بدأت ميوله صوب أنواع الفنون المختلفة بالظهور في سن مبكرة، بدأها مع النوادي الفنية العريقة في مدينة "حمص"، ليكمل مشواره من خلال إشرافه وإدارته للمسرح الشبيبي والمدرسي، ومصمِّماً لديكور الأعمال المسرحية فيهما.

للتعرف أكثر على شخصية "فرحان شما" كان لقاء مدوّنة وطن "eSyria" معه بتاريخ 6 أيلول 2020، والبداية مع نشأته حيث قال: «الولادة كانت على أطراف مدينة "حمص" القديمة وتحديداً في حي "باب هود" بالقرب من أحد أبوابها الأثرية "الباب المسدود"، رحلة التحصيل الدراسي بدأتها في مدرسة "الوليدية" التي كانت تتبع لجمعية "الميتم الإسلامي" وهي من أقدم المدارس في المدينة، لأنتقل بعدها إلى إعدادية "سعيد العاص"، تابعت المرحلة اللاحقة في ثانوية "عبد الحميد الزهراوي" وحصلت على الشهادة الثانوية العامة سنة 1961، توجهت بعد ذلك لإكمال الدراسة في معهد "إعداد المعلمين" حيث نلت شهادة أهلية التعليم منه عام 1963، وبدأت رحلتي مع المهنة الأسمى على مدار 40 عاماً متواصلة».

عام 1973 كان تأسيس منظمة "طلاثع البعث" حيث كان لي وجود في النشاطات الممهدة لظهورها، وبعد ذلك في بدايات التأسيس وحتى نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، اهتماماتي وخبرتي السابقة ترجمتها من خلال العمل لاحقاً، كمشرفٍ وقائد للمعسكرات التي كانت تجريها المنظمة، وتنظيم المعارض الفنية التي كانت تقام في الاحتفالات كافة، مساهمتي التي أعتز بها كثيراً كانت في وضع تصميم الشعار الأول للمنظمة، والذي تمَّ تعديله لاحقاً مع الأخذ بجزء من التصميم الخاص بي

المرحلة اللاحقة في مسيرة "فرحان شما" عنها يقول: «في مدينة "حمص" كانت الحركة الفنية قائمة ونشطة، ومذ كنت طالباً واظبت على متابعة أغلب النشاطات فيها، من خلال زياراتي المستمرة للنوادي الفنية التي كانت موجودة في ذلك الحين، منها نادي "دوحة الميماس" العريق بتأسيسه، ونادي "الفنون المسرحية" الذي كان يرأسه حينها الموسيقي الراحل "زيد حسن آغا"، والذي أصبحت لاحقاً أحد أعضائه، إضافة لنوادي أخرى منها نادي "الخيام" ونادي "دار الألحان"، وهذا الأخير سعيت مع بعض الأصدقاء الموجودين فيه لتحقيق وحدة فنية مشتركة، أفرزت ما عرف لاحقاً بنادي "دار الفنون"، بالتوازي مع ذلك، كانت عودتي إلى مدرسة "الوليدية"، لكن هذه المرة كمعلمٍ فيها، حرصت على تعزيز الروح الثقافية لدى طلابي فيها، وكان ذلك من خلال الزيارات المستمرة للنادي ومشاهدة نشاطاته الفنية من موسيقا، ومسرح، ومعارض فنية، واستقبال تلك النشاطات كذلك فيها.

بعض من ذكرياته مع الأعمال المسرحية التي صمم ونفذ ديكوراتها

عشقي للرسم والألوان إلى جانب وجودي في النادي ومهمتي الوظيفية كمعلم للأطفال، ترجمت كل ذلك في تصميمي وتنفيذي للوحات ومجسمات كنوع من وسائل إيضاح مرافقة للعملية التعليمية، والمشاركة لاحقاً في تنظيم المعارض المدرسية، هذا المجموع كلَّه كان نقطة انطلاق لاحقة نحو تصميم الديكور المسرحي».

عن هذا التوجه بالذات يتابع "فرحان شما" قائلاً: «في نهاية ستينيات القرن الماضي بدأت العمل الفعلي في وضع تصاميم الديكور المسرحي، البداية كانت عام 1968 مع مسرحية "أغنية على الممر" ضمن نشاطات نادي "دار الفنون" شارك فيها آنذاك الممثلون "عمر قندقجي" و"فوزي قدور" وآخرون غيرهم، تلتها بعد عام مسرحية "أشواك على الدرب" التي قدمت ضمن نشاطات مدرسة "الوليدية"، إضافة للعرض المسرحي "زوار الليل" الذي شارك فيه الممثل "نجاح سفكوني" وأخرجه الصديق "رئيس أتاسي"، توالت الأعمال المسرحية مع انتقالي للعمل في المسرح الشبيبي والمدرسي لاحقاً، العمل كان نابعاً من محبة وشغف دون التطلع للشهرة والكسب المادي، كمجموعة شبان كان هدفنا تقديم الفن الجميل والراقي للجمهور بكافة شرائحه، وإشباع ذاك الشغف الذي كان قائماً فينا».

الشعار الأول لمنظمة طلائع البعث من تصميمه

يتابع "فرحان شما" الحديث عن مرحلة العمل الإداري والفني معاً بقوله: «مع ظهور منظمة "اتحاد شبيبة الثورة" في بداية السبعينيات من القرن الماضي، توليت مهمة إدارة مسرح "الشعب" الذي كان تابعاً لها في مدينة "حمص"، وعملت على استقطاب المواهب الفنية من جميع الاختصاصات، من أصحاب الخبرة والهواة معاً، والخطوة الأولى كانت تأسيس "النادي الشبيبي للفنون"، و"الفرقة الموسيقية النحاسية" التي تولى مهمة الإشراف عليها وتدريبها الموسيقي الراحل "فريد كمال"، وإلى جانبه "مروان كراكيت" في قيادة الفرقة الموسيقية الخاصة بالنادي، و"محي الدين الهاشمي" كان معهم كذلك،=.

طبعاً الأعمال المسرحية كانت قائمة وشهدت تطوراً لافتاً من ناحية الكم والنوع، وجميعها كانت لي مشاركة فيها من خلال وضع تصاميم الديكور لها، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: "بيتنا على الطريق" عام 1973 مع الممثلين "جاكو الحاج يوسف" و"رئيس أتاسي" ومعهم "عبد الرحمن حورية" كمشرف على المكياج"، ومسرحية "الغفران" لفرقة ثانوية "الغسانية" إلى جانب "مسرحية "المجنونة" لطلاب مدرسة "التمريض"، وفي العام نفسه "رحلة والغريب" سنة 1975، ومعها مسرحية "بهزاد الكسول"، ولن أنسى العمل المسرحي "قرقاش" في السنة نفسها الذي شارك في بطولته مجموعة من الفنانين المتميزين أمثال "نجاح سفكوني"، "محمد خير الكيلاني"، و"دكانة ريما" سنة 1977، أضيف على ذلك فترة تولي المسرح المدرسي، والعمل مع الصديقة "انتصار بحري" في تصميم ديكور معظم الأعمال المسرحية الغنائية التي شاركت بها كمصممة للرقصات والملابس في العديد من العروض التي قدمتها الفرق المدرسية على مسرحنا».

الممثل والمخرج المسرحي رئيس أتاسي

ما تلا ذلك من مسؤوليات ومساهمات في مجال الرسم والديكور عنه قال: «عام 1973 كان تأسيس منظمة "طلاثع البعث" حيث كان لي وجود في النشاطات الممهدة لظهورها، وبعد ذلك في بدايات التأسيس وحتى نهاية الثمانينيات من القرن الماضي، اهتماماتي وخبرتي السابقة ترجمتها من خلال العمل لاحقاً، كمشرفٍ وقائد للمعسكرات التي كانت تجريها المنظمة، وتنظيم المعارض الفنية التي كانت تقام في الاحتفالات كافة، مساهمتي التي أعتز بها كثيراً كانت في وضع تصميم الشعار الأول للمنظمة، والذي تمَّ تعديله لاحقاً مع الأخذ بجزء من التصميم الخاص بي».

الممثل والمخرج المسرحي "رئيس أتاسي" عنه قال: «بدأنا العمل معاً مذ ما يقارب 60 عاماً، عشنا معاً فترة الفن الجميل ببساطته وعمق المغزى في مواضيع الأعمال المسرحية التي قدمناها لجمهورنا، عرفته صاحب شخصية ديناميكية وخلاقة، مبدع في عمله ومحبٌّ له، البيئة التي خرج منها، والتي كانت مشجعة على العلم والثقافة والعطاء، ساهمت في تكوين شخصيته المتسمة بالتفاؤل والدعابة وحب العمل بلا مقابل، وهذا ما لمسته من خلال وجوده وعملنا في فرقة نادي "دار الفنون" المسرحية، ومساهمته المميزة في وضع تصاميم الديكور وتنفيذها، كما شاهدت ذلك في إدارة المسرح المدرسي والشبيبي التي تولاها، فجمع بين إدارة الفن وفن الإدارة، وما قدَّمه في هذا الخصوص كان له أثره الواضح في مسيرة المسرح في مدينة "حمص"».

الممثل والصحفي "محمد خير الكيلاني" عنه يقول: «إطلاق وصف يعطيه حقه أمر صعب، ما يميزه روحه الممتلئة بالحب لكل من عرفه إن كان من أصدقائه، وتلامذته، ورفاقه في مجال الفن الذين عملوا معه، ترك بصمته كإحدى الشخصيات الفنية، والتشكيلية، والاجتماعية في مدينة "حمص"، معرفتي به بدأت مذ كان مديراً للمسرح المدرسي والشبيبي، وتوطدت علاقتنا أكثر على مدار سنوات لاحقة، إضافة لوجودنا ضمن جمعية "محبي المسرح" التي ضمت أهم الشخصيات المهتمة بأموره من ممثلين، مخرجين، مؤلفين، ومطربين، حيث كان حضوره دائماً فيها، والجميع يشهد له بما ساهم به من أجل نهضة المسرح في المدينة، عدا عن متابعته الدائمة لمختلف النشاطات الفنية التي تقام فيها حتى أيامنا هذه».

في النهاية نذكر بأنَّ "فرحان شما" من مواليد مدينة "حمص" عام 1943، متزوج ولديه ثلاثة أولاد، وقد عمل مديراً لمدرسة "الوليدية" مدة 18 عاماً قبل تقاعده سنة 2003.