تمكن مهندس القوى الميكانيكة "عمار الحسن" من تحويل العقبات التي اعترضته لنجاحات، حتى أن الإصابة البالغة ليده بعد تحضيرٍ مطول للمشاركة في بطولة "حمص" لكمال الأجسام لم تخفف من عزيمته للعودة وممارسة شغفه بالرسم، من هنا استطاع اكتساب شهرة على مواقع التواصل الإجتماعي.

مدونة وطن "eSyria" التقت المهندس "عمار الحسن"، ليتحدث عن بداياته في الرسم وكيفية تطور هذه الموهبة قائلاً: «بدأت الرسم قبل 15 سنة؛ أي أيام الدراسة الابتدائية، وكانت رسوماتي بسيطة وطفولية كأفلام الكرتون، وكنت أمارس الرسم لكي أشغل نفسي وأملأ وقت فراغي. وفي الصف التاسع كانت بدايات رسمي للوحات البورتريه، وبعد مدة توفقت عن الرسم، إلى أن دخلت كلية الهندسة الميكانيكة والكهربائية باختصاص ميكانيك، عندئذٍ بدأت تعلم مقررات الهندسة؛ كالرسم، والميكانيك، وكانت المواد بالنسبة لي سهلة جداً واستطعت اجتيازها من دون جهد كبير بمعدلات عالية، عند رسوبي في السنة الخامسة عانيت من الملل ووقت الفراغ الكبير، فبدأت التواصل مع رسامين للتحدث معهم والتعلم منهم حول أدوات الرسم الحديثة التي لم أكن أعرفها، تطورت رسماتي كثيراً وقمت بنشرها على صفحتي على "الفيسبوك"، فأثارت إعجاب أصدقائي والمتابعين، فكان هذا دافعاً كبيراً للاستمرار والمتابعة، ولولا حبي وتعلقي بالرسم، لما أكملت دراستي في الهندسة».

فيما بعد شاركت بمعرض "تحية إلى تشرين"، الذي أقيم في "دمشق"، قدمت خلاله لوحة "بمجدك احتميت" لتوصل اللوحة فكرة عن بطولات الجيش العربي السوري، وخاصة الجندي المقاتل؛ فهو العنصر الأساسي المحرك في الجيش، فقمت برسمه يحمل سلاحه ويوجهه نحو العدو، فحازت اللوحة على تقييم عالٍ ضمن المعرض

وأكمل "عمار": «فيما بعد شاركت بمعرض "تحية إلى تشرين"، الذي أقيم في "دمشق"، قدمت خلاله لوحة "بمجدك احتميت" لتوصل اللوحة فكرة عن بطولات الجيش العربي السوري، وخاصة الجندي المقاتل؛ فهو العنصر الأساسي المحرك في الجيش، فقمت برسمه يحمل سلاحه ويوجهه نحو العدو، فحازت اللوحة على تقييم عالٍ ضمن المعرض».

لوحة من أعماله

وتحدث "عمار" عن لوحاته؛ كلوحة رجل يضع يده على عينيه، قائلاً: «أثارت هذه اللوحة على صفحتي في "الفيسبوك" الكثير من الغموض، ووضع كل من المتابعين معاني وتسميات مختلفة لها، فبعضهم وجدوها تمثّل الواقع، حيث يقوم الناس بنقل الأحاديث من دون رؤيتهم للأحداث، أما أنا، فعنيت من خلالها أن الشخص يقوم بتغطية عينيه لكي يتجاهل أمراً معيناً يزعجه أو يصرف النظر عن تصرفات شخص يحبه لكنه يؤذيه، إن هذه التفسيرات والتسميات من قبل المتابعين تسعدني وأعدّها تقديراً لعملي، وخصوصاً بعد عودة الفن إلى عهده بعد الحرب في "سورية"، حيث كان لمواقع التواصل الاجتماعي دور كبير في إعادة الاهتمام بالفن».

وتحدث "عمار" لاعب كمال الأجسام عن إصابته في النادي وعودته إلى الرسم خلال مدة زمنية قصيرة جداً مقارنةً بإصابته البالغة، فقال: «خلال تمرني وتحضيري لبطولة كمال الأجسام في "حمص" قبل 15 يوماً من موعد البطولة، تعرضت لإصابة ضمن التمرين؛ وكسر ساعدي الأيمن إلى نصفين، وهي يدي التي أرسم بها، فخضعت لعملية تركيب صفائح وستةِ براغٍ، إن الألم والخوف الذي عانيته لمدة شهر ليس بسبب الإصابة، إنما بسبب خوفي من عدم قدرتي على الرسم، هذا الأمر كان يشغلني بشدة، وبعد فك الجبيرة بمدة بسيطة، كنت سعيداً جداً لاستطاعتي رسم لوحة، فعلى الرغم من الألم خلال رسمها، إلا أن أسلوبي كان قد تطور أكثر، إضافة إلى أنني في تلك المدة كنت أتدرب على الرسم والكتابة لتقديم آخر مادة متبقية للتخرج، كانت المادة نظرية بحتة عدد صفحاتها 600 صفحة، ونجحت باجتيازها بمعدل عالٍ، وبعدها كان تخرجي في الجامعة».

لوحة شارك بها في أحد المعارض

وكان لعائلة "عمار" دور كبير في تطوره ووصوله إلى هذه المرحلة، من خلال الدعم والتشجيع، فتحدث عنهم بالقول: «أبي وأمي وأخي "خضر" قاموا بتشجيعي على الاستمرار بالرسم مهما كانت رسوماتي بسيطة، حيث كانوا ينقدون رسماتي بنقدٍ بنّاء لتشجيعي على تجاوز الأخطاء وتطوير أسلوبي، ودوافعي للاستمرار تعلمتها جميعها من أخي الشهيد "مجد"، حيث جعلني أقرأ الكثير من الكتب حول "قوة العقل الباطن" و"الجذب"، ودفعني إلى التسجيل في دورة (بورد أميركي) تحت عنوان: "اعرف نفسك"؛ عن كيفية التحكم بالأيام القادمة وكيفية تحقيق الحلم والأهداف وتنظيم الوقت، واستطعت التمكن منها بسبب الممارسة، فأعطتني الكثير من القوة والإرادة».

ووجه "عمار" رسالة إلى كل شخص لديه موهبة ولم يستطع التعرف إليها، بقوله: «إن لكل شخص موهبة تكون معه منذ ولادته، والطريقة الوحيدة للتعرف إليها هي الحب، فعليه أن يتبع حبه لهواية معينة ويبدأ التدرب عليها، ومهما كان الإنجاز بنسبة بسيطة، فهو إنجاز، لذلك على الإنسان البدء وعدم الاستسلام مهما فشل، فالخطأ أهم من الإنجاز؛ لأن الخطأ يعلّم الإنسان ويجعله يتطور أسرع، فالإرادة مفتاح النجاح».

المدرب عيسى مندو

"عيسى مندو" مدرّب كمال أجسام تحدث عن معرفته بـ"عمار" بالقول: «هو شخص مميز جداً بالتزامه بالتعليمات المعطاة له خلال التدريب، وقدرته على التنسيق بين دراسته والرسم والرياضة، فكان دقيقاً جدأ في ذلك، أثناء تحضيره للمشاركة في بطولة "حمص" لكمال الأجسام تعرض لإصابة بالغة في يده، كنت خائفاً ومستاءً جداً من أن تمنعه إصابته من العودة إلى الرسم والرياضة، إلا أنه شخص يمتلك قدراً كبيراً من التصميم والإرادة، حيث استطاع العودة بقوة إلى الرسم، ومنذ مدة ليست بعيدة أتى إلى النادي وطلب مني العودة إلى اللعب، لكن بأوزان خفيفة، ونجح في ذلك».

بقي أن نذكر، أن "عمار الحسن" من مواليد محافظة "حمص" عام 1994، حصل على إجازة في شهادة هندسة القوى الميكانيكية من جامعة "البعث"، ويقوم حالياً بدراسة ماجستير أكاديمي باختصاص ميكانيك موائع في جامعة "دمشق".