أدارت بحنكة واقتدار عدداً من مدارس المحافظة، وأثبتت أنها الأم المربية التي تعطي بلا حدود، وتزرع الحب قبل العلم لقناعتها بأن المحبة تبني وطن. وصلت بخبرتها لإدارة مدرسة المتفوقين في "حمص" لعدة سنوات، ونالت الكثير من التكريم بجدارتها.

مدونة وطن "eSyria" التقت المربية "أمل الزعيم" بتاريخ 1 تشرين الثاني 2019، لتتناول مسيرتها في العمل والكفاح، قائلة: «نشأت في أسرة كادحة محبة للعلم في قرية "الصبورة"، تتألف أسرتي من أحد عشر فرداً بينهم سبع إناث، وكان همُّ والدي أن نكمل تعليمنا، فحصلت على الثانوية العامة عام 1979، بعلامات تؤهلني لدخول الهندسة الزراعية، ولكنه رفض إرسالي للدراسة خارج محافظة "حمص" بسبب تعلقه بي وخوفه المبالغ، فكانت الخيارات أمامي فقط الرياضيات والفيزياء والكيمياء، فاخترت دراسة قسم الرياضيات على الرغم من عدم محبتي له، ولكن والدي كان يرى أنني شعلة ذكاء فلم أخيب ظنه، وبذلت قصارى جهدي كي أكون عند حسن ظنه، رغم معاناتي في دراستها، ولكن القدر سلبني والدي بعد عام واحد من دخولي الجامعة، فكان حافزاً لأحقق رغبته وأنهي دراستي الجامعية.

وجهت لي دعوة لإدارة مدرسة المتفوقين في "حمص"؛ فرفضت بداية، لكن اللجنة المختصة قررت تكليفي بإدارتها، وكانت من أقسى التجارب التي عشتها، فهي تضم نخبة الطلاب المميزين في "حمص"، قمت بداية بالاجتماع مع الكادر التدريسي لنضع برنامج الدروس وخطة العمل، فنجحنا نجاحاً كبيراً، وبلغت نسبة النجاح 100% منذ أول عام، وأغلب الطلاب ذهبوا للتحضيري

انتمائي لطبقة كادحة دفعني للعمل أثناء دراستي، فعملت في كافة أعمال الفلاحة والحراثة، وكنت أقود الجرار الزراعي، وكان لي دور بتأسيس أبناء قريتي بمادة الرياضيات، فخلال دراستي الجامعية أعطي ساعات رياضيات لمرحلة التعليم الأساسي».

رئيس دائرة البحوث سابقا فيصل الأبرش

وتناولت تجربتها في التعليم، قائلة: «خلال تعليمي كنت أرى نفسي في طلابي، وأحلل أسباب ضعف الطلاب في مادة الرياضيات، فوجدت أن الخجل من السؤال هو أهم سبب، كنت أجيب عن أسئلتهم التي تدور في أذهانهم دون أن يسألوا، فتركت أثراً عند جميع الطلاب الذين علمتهم، وأخيراً حصلت على الإجازة في الرياضيات، وبدأت رحلة تنقلي في مدارس المحافظة، فدرستُ في مدارس عدة، وعدت لأدرس في قلب المدينة في الثانوية الصناعية للذكور، لأخوض تجربة مميزة تحتاج فهماً عميقاً لنفسية الطلاب، وأساليب جديدة لجذبهم لهذه المادة الجامدة، وكيفية إيصال المعلومة بسلاسة، ثم انتقلت لمدرسة "عبد الوهاب الأسعد" للإناث من 1993حتى عام 2000، حيث تركت التعليم بسبب عارض صحي، وتحولت للعمل الإداري في مدرسة "العصماء"، فكانت فرصتي التي تعرفت من خلالها على مدير المدرسة "غازي درويش" الذي علمني أصول العمل الإداري، ليتم إحداث مدرسة "الخوارزمي"، التي عينت فيها نائبة للمدير "عبد الكريم يونس" الذي أكمل ما بدأه سابقه بتعلمي أصول الإدارة الناجحة لمدة أربع سنوات، لأعين لاحقاً مديرة للمدرسة دون رغبة مني، من 2004 حتى 2009، فبذلت قصارى جهدي لأرتقي بالمدرسة، فكنت المربية الأم الصارمة حيناً، والحنونة حيناً أخر، فنجحت وحققت ما أصبو إليه، حيث أصبحت الطالبات تسرُّ لي ما ليس لديهن الجرأة لأخبار ذويهن عنه، وكنت لا أبخل بنصحهم، بهدف تجاوز هفواتهم الصغيرة وعدم انجرارهم لخطأ أكبر، وكنت أرغم طلاب الثالث الإعدادي على الدراسة دون أن أنفرهم من العلم، وأجري لهم مسابقات بالقصة والشعر وأقيم معارض رسم بهدف تحريض الإبداع لديهم، مع تشكيل فرق رياضية، وكان ذلك بوجود كادر إداري متعاون.

ثم انتقلت لمدرسة "نجم مرهج" الإبتدائية لقناعتي أنني لن أستطيع أن أضيف شيئاً، بهدف تأسيس جيل من الأطفال تعليمياً، فكان وجودي في المدرسة يعطي إحساساً بالأمان للطلاب وذويهم في أحرج اللحظات خلال الأحداث في "حمص"، فكان الطلاب لا يتغيبون عن المدرسة».

فيصل الأبرش يكرم أمل الزعيم في مدرسة الباسل للمتفوقين بحمص

وعن تجربتها في مدرسة المتفوقين، قالت: «وجهت لي دعوة لإدارة مدرسة المتفوقين في "حمص"؛ فرفضت بداية، لكن اللجنة المختصة قررت تكليفي بإدارتها، وكانت من أقسى التجارب التي عشتها، فهي تضم نخبة الطلاب المميزين في "حمص"، قمت بداية بالاجتماع مع الكادر التدريسي لنضع برنامج الدروس وخطة العمل، فنجحنا نجاحاً كبيراً، وبلغت نسبة النجاح 100% منذ أول عام، وأغلب الطلاب ذهبوا للتحضيري».

وتحدثت عن الجانب الإنساني بعملها، قائلة: «خلال وجودي في مدرسة "عبد الوهاب الأسعد" كنت أدرّس طلاب الثالث الثانوي، ونظراً لوضع الأهالي المادي المتواضع، كنت أحضر مع الطلاب يوم العطلة لإعطائهم دروس تقوية في الرياضيات بشكل مجاني، وأقوم حتى الآن بإعطاء دروس مجانية لمن يحتاجها في منزلي، وأثناء إدارتي كنت أول من يحضر للمدرسة وآخر من يخرج منها حتى أطمئن أن جميع الطلاب وصلوا لمنازلهم».

وتحدث "فيصل الأبرش" رئيس دائرة البحوث في مديرية التربية سابقاً، عن تجربته مع "الزعيم"، قائلاً: «معرفتي بها من خلال وجودي بدائرة البحوث، ووجودها في إدارة مدرسة "الباسل" المتفوقين، فكان أدائها مميزاً جداً، ولها أسلوبها الخاص المتفهم في التعامل مع الطلاب، وتعرفُ كيف يمكن إيصال المعلومة للطالب من قبل المدرس، ويكون ذلك بالتواصل الدائم ومتابعتها الحثيثة لكل طالب، فكانت تعرف جميع الطلاب بالاسم رغم ضخامة المدرسة التي تضم 11شعبة تعليم أساسي، و9 شعب ثانوي، وتحتضنهم كأم حقيقية وتعرف مشكلة كل طالب، وما لديه من مواهب، وتحاول تنمية ذلك، ولا تترد بمتابعتهم مع ذويهم، ومع الكادر التدريسي، ولديها القدرة على حلّ أي إشكال.

تميزت بعلاقتها الرائعة مع الكادر التعليمي والتنسيق المطلق، وكانت تكلفهم بإعطاء الطلاب دروس إثراء وتقوية خارج أقات الدوام دون أي مردود مادي. التعامل معها سهل، وكان جهدها يظهر في نهاية كل عام من خلال حصول طلاب التعليم الأساسي والتعليم الثانوي على نتائج شبه كاملة، وكنّا على وفاق معها من حيث العمل والإشراف، وقد حصلت على أكثر من ثناء من وزير التربية، وبقيت في المدرسة حتى بلغت سن التقاعد».

يذكر أن "أمل الزعيم" مواليد مدينة "حماه" قرية "الصبورة" عام 1959.