وصفه الكثيرون بألقابٍ عدَة، تناولت مسيرة حياته الزاخرة بالمعرفة، والعمل الجاد على ترسيخ اللغة العربية في نفوس محبيها، والتدقيق والبحث في بحورها، عدا عن التواضع الذي اتسمت به شخصيته الإنسانية، ليكون لقب "العلَّامة" أكثرهم استحقاقاً له.

وحسب وصف الشاعر والأديب "مظهر الحجي" الذي عرفه عن قرب؛ فإن الدكتور الراحل "عبد الإله نبهان" كان رجلاً نبيلاً، وفيَّاً لأصدقائه، محبَّاً لطلابه، بسيطاً في مأكله، أنيقاً في ملبسه، عزوفاً عن جمع المال ويكتفي بما يكفيه، بدأت علاقته المبكرة مع الكتاب حينما كان طالباً في مرحلة الدراسة الإعدادية، فأجبرته الظروف على ملازمة جدِّه لأبيه فترات طويلة، والذي كان عالماً متبحراً في علوم الدين والدنيا، رغم كفِّ بصره، وكان يقرأ له ما يطلبه من مكتبته العامرة، والتي آلت إليه من بعده، وهو الدافع الذي جعل منه فيما بعد صاحب أكبر المكتبات الخاصة في "سورية" حسب رأي "الحجي" بعدما دعمها وأغناها بشتى المؤلفات.

اللقب الذي يتناسب مع مكانته هو (العلّامة) لأن ما امتلكه من قيمة فكرية وعلمية في أمور الأدب والفقه واللغة والفلسفة يؤهلانه لنيل هذا اللقب بجدارة واستحقاق

تحسب للراحل مساهمته عند إحداث كلية الآداب والعلوم الإنسانية في جامعة "البعث"، فقد حمل عبء التأسيس على عاتقه إلى جانب زميليه الدكتور "أحمد دهمان" والدكتور "غازي طليمات"، تبعه الدور البارز في إنشاء مكتبة الكلية، وإغنائها بالمؤلفات اللازمة لها، من خلال عملية الشراء وما تمَّ إهداؤه من قبل أصحاب المكتبات الخاصة، الذين تربطهم علاقة محبة وصداقة عميقة معه. لكن دوره لم يقف هنا، فقد كانت مساهمته جليَّة عندما أقرَّ دبلوم التأهيل التربوي وأُلحق بالكلية حينها، فعمل على تنظيمه وتحديد مقرراته مستعيناً بما هو عليه الحال في جامعتي "دمشق" و"حلب".

جانب من مؤلفات الدكتور عبد الإله نبهان

الشاعر والأديب المهندس "محمود نقشو" أكد في حديثه مع مدوّنة وطن "eSyria" أن "نبهان" كان عالماً جليلاً بكل معنى للكلمة، ومحطَّ احترام وتقدير من قبل أصحاب المعرفة على اختلاف مستوياتهم، وحتى من قبل مدَّعيها من المتسلقين عليها، وأضاف: «كان الراحل عضواً في مجمع اللغة العربية وقد دخل إليه بمرسوم جمهوري وكان أصغر الأعضاء سنَّاً فيه، نظراً لقيمة فكره وعلمه اللذين أثبت جدارته فيهما، في علوم اللغة تحديداً، كما أنَّه كان عضواً فاعلاً وذا قدرٍ عالٍ في اتحاد الكتَّاب العرب، ومؤلفاته في شؤون التاريخ والشعر والأدب تشهد على ذلك».

وأشار "نقشو" إلى أن د."عبد الإله" تسلَّم مقاليد رئاسة تحرير مجلة "التراث العربي" الصادرة عن الاتحاد لسنوات طويلة، وهي مجلة محكِّمة للبحوث التي كانت تقدَّم من قبل طالبي الدرجات العلمية كالماجستير والدكتوراه في الجامعات السورية، ووجوده ضمن رابطة "الخريجين الجامعيين" في مدينة "حمص" كان له الأثر المبين في نشاطاتها، هو بمنزلة مستشار لما كانت الرابطة تقيمه من ندوات ومهرجانات شعرية وأدبية، يقرر من هو مناسب للمشاركة من الأدباء والشعراء والباحثين في أمور الثقافة بشكل عام، ويضيف: «اللقب الذي يتناسب مع مكانته هو (العلّامة) لأن ما امتلكه من قيمة فكرية وعلمية في أمور الأدب والفقه واللغة والفلسفة يؤهلانه لنيل هذا اللقب بجدارة واستحقاق».

الشاعر والباحث المهندس محمود نقشو

الجدير ذكره بأنّ الدكتور الراحل "عبد الإله نبهان" من مواليد "حمص" عام 1945، وتوفي بتاريخ 27 تشرين الأول 2020.