(الأمور كتير كويسة).. بهذهِ العبارةِ دوماً يخرجُ من غرفةِ العمليات مبشِّراً ذوي مرضاه، بعد أن يكون قد ساهمَ في إعادة حاسّةِ السمع لطفلٍ صغيرٍ أصم، مثبتاً ريادتَهُ الطبيّة والإنسانيّة في عمليات زراعة الحلزون.

مدوّنةُ وطن "eSyria" تواصلت مع الدكتور "سام عبود" أحدِّ روَّاد زراعة الحلزون في "سورية"، والحديث بدايةً كان عن نشأته ودراسته فقال: «مرحلة طفولتي وصباي كانت متوزّعةً بين مدينة "حمص" التي درست فيها المرحلتين الابتدائية والإعدادية، وبين مدينة "دمشق" التي ولدت فيها ونلتُ الشهادة الثانوية عام 1980، مجموع درجاتي العالي أهَّلني للدراسة في كلية الطب البشري والحصول على شهادة البكالوريوس عام 1986، اتجهت بعدها للتخصص في طبّ الأنف والأذن والحنجرة حيث حصلت على شهادة الماجستير سنة 1991، تعمَّقت أكثر في ممارسة تخصُّصي أثناء تأدية الخدمة الإلزامية في مشفى "حمص" العسكري، بعدها بدأت العمل في عيادتي الخاصة عام 1993».

مرحلة طفولتي وصباي كانت متوزّعةً بين مدينة "حمص" التي درست فيها المرحلتين الابتدائية والإعدادية، وبين مدينة "دمشق" التي ولدت فيها ونلتُ الشهادة الثانوية عام 1980، مجموع درجاتي العالي أهَّلني للدراسة في كلية الطب البشري والحصول على شهادة البكالوريوس عام 1986، اتجهت بعدها للتخصص في طبّ الأنف والأذن والحنجرة حيث حصلت على شهادة الماجستير سنة 1991، تعمَّقت أكثر في ممارسة تخصُّصي أثناء تأدية الخدمة الإلزامية في مشفى "حمص" العسكري، بعدها بدأت العمل في عيادتي الخاصة عام 1993

بعدها سألنا الدكتور "سام عبود" عن توجهه للتخصص في زراعة الحلزون ومراحل دراسته له فيقول: «الطبيب البارع في اختصاصه عليه مواكبة كلَّ جديدٍ فيه، عدا عن دافع التميّز وتحقيق رسالة إنسانية أولاً من عمله، ومع بدايات ظهور عملية زرع الحلزون في بعض دول العالم، تولَّدت داخلي الرغبة بأن أكون من أوائل الدارسين له والتخصص به من أجل مساعدة أطفال بلدي الصم على استعادة حاسة السمع ليكونوا أشخاصاً فاعلين لاحقاً في المجتمع.

جانب من شهادات التقدير عن مشاركاته في المؤتمرات الطبية

بدأتُ رحلتي في "بلجيكا" بإحدى أهم المشافي المتخصصة بذلك وتدعى "سان جورج" وبقيت فيها مدة عام ونصف العام، بعدها انتقلت للتدرُّب في جامعة "بوردو" الفرنسية، طموحي لم يقف هنا لذا كانت محطتي التالية "إيطاليا" حيث أكملتُ تدرُّبي في أهم المراكز الطبية العالمية تحت إشراف البروفسور "ماريو سانا" أحد كبار جراحيّ زرع الحلزون في العالم حيث مكثت هناك عاماً كاملاً، لأعود بعدها إلى أرض الوطن وتبدأ رحلة الممارسة العملية في تخصصي الجديد».

عن عملية زراعة الحلزون، ماهيتها، والصعوبات التي تعترضها ومراحل إجرائها تابع قائلاً: «كما في أغلب العمليات الجراحية المختلفة فإنَّ الدقَّة والتحضير الجيد للطفل المريض، بدايةً من أخصائي السمعيات مروراً بطبيب الأشعة لنصل إلى الجرَّاح الذي يقوم في المرحلة الأولى بزرع القطعة الداخلية للجهاز داخل الحلزون المصاب، ثمّ تركَّب القطعة الخارجية خلف صيوان الأذن في مرحلةٍ ثانية، تلاه المهندس المتخصص بمعايرة الجهاز المزروع، ومن ثمَّ فريق إعادة التأهيل السمعي والنطقي الذي قد يستغرق سنتين بعد العملية في مهمته، هي أهم عوامل نجاح أيَّ عملية، العائق الأكبر دوماً هي التكلفة المادية الباهظة لثمن الجهاز، لذا كان لا بدّ بدايةً من البحث عن مصادر تمويلٍ تساعد أهالي الأطفال في تغطية جزء من تكاليف العملية، إحساسي بتلك المعاناة دفعني للتواصل مع جهاتٍ حكومية وأهلية وجمعياتٍ خيرية للتشارك في تحقيق الهدف بإعادة السمع لكلِّ طفلٍ يعاني فقدان السمع الولادي المنشأ، بعدما تقدّمت بشرحٍ تفصيليٍ عن العملية ونسب نجاحها والأثر الذي تتركه في حياة الإنسان والمجتمع، هذا أفضى لإجراء أول عملية زرع حلزون في مدينة "حمص" عام 2007 ضمن المركز التخصُّصي الذي افتتح في مشفى جمعية "البر والخدمات الاجتماعية" بالتعاون مع صندوق المحافظة للتكافل الاجتماعي وصندوق العافية الخيري، بعدها توالى إجراء العمليات ومع اكتساب الخبرة عند الفريق الطبِّي بأكمله أصبحت الأمور تسير من نجاحٍ إلى نجاح، حتى وصل عدد العمليات التي أجريتها إلى 226 عملية لمرضى من عموم الأطفال السوريين».

الدكتور سام مترقباً لحظة السمع الأولى للطفل

عن عمله بشكلٍ عام وما يطمح إليه يتابع الدكتور "سام عبود" بقوله: «خلال تلك السنوات التي مضت كان الهاجس الأكبر لديَّ وما زال، هو المساهمة في تغيير حياة كلِّ طفلٍ وعائلة لواقعٍ أفضل لهم والخلاص من معاناتهم، لكن كلَّ الجهد وتعب المسؤولية التي تلقى على عاتقي قبل إجراء أيَّ عمليةٍ أجريها، يتلاشى مع رؤيتي دموع أو ضحكات الطفل عند سماعه الصوت الأول في حياته، هذه اللحظة هي الأكثر أثراً في نفسي، معها لا أستطيع حبس دموع الفرح بتحقيق النتيجة التي كنا نأملها كفريقٍ طبيٍ وعائلة الطفل، هذه النجاحات دفعتني لكي أرفض كلَّ العروض الخارجية التي قُدِّمت لي للعمل في الخارج، لأنّني مؤمنٌ بأنَّ أبناء وطني هم الأولى بجهدي وخبرتي، كما ذكرت سابقاً فإنَّ التكلفة الباهظة للعملية هي الهمُّ الأكبر، لذا على المهتمين بالعمل الخيري من جمعياتٍ ومنظماتٍ ومؤسساتٍ حكوميةٍ معنيةٍ بهذا الشأن، أن تكون مساهمتهم أكبر معنا من أجل مساعدة كلِّ طفلٍ أصمٍّ على استعادة سمعه، بدأت هذا العام العمل بالتعاون مع مركز الإغاثة التابع لدير "القديس بطرس" في بلدة "مرمريتا"، وتمكَّنا معاً من مساعدة ثلاثة أطفالٍ على استعادة حاسة السمع والعودة للحياة الطبيعية».

"إيلي جلحوم" مدير مركز الإغاثة التابع لدير "القديس بطرس" في مداخلة رأيٍ يقول: «بحكم طبيعة عملي في المركز أستطيع أن أصف الدكتور "سام عبود" بالإنسان أولاً قبل الطبيب الماهر ثانياً، معرفتي به تعود إلى عام 2013 حيث كان من أهم المتابعين لعملنا الإغاثي في مساعدة المرضى المحتاجين لشتى أنواع العلاج حتى في غير اختصاصه، ومع بدء مشروعنا الخاص بمساعدة الأطفال ذوي الأمراض المزمنة قبل عام، كان تعاونه معنا وما زال بلا حدود، ابتداءً من استقبال الأطفال وحتى إجرائه العملية لهم، كلُّ ذلك دون تقاضي أيَّ أجور مادية غالباً، ما يميّزه هو ذاك الحسّ الإنساني الغالب على شخصيته، وهذا بشهادة جميع أهالي الأطفال الذين عرفوه عن قرب».

الطفل كارلوس مع والده بعد العملية

"سهيل شهلة" والد أحد الأطفال الذين استعادوا حاسة السمع وعن تجربته الشخصية ومشاهدته قال: «طفلي "كارلوس" صاحب السنوات الأربع كان فاقداً للاستجابة السمعية منذ ولادته، أملنا كان ضعيفاً في أن يصبح طفلاً عادياً كغيره من الأطفال، إلى أن لجأنا إلى مركز الإغاثة في دير "القديس بطرس" وهنالك كان الدكتور "سام عبود" في استقبالنا بابتسامته المميزة، وبكلماته الدافعة لبث الأمل فينا رغم تخوّفنا من صعوبة العملية، اهتمامه بأدقِّ التفاصيل ومتابعته الدؤوبة بشكلٍ شخصي والمعاملة الإنسانية الخالصة أعطتنا شعوراً بالراحة والاطمئنان، ولن أنسى دموع فرحه لدى مشاهدته "كارلوس" يتفاعل مع الصوت الأول الذي سمعه بعد العملية، هذا يدلُّ على الصفة الإنسانية التي يتمتع بها، وهذا تأكدَّ لنا بعد معرفتنا لاحقاً بالتبرع بأجره الخاص».

نذكر بأنَّ الدكتور "سام عبود" أصوله من قرية "برشين" التابعة لمحافظة "حماة"، من مواليد "دمشق" عام 1963، متزوجٌ ولديه ابنتان، يعمل حالياً كمدير لمشفى "المزينة" الواقع في ريف "حمص" الغربي، محاضرٌ باختصاصه في العديد من المؤتمرات الطبية في "سورية" وخارجها.