الإبداع لا يقف عند حدّ والمبدع يحلّق في كلِّ سماء فهو الرسام التشكيلي والمصوّر الفوتوغرافي والمخرج الصحفي ومصمم ومنفذ ديكور المسرحيات، وعضو اتحاد الفنانين التشكيليين العرب، وحاصل على العديد من الجوائز والتكريمات.

مدونةُ وطن "eSyria" التقت الفنان التشكيلي "محمد ديوب" بتاريخ 13 آب 2019، ليحدثنا عن انطلاقته الإبداعية، قائلاً: «ولدت في مدينة "حمص" حي "القرابيص" وتأثرت جداً بمدينتي، ولكني درست الإبتدائية والإعدادية في "دمشق"، فظهرت بذور الإبداع لديّ مُذ كنت في الصف الأول الإبتدائي، عندما حضر أحد طلاب إعداد المدرسين ليعطينا درساً فأحضر ثلاث لوحات (بطة وطائر وصوص)، فرسمت الصوص فأثار إعجابه كثيراً، لدرجة أنّه أهداني اللوحة الأصلية، فشعرت بقربي من الرسم برغم أنّني حاولت تعلم الموسيقا، ولدي مجموعات أدبية ربطتها بالتشكيل، ولكن هذه الحادثة كانت نقطة البداية لدي، فأقمت معرضي الأول وأنا في الصف الخامس عام 1971، وقد كان لي العديد من المشاركات بأمسيات شعرية خلال مسيرتي، ولكن حنيني لـ"حمص" قضّ مضجعي، فعدت لأدرس المرحلة الثانوية فيها، فاخترت طريقي وهدفي في الحياة، ودخلت كلية الفنون الجميلة وسط اعتراض والدي الذي كان يريدني أن أحذو حذوه وأدرس الأرصاد الجوية رغم عشقه للرسم الذي ورثته عنه وتخلى عنه لاحقاً بسبب عمله، فكان اختصاصي اتصالات بصرية قسم إعلام في كلية الفنون الجميلة، فكنت أقرب للتصوير».

أقمت 15 معرضاً فردياً منها عدة معارض في "حمص" أعوام 1988 و1990 و1992 و1995 ومعرض "أسود أحمر" 2006 ومعرضي الأخير بعنوان "رجوع" عام 2019، وكان لي عدة معارض في "الإمارات" منها معرض في صالة "جمعية الإمارات للفنون التشكيلية" عام 1998، ومعرض في "الشارقة" بعنوان "ناس وبيوت" عام 2006، وآخر بعنوان "دروب" 2007، وكان لـ"أبو ظبي" حصة بمعرض "انتظار" عام 2008، و"أطياف" 2009، ومعرض آخر بعنوان "المسرح الوطني-أبو ظبي" عام 2013، ومعرض وأمسية أدبية بعنوان "قصاصات في الإمارات" عام 2015، ومعرض تصوير ضوئي ولوحات في "الإمارات" 2017، ومعرض آخر احتفالي 2018، ولي مشاركات لا تعدّ في "سورية" و"الإمارات"

وعن تجربته الفنية، قال: «كان معرضي الأخير في شهر آب 2019 خلاصة تجربتي التي مررت بها من تجارب فنية مختلفة عبّرت بلوحاتي عنها، لأنّي من خلال أعمالي الفنية أهوى البحث والتجريب سواء بالأفكار أو التقنيات الفنية مع أنّني أميل إلى الرسم بكل ما أمتلك من خامات وبأسلوب عفوي، فعندما أبدأ بالعمل الفني أترك للانفعال الحرّ أن يكون سيد الموقف، وأترك لحالات اللاشعور مساحة لتخرج من مكنوناتها إلى عمق التكوين في اللوحة، لذلك المتلقي والناقد الفني يجد في اللوحة نتائج أساسها التكوين، وبعدها يأتي اللون الذي استخدم فيه الأساليب البدائية كمعالجة لونية دون تكلف، ومثال ذلك أنّني أحياناً أعمل بتقنيات من الحبر على الورق ولا بأس من لمسات نهائية بالألوان المائية، أما الألوان الترابية على القماش فهي تظهر بقوة في الأعمال واللوحات مع استخدام أساس أصنعه بنفسي وأبتعد به عن الألوان الجاهزة، وكثيراً ما أقحم في أساس اللوحة مواد مختلفة كالورق الأسمر أو الخيش والحنة ومواد أخرى، ربما أميل إلى إعادة التدوير بشكل بسيط».

الفنان التشكيلي عدنان المحمد صديق الفنان

أما عن مواضيع الأعمال الفنية التي تناولها، قال: «موضوعاتي تتنوع بين الوجوه والبيوت، وهذه العلاقة التي أساسها الإنسان وارتباطه بالعمارة، ولكن هذه البيوت لها خصوصية بأنها غير موجودة، لأنّي أعمل على مشروع قديم من خلال اللوحة وهو إعادة التركيب للبناء متأثراً بأحياء "حمص" و"دمشق القديمة" وبلدة "معلولا" التي رافقتني في أعمالي التي تعالج هذه المواضيع، ولكن دون الدخول في تفاصيل البناء لأنّي أضيف من خلال اللاوعي تأثيرات خاصة على تفاصيل البناء، فهو مزيج من الخيال قبل الواقع بأسلوب خاص، البناء في اللوحة يهرب من تفاصيل الواقع مقترباً أكثر من الرمز، هذا المعرض هو عودة وتحية لمدينتي التي تمتلك خصوصية ولها أثر كبير في محبتي للتشكيل سواء من خلال عمارتها القديمة التي عانت سابقاً من استبدالها بالكتل الإسمنتية العشوائية، والتصاميم التي تحمل القبح للأسف ولذلك أوجّه رسالة من خلال هذا المعرض للمصممين المعماريين تحديداً بأن يأخذوا في الحسبان البناء القديم الأثري للمدينة في تصاميمهم الجديدة، ورسالة للمعنيين بالآثار من أجل المحافظة على الأبنية القديمة، وترميمها بالأسلوب والروح نفسيهما».

وتحدّث عن معارضه التي أقامها أو شارك بها، قائلاً: «أقمت 15 معرضاً فردياً منها عدة معارض في "حمص" أعوام 1988 و1990 و1992 و1995 ومعرض "أسود أحمر" 2006 ومعرضي الأخير بعنوان "رجوع" عام 2019، وكان لي عدة معارض في "الإمارات" منها معرض في صالة "جمعية الإمارات للفنون التشكيلية" عام 1998، ومعرض في "الشارقة" بعنوان "ناس وبيوت" عام 2006، وآخر بعنوان "دروب" 2007، وكان لـ"أبو ظبي" حصة بمعرض "انتظار" عام 2008، و"أطياف" 2009، ومعرض آخر بعنوان "المسرح الوطني-أبو ظبي" عام 2013، ومعرض وأمسية أدبية بعنوان "قصاصات في الإمارات" عام 2015، ومعرض تصوير ضوئي ولوحات في "الإمارات" 2017، ومعرض آخر احتفالي 2018، ولي مشاركات لا تعدّ في "سورية" و"الإمارات"».

يظهر في لوحته تشكيل المدن بأسلوبه الخاص

الفنان التشكيلي "عدنان المحمد" وصديق الفنان فقال: «يعطي الفنان في كل لوحة من لوحاته شيئاً من ذاته، لقد قدم لنا "محمد ديوب" في معرضه الأخير بعنوان "رجوع"، شيئاً مختلفاً عن الذي عهدناه منه، فكانت لوحاته تأكيداً على أنّه فنان قادر على التجدد والإبداع في كل مرحلة من مراحله الفنية، مثّلت أعمال معرضه تجربته الفنية خلال مرحلة امتدت من عام 1997 إلى عام 2014، وهو يؤكد لنا بأنّ اللوحة التشكيلية هي غير إظهار البراعة والحِرَفية في الرسم، وإنّما هي التعبير عن ذات الفنان، عن رؤيته للأشياء كما يراها من منظوره وفهمه للحياة، ومن خلال خطوطه وألوانه يعكس لنا ردة فعله على الواقع المحيط به في بعديه المادي والروحي، وهاجس العلاقة بين الإنسان والحياة يستحوذ على معظم لوحاته، حيث تنطلق في بنائها من تكوينات بسيطة استعادها من ذاكرته البصرية المتشكّلة من واقعه المحيط مثل "حمص" و"دمشق" و"معلولا"، مضيفاً إليها برمزية بسيطة شيئاً من خياله، يرسم الفنان بمشاعر عاشق للفن متأثراً بفكرة الفن للفن بعيداً عن الغاية المادية بأسلوب تعبيري، يرسم بعفوية لافتة تنقلنا لعوالم الطفولة البريئة والصادقة، فنان بسيط في ألوانه ومواده التي يستخدمها كالورق والخيش ومواد أخرى، معرض "رجوع " هو بمثابة تحية حبّ ووفاء لمدينة "حمص" وأهلها، ويناشدنا الفنان من خلاله المحافظة على إرثها المعماري القديم وترميم ما تهدم منها بالأسلوب الثراثي نفسه وروحه».

يذكر أنّ الفنان التشكيلي "محمد ديوب" من مواليد "حمص" 1960، عضو نقابة الفنون الجميلة في "سورية" وعضو اتحاد الفنانين التشكيليين العرب، وعضو جمعية "الإمارات" للفنون التشكيلية، وعضو جمعية "أصدقاء البيئة" في "الإمارات"، حاصل على جائزة أفضل عمل فنيّ من اتحاد كتاب وأدباء "الإمارات" ومعهد "غوته" (المركز الثقافي الألماني) عن عمل سينوغرافيا وتدوير عام 2014.

إحدى لوحات معرضه الخير "رجوع"