الحبّ الذي تكنُّه لمدينتها، والألم الذي لامسته جرَّاء ما حصل فيها، والفرح الذي أرادته لها، ترجمته نجاحاً في المسؤوليات التي كلِّفت بها، من خلال اهتمامها ومشاركتها في عودة الحياة الثقافية والجمهور إلى مسرح "حمص"، فكانت بصمتها حاضرة فيها.

مدونة وطن "eSyria" بتاريخ 16 أيار 2019، التقت "لمى طبَّاع" رئيسة لجنة المهرجانات في محافظة "حمص"، والمديرة السابقة لمسرح دار الثقافة، لتتحدث عن عوالم طفولتها وبداياتها، فقالت: «أنا ابنة حيٍّ مازال شاهداً على تاريخ مدينة "حمص" القديمة، ففي "بستان الديوان" كانت ولادتي ونشأتي، ومراحل دراستي كانت في مدارسه؛ حتى حصولي على الشهادة الثانوية، بعدها حصلت على وظيفة لدى شركة الدراسات والاستشارات الفنِّية، حيث مارستُ فيها العمل الإداري لمدة تسع سنوات، ثمَّ قدَّمت استقالتي من أجل التفرُّغ لحياتي الزوجية. وبموازاة ذلك تابعت الدراسة الجامعية في كلية الآداب بجامعة "البعث"، وتحديداً قسم اللغة العربية، وتخرجت عام 2004».

أنا ابنة حيٍّ مازال شاهداً على تاريخ مدينة "حمص" القديمة، ففي "بستان الديوان" كانت ولادتي ونشأتي، ومراحل دراستي كانت في مدارسه؛ حتى حصولي على الشهادة الثانوية، بعدها حصلت على وظيفة لدى شركة الدراسات والاستشارات الفنِّية، حيث مارستُ فيها العمل الإداري لمدة تسع سنوات، ثمَّ قدَّمت استقالتي من أجل التفرُّغ لحياتي الزوجية. وبموازاة ذلك تابعت الدراسة الجامعية في كلية الآداب بجامعة "البعث"، وتحديداً قسم اللغة العربية، وتخرجت عام 2004

وتابعت حديثها عن الأعمال الإدارية التي مارستها قائلةً: «زوجي الشهيد "جان ميلاد رومية" كان طبيباً، ومعه انتقلت للعيش في مدينة "دمشق" مكان إقامته، خبرتي السابقة في العمل الإداري ساعدتني لكي أكون مديرةً للمستشفى الخاص الذي افتتحه لاحقاً، ولأنني أهوى الأعمال التي تلامس هموم الناس وحاجاتهم؛ وخصوصاً الأطفال واليافعون، فقد عملت لدى منظمة "الهلال الأحمر" عام 2007 كمديرة مستوصف صحي يُعنى باللاجئين العراقيين الذين قدموا إلى "سورية"، واستمر عملي هناك لمدة عامين، بعدها كانت عودتي إلى مدينتي التي أعشقها، وفيها افتتحت روضةً نموذجية للأطفال. ومع تفاقم الأحداث المؤلمة التي وقعت اضطررت إلى إغلاقها والنزوح خارج الحي الذي ولدت وعشت فيه أجمل ذكرياتي. وكمعظم السوريين فإنَّ الحرب قد أخذت مني ومن عائلتي أغلى ما نملك ألا وهو زوجي، الذي استشهد عام 2013، تلك المرحلة القاسية ولَّدت في داخلي دافعاً لاستمرار الحياة، والعمل على أن لا تذهب تلك التضحيات سدى، لأن الاستسلام لا وجود له في قاموس حياتي، فالتحقت بوظيفةٍ جديدة لدى مديرية ثقافة "حمص"، وعُيِّنت مديرةً للعلاقات الثقافية فيها، وهذا أتاح لي التواصل مع روَّاد الوسط الثقافي من أدباء ومفكرين وفنَّانين، ولأنني من محبِّي الحياة والفرح واللون الأبيض، كان هاجسي منصبَّاً على إنعاش الحياة الثقافية بكلِّ جوانبها، الموسيقية، والمسرحية، والأدبية، وغيرها، وتصميمي كان كبيراً على أن يبقى ضوء المسرح مناراً على الرغم من العتمة التي كانت مرادةً له، وكان شريكي في العمل بتلك المرحلة "معن ابراهيم" مدير الثقافة حينئذٍ، حيث آمن بما أصبو إلى تحقيقه، فكانت البداية عام 2014 عندما تمَّ تكليفي بإدارة مسرح "دار الثقافة"، كنت حريصةً على استمرار النشاطات على خشبته، وفي الصالات التابعة للمديرية من معارضَ فنِّية والتصوير الضوئي، وتوجُّهي كان إلى الأطفال والشباب من أصحاب المواهب، وأكملته مع فريق "مهارات الحياة" التابع لوزارة الثقافة، الذي كان معنياً بتقديم الدعم النفسي لتلك الفئة التي أصيبت بالأذى والخسارة خلال فترة الحرب، من أجل تقوية الجانب النفسي لديهم ليكونوا قادرين على البناء في المستقبل، وإكمال الرسالة التي بدأناها من أجل المحافظة على صيرورة الوطن الذي نعيش فيه، وكلُّ ذلك كان بمنزلة تأكيدٍ الانتصار على الدمار والخراب الذي حلَّ بمدينتنا، ورسالة لمن أرادوا تعميم ثقافة الموت على الحياة».

لمى طباع تلقي كلمة افتتاح مهجران حمص القديمة الأخير

كرئيسة لجنة تنسيق المهرجانات في محافظة "حمص" تابعت عن عملها: «مع بداية عام 2019 تمَّ تكليفي بهذه المسؤولية التي لم تكن بعيدةً عن شخصيتي والأهداف التي أطمح إلى تحقيقها فيما يخصُّ شؤون الثقافة عامةً في المحافظة؛ لذا استثمرت العلاقات الطيبة التي تجمعني مع أهل الأدب والفن، وكذلك علاقاتي مع أصحاب الفعاليات الاقتصادية والمنظمات الأهلية والجمعيات الخيرية في "حمص"، من أجل إظهار التاريخ الجميل لمدينتنا، والإضاءة على عودة روح الحياة إليها، والتعريف بكل ما هو جميلٌ فيها من آثار وتراث وطبيعةٍ فيها الكثير من العوامل الاستثمارية لمن يرغب، والبداية كانت مع مهرجان "حمص" السياحي الثقافي الأول كعضوٍ في لجنة تنظيمه الذي استمر على مدى أسبوعٍ كامل، والسعادة والإعجاب الذي ناله من قِبل من تابعه وشارك به، كان بالنسبة لي عربون شكرٍ ووسام تكريمٍ عن الجهد الذي قمنا به. أما مهرجان "حمص" القديمة الذي اختتم قبل أيامٍ قليلة، فهو الآخر كان رسالة حياة لما شهدته تلك البقعة العزيزة على قلوب أهالي المدينة بمناسبة تحريرها، ودعوةً لمن نزحوا للعودة إلى ديارهم وذكرياتهم في تلك الأزقة الحجرية السوداء».

للشعر في حياة "لمى طبَّاع" حيِّز مهم، عنه تقول: «كلَّ إنسانٍ منَّا في داخله شاعرٌ بطريقةٍ تختلف عن الآخر، فبحكم حبِّي لكتابة الخواطر الشعرية منذ مراحل الدراسة الثانوية، وتخصصي في دراسة الأدب العربي، والمواقف التي مررت بها في حياتي، جعلني هذا من متذوقي الشعر ومستمعيه في أيّ أمسيةٍ كانت تقام من خلال الملتقى الثقافي اليسوعي لكوني أحد أعضائه، ذلك كلَّه شجعني على تحويل تجاربي الشعرية بعد نضجها إلى ديوانٍ؛ هو الأول صدر عام 2015 بعنوان: "أنت حلمٌ لا ينتهي"، والعمل قائم على إصدار ديواني الثاني بعد عامين من التحضير له، فأنا لا أجد نفسي من دون الشعر والكتابة، ولدي العديد من المقالات في صحف ومجلات داخل "سورية" وخارجها».

ديوانها الشعري الأول

"يزيد جرجوس" كاتب ومفكِّر سياسي ومدير مؤسسة تُعنى بشؤون الثقافة والأدب، عنها يقول: «العمل العام يحتاج إلى الكثير من المقومات، يبقى أهمها على الإطلاق النزاهة والهمَّة العالية والإقدام، ورؤية الخاص من خلال النجاح في العام، وهذا ما نحن بحاجة إليه اليوم في وطننا، ومن هنا جاء تقييمي للدور الذي لعبته "لمى طباع" خلال سنوات الأزمة وما تلاها، عندما تولَّت مسؤولية الإشراف على مسرح دار الثقافة في "حمص"، المدينة التي عانت الكثير من الألم؛ حيث تشاركت كل شيء مع مدينتها، وصنعت من ذلك عتبةً لاستمرار الفرح والحياة من خلال عملها الدؤوب والمعطاء، كان لنا تعاون كبير ومثمر معها من خلال الأعمال الثقافية التي قدَّمناها على خشبة المسرح، وكانت الشريك والمساعد في إتمامها ونجاحها، لكونها تمتلك ما سبق ذكره من صفات المثابرة والنزاهة».

"سامر أبو ليلى" ممثلٌ ومخرجٌ مسرحي، قال عن شخصية "لمى طبَّاع": «تعرَّفت إليها من خلال عملي كمنشِّط ثقافي ومخرج مسرحي بمديرية الثقافة في "حمص"، ولمستُ شغفها بالثقافة واهتمامها بتنشيط الحالة التي آلت إليها خلال سنوات الحرب القاسية، حيث كان عدد رواد المسرح ضئيلاً جداً، وزادت ملامستي لنشاطها والتعرُّف إلى شخصيتها الاستثنائية من خلال إدارتها لفريق الدعم النفسي الخاص بالمديرية، وإشرافها على أمور المسرح بتفاصيلها الصغيرة، من أجل خروج العروض بأبهى صورها، ولن أنسى دورها في النشاطات الخاصة بمراكز الإيواء التي كانت تفتتح، انضباطها العالي والتزامها بالقوانين المتعلقة بهذا الصرح الحضاري، أضف إلى ذلك ثقافتها الواسعة وذكاءها، عكسته من خلال إدارتها الناجحة له على مدى سنوات عدَّة، وبصمتها واضحة في ذلك المسرح، وشؤون الثقافة في مدينة "حمص"».

يزيد جرجوس

يذكر، أنَّ "لمى طبَّاع" من مواليد "حمص" عام 1970، لديها ثلاثة أولاد، وانتخبت مؤخراً كعضو مجلس محافظة "حمص"، ورئيسة اللجنة الثقافية فيه.