رغبته بتطوير نفسه؛ مكّنته من امتلاك تقنيات فنية، وابتكار أساليب جديدة ليخلق مجالاً خاصاً به برسم لوحات "بورتريه" متكامل بغضون ثلاث دقائق أمام الجمهور؛ وهو ما أثار الدهشة والإعجاب، ووضعه في عداد كبار الفنانين العالميين.

مدونة وطن "eSyria" تواصلت بتاريخ 4 كانون الثاني 2017، مع الفنان "غياث محمود" المقيم في "دبي"، ليحدثنا عن بداياته بالرسم قائلاً: «لم أدخل كلية الفنون الجميلة أو أتّبع أي دورة لتعليم الرسم، إنما هي موهبة أتت بالفطرة؛ فمنذ سنوات طفولتي الأولى كانت لي تجارب على مستوى المدرسة. وقد لعب الأهل، والمدرسة، والمحيط الاجتماعي دوراً بتنميتها؛ وشدّتني إليها ملامح الأشخاص الذين أثروا في حياتي، مثل: السيدة "فيروز"، و"نزار قباني"، وغيرهما.

بعد متابعة نشاطه لمدة معينة شعرت بدهشة مضاعفة؛ دهشة المتلقي لفنّ جديد، ودهشة المراقب لتطور دائم يرافق مشوار فنان سوري امتلك صهوة الأدوات ليعبّر عن إبداعه؛ وهذا ما دفعني إلى استضافته في برنامجي الإذاعي؛ فهو موهبة تعتمد الاختلاف. وفي كل مرة يصعد المسرح فإنه يدخل تحدّياً جديداً ليتفوق على نفسه؛ وهذا سرّ استمراريته وتميّزه

كما كان لتجربة الفنان والنحات الإيطالي "مايكل أنجلو" دور كبير، الذي خلق نمطاً خاصاً به؛ فقد كنت متأثراً ببحثه الدائم عن التحدّي، ومن خلال متابعتي لأعماله وفكره تمكّنت من خلق فلسفتي وأدواتي وأسلوبي الخاص بالرسم. في البداية كان الاهتمام برسم وجوه شخصيات مشهورة كنوع من الهواية، إلى أن انتقلت إلى العمل في دولة "الإمارات"؛ كان ذلك عام 2002، حيث بدأت المشاركة ضمن معارض جماعية، وحصلت خلالها على جوائز عدة لبعض لوحاتي التي كنت أنجزها بأسلوب مختلف؛ كاستخدامي لقصاصات من بقايا الصحف والمجلات، وتشكيل لوحة "بورتريه". واستمرت التجارب لعدة سنوات، لكن رغبتي بالاستمرارية وتطوير موهبتي قادتني إلى مجال أوسع، وهو العرض السريع أمام الجمهور؛ وهو من أصعب أنواع الفنون؛ فهو بحاجة إلى تحضير جيد، وموهبة كبيرة، إضافة إلى امتلاك ملكات خاصة بالرسم. كانت البداية ضمن حفل فني للموسيقار الراحل "ملحم بركات"، حيث كانت تجربة ناجحة بكل المقاييس، وأعدّها انطلاقتي الأولى بالرسم السريع».

أثناء رسم لوحة بورترية بيعت بـ115 ألف دولار

للمزيد حول الفنّ الذي يقدّمه، والقيمة الفنية للوحاته، يضيف: «أقوم بفنّ استعراضي مسرحي لرسم بورتريه لوجه أو عدة وجوه خلال مدة زمنية لا تتجاوز ثلاث دقائق على مساحة ضخمة قد تصل إلى المترين باستخدام لون واحد أو لونين كحدّ أقصى؛ وقد ابتكرت طرائق وأساليب خاصة بي؛ كاستخدام طريقة الرسم بالليزر، وهي طريقة ابتكرتها لرسم الأشخاص؛ إضافة إلى الرسم بالصمغ والبودرة الملونة والظلال، وأغلب الأوقات تكون طريقة الرسم بصورة وأساليب غير تقليدية كالرسم بالمقلوب، أو باللوحات الدوارة المتقاطعة التي تتم بطريقة مموهة أو مخادعة إن صحّ القول، حيث أقوم خلال مراحل الرسم بإبعاد المشاهد عن فكرة اللوحة، وبعد قلب اللوحة أو جمع أجزائها تتشكل لوحة لم تكن متوقعة.

وهذا النوع يطلق عليه الرسم المباشر، وهدفه أداء فقرة فنية مميزة ضمن حفل فني أو مهرجان. والقيمة الفنية للوحاتي تأتي بعرضها في أماكن عالمية مميزة، وهناك من يدفع ثمناً باهظاً للحصول عليها، حيث بيعت إحداها لبطل الغولف العالمي "ساندي لايل" بمبلغ 115000 دولار في افتتاح إحدى البطولات العالمية للغولف».

ثلاث شخصيات بلوحة واحدة أنجزت بأسلوب تدوير اللوحات

وعن أهم أعماله ومشاركاته، يتابع: «أعمالي تنقسم إلى عدة محاور، فعلى الصعيد الشخصي أعدّ اللوحة التي أنجزتها ضمن مرسمي حول التفجير الإرهابي الذي طال أطفال مدرسة "عكرمة" في "حمص" من أهمّ أعمالي، وهي رسالة أردت إيصالها من خلال الرسم لإيقاف الأعمال الإرهابية التي تمسّ براءة الطفولة، وقد لاقت صدى واسعاً لدى الجمهور. وعلى الصعيد الإنساني، المبالغ التي تجنى من بيع لوحاتي في المزادات لمصلحة الجمعيات الخيرية مصدر فخر واعتزاز. أما على الصعيد المهني، فقد كانت مشاركتي، وتقديم عرضي أمام نجوم الفن ومشاهير العالم، مثل: "ريكي مارتن"، و"ديفيد بيكهام" في حفل نجوم العالم الذي أقيم في "دبي" هو الخطوة الأولى لبداية الانطلاقة نحو العالمية، إضافة إلى مشاركاتي المتعددة في الكثير من البرامج الإذاعية والتلفزيونية على القنوات السورية، ومؤخراً ضمن برنامج "الليلة مع بدر" على قناة "mbc"، حيث كان التحدي برسم لوحة في ثلاث دقائق، حيث تمكّنت من رسم أربع لوحات بسبع دقائق؛ وهذا تحدٍّ كبير بزمن قياسي».

للمزيد حول فنّه، يقول الفنان التشكيلي "تمام محمد": «"غياث" فنان موهوب له إيقاع خاص، وبصمة فريدة، ابتكر طرائق جديدة برسم الوجه الإنساني، وعبّر عن رؤية جمالية خاصة. اجتهاده وبحثه الدائم عن الجديد جعله ينتقل من الموهبة إلى الاحتراف. أعماله لها إيقاع خاص، فهو يرسم بالليزر والألوان، ويبتدع طرائق جديدة برسم الوجوه بالمقلوب، ماهر في إبراز لعبة الظل والنور، والتباين بينهما؛ ففتح لنفسه مجالات جديدة، وخرج عن المألوف في أعماله، يراعي النسب الصحيحة للوجه، كما يضفي جمالاً خاصاً على أعماله».

لوحة فسيفسائية جمعت من 1750 صورة

بدورها المذيعة ومعدّة برامج إذاعية "منار مراد"، تحدثت عن تجربتها مع الفنان "غياث" بالقول: «بعد متابعة نشاطه لمدة معينة شعرت بدهشة مضاعفة؛ دهشة المتلقي لفنّ جديد، ودهشة المراقب لتطور دائم يرافق مشوار فنان سوري امتلك صهوة الأدوات ليعبّر عن إبداعه؛ وهذا ما دفعني إلى استضافته في برنامجي الإذاعي؛ فهو موهبة تعتمد الاختلاف. وفي كل مرة يصعد المسرح فإنه يدخل تحدّياً جديداً ليتفوق على نفسه؛ وهذا سرّ استمراريته وتميّزه».

يذكر أن "غياث محمود" من مواليد "حمص"، عام 1978، وإلى جانب إبداعه برسم الوجوه تمكّن من إنجاز لوحات فسيفسائية كبيرة جمعها من 1750 صورة مختلفة مستخدماً الألوان الحقيقية للصور، إضافة إلى استخدامه 2000 كتاب مدرسي لرسم لوحة بورتريه ضخمة و800 قطعة من الزيّ المدرسي لرسم أخرى. حاصل على المركز الأول في مسابقة المواهب التي نظمتها شركة "Small World" العالمية، إضافة إلى منحه لقب "السفير" من قبل منظمة "جسور للسلام والثقافة" في كاليفورنيا؛ لعمله على نشر السلام في العالم من خلال لوحاته.