تعدّ "تل جيهان" قرية نموذجية في لغة المحبة التي ولدت معها، وتميّزت بجمال طبيعتها المثالي، وتحوّلت إلى منطقة سياحة واصطياف، وتفوقت محاصيلها الزراعية المتنوّعة في الإنتاج؛ بسبب تربتها الخصبة، وكثرة مياهها.

مدوّنة وطن "eSyria" وبتاريخ 2 كانون الأول 2017، وخلال زيارتها إلى قرية "تل جيهان" التي تقع إلى الغرب من بلدة "القحطانية" وتبعد عنها مسافة 12كم، وعن مدينة "القامشلي" مسافة 22كم، التقت الحاج "سليمان حاجي" الذي قضى سنوات عدّة فلاحاً فيها، يجاور القرية بالعيش منذ ولادته، حيث بيّن عن مزاياها التي يعرفها عن قرب بالقول: «منذ صغري كنت أرافق والدي للعمل بأراضيها، إنها جميلة بأرضها وطبيعتها الخضراء، أمّا أهلها، فهم في قمة الجمال والروعة، لا يستطيع أحد أن يفرق بين أسرة وأخرى، جميعهم متشابهون ومتقاربون في الصفات، وأغلبهم يستطيعون التحدث باللغات الثلاث: السريانية، والعربية، والكردية. ولا يجوز أن تحدّث عندهم مشكلة مهما كانت صغيرة.

منذ صغري كنت أرافق والدي للعمل بأراضيها، إنها جميلة بأرضها وطبيعتها الخضراء، أمّا أهلها، فهم في قمة الجمال والروعة، لا يستطيع أحد أن يفرق بين أسرة وأخرى، جميعهم متشابهون ومتقاربون في الصفات، وأغلبهم يستطيعون التحدث باللغات الثلاث: السريانية، والعربية، والكردية. ولا يجوز أن تحدّث عندهم مشكلة مهما كانت صغيرة. زوّار القرية كثر بحكم الاصطياف؛ لذا أهلها يفتحون أبواب منازلهم لهم لقضاء تلك الساعات فيها، فهم يعدّون ذلك واجباً تربوا عليه، أمّا زراعة المحاصيل فيها، فهي كثيرة وناجحة جداً

زوّار القرية كثر بحكم الاصطياف؛ لذا أهلها يفتحون أبواب منازلهم لهم لقضاء تلك الساعات فيها، فهم يعدّون ذلك واجباً تربوا عليه، أمّا زراعة المحاصيل فيها، فهي كثيرة وناجحة جداً».

كنيسة القرية التي تجمع أهلها

بدوره الباحث في التاريخ "جوزيف آنطي" تحدّث عن القرية وما فيها من معالم وتراث بالقول: «توجد في القرية أقدم كنيسة في المنطقة تقريباً، هي كنيسة "مريم العذراء"، التي تعدّ مقصداً لجميع السريان خاصة ومن كل مناطق البلد عامة، يعود تاريخها إلى أكثر من 100 سنة، وهي تعدّ ديراً مُقدساً يقصده الأهالي في منتصف شهر آب للاحتفال بذكرى بنائها، ويشاركهم في ذلك المسلمون في القرية والقرى المجاورة. أمّا بالنسبة إلى عمر القرية، فيعود إلى أكثر من 200 سنة. سميت القرية بـ"تل جيهان" نسبة إلى طبيعتها الغنية بالمياه، والتعايش المشترك بين أهاليها من كافة الأطياف، وهي تعني بالفارسية "النادر". يتعاون أهالي القرية في الشدائد، حيث يقومون بالتبرع للعائلات التي تشكو ضائقة مالية أو غيرها، كما أن المهاجرين من القرية يتواصلون معها بوجه دائم، يقدمون ما عليهم من واجب، وتكاد تكون خالية من الفقراء، ولم يحدث أن حصل أي خلاف فيها».

أمّا "ملكي حنّا" من سكان القرية، ويقيم في "القامشلي" حالياً، لكنه على تواصل شبه يومي معها، فبيّن تفاصيل أخرى عنها بالقول: «كان عدد سكانها قبل الحرب يقارب الألف نسمة، وقد كانت الهجرة هي أحد الحلول لعدد من أبنائها. أما السكان بوجه عام، فيعتمدون بوجه أساسي على الزراعة وتربية المواشي، وبعد جفاف الأنهار قام الأهالي بحفر الآبار الزراعية من أجل سقاية أراضيهم، وتزرع سنوياً آلاف الدونمات في القرية بالقمح والخضراوات. قريتنا جميلة جداً بشعبها المتنوع سواء السرياني أو الكردي والعربي، كل أبناء القرية يعدّون أنفسهم أسرة واحدة؛ فرحهم مشترك؛ وحزنهم واحد، وكبار رجالاتها كانوا دائماً المرجعية، ولهم القرار في أي موضوع يرونه مناسباً ويهمّ الناس والقرية، وهناك الكثير من الأيام التي كان الجميع يحتفلون ويشاركون فيها يداً بيد، وقلباً واحداً، ومنها أيام عيد السيدة العذراء في عيدها المقدس لدى جميع أهالي "تل جيهان" في الخامس عشر من شهر آب، فيه كان يجتمع الحب والإخاء، وفي أحضان الكنيسة كان يجتمع المحبون من أهالي قريتنا، الأهم من كل ذلك، أن هذه الساحة والبقعة الخضراء الجميلة، حافظت على رونقها وطهارتها، حتى في السنوات السبع الماضية من الحرب، حيث واظب أبناء المنطقة الذين يحبون الطبيعة والأجواء الجميلة على زيارتها حتى يومنا هذا، إضافة إلى ما ذكر، فهي خيّرة ومعطاءة، فالأرض الزراعية تضخ المحاصيل المنوعة المباركة، والخضار على مدار السنة متوفرة في أراضيها، لا يعرف شبابها ونساؤها وفتياتها الكلل والملل، وتربوا على العناوين الجميلة، التي وهبت لهم من الأجداد والآباء».

النقطة الزرقاء موقع القرية على غوغل إيرث