائب والشدائد والأمراض، وأن يغفر الله لنا ذنوبنا ومعاصينا، ويغمرنا بواسع رحمته وهو أرحم الراحمين، والمؤمن كائن مكلف ومستخلف من الله لتطبيق تعاليمه، وعمارة الأرض، فهذه الكنسية تعتبر من الكنائس المهمة في "الحسكة" و"المالكية" تحديداً، فلها تاريخ وإنجازات عظيمة وعميقة في تاريخ اهل المنطقة».