تحتضن ذاكرته قصص جدته عن أمجاد وبطولات العرب، ليثمر إبداعه اثنتي عشرة رواية وأربع مجموعاتٍ قصصية، استشرف من خلالها الحاضر برؤية بعيدة المدى، وقرأ الواقع لتكون أعماله مرآةً حقيقية.

مدوّنةُ وطن "eSyria" التقت الروائي القاص "نبيه اسكندر الحسن"، بتاريخ 28 آب 2020 لتتناول مسيرته الإبداعية، قائلاً: «يحضرني الآن ذكرى جدتي التي كانت موطني وملاذي في طفولتي، مع حكايات "الشاطر حسن"، "الزير سالم"، و"تغريبة بني هلال"، ما كان دافعاً لدي لابتياع القصص والروايات من حديقة "الدبابير" في "حمص"، حيث كان لدي متسع من الوقت في عملي، فكنت أنهل ولا أرتوي من هذه الكتب، وقد حدثت نقلة في حياتي عندما أتيحت لي الفرصة عام 1989 لنشر قصيدة نثرية بعنوان "ضياع" في صحيفة "الثورة"، لتكون دافعي للاستمرار بالكتابة.

شاركت بمهرجان "الكرك" الثقافي في "الأردن" عام 2006، وتناولت في أعمالي الهم الوطني والاجتماعي، وأبرز ما قيل عن أعمالي في ندوة نقدية في المعهد العالي للغات في جامعة "البعث"، أنني استشرفت في رواية "بحيرة الملح"، ما يحدث الآن على مساحة الوطن العربي، من تخريب واستهداف للجمهوريات العربية والقومية، بعكس ما يجري في المملكات العربية، وتناولت الهم الاجتماعي وتلاعب التجار بالأسعار، لأقول: ألم يحدث منذ القدم أن ضجَّ الوجود؟ ألم يحدث أنّه كان حكيماً، وكانت الحقيقة؟ ## أذن أين هي؟ أأنت أخرس؟ تكلم ألا تريدُ أن تنطق؟ ساديٌّ، وحبي لها كان السهادُ ## فلم َ كنتُ الشاهدُ؟ ## ولما أكون الشهيد

وتعرفت لاحقاً على الصحفي الراحل "حيدر علي"، الذي كان له الفضل على عشرات الأسماء، التي تبوأت لاحقاً مناصب هامة في المؤسسات الثقافية، وأكثر ما أحزنني فقداني في بداية الأحداث -إضافة لمنزلي- 5000 كتاب من عيون الأدب العربي والعالمي، وثلاث مخطوطات في الرواية، والعديد من أعمالي التي لم أعرف مصيرها هل سرقت أم أحرقت».

الدكتور الناقد ماجد قاروط

وتحدث عن أبرز أعماله والداعمين، قائلاً: «ومن أبرز الداعمين لمسيرتي الدكتور "حسن حميد"، والأديبة "دولة عباس"، أما أبرز أعمالي التي صدرت لي في التسعينات من القرن الماضي التي تناولت فيها ما يجري اليوم في الوطن العربي من حروب وأحداث وشرذمة سياسية وفكرية واجتماعية، منها رواية بعنوان "غضب النوارس"، ومجموعة أخرى بعنوان "الهدية" عام 1989، ثم توالت الإصدارات، لأصدر رواية "الفدية"، ثم رواية "محراب العشق"، ثم مجموعة قصص بعنوان "سورية الأم"، وعندي حدس بأن هذا العنوان سيتكرر لاحقاً يومياً على شاشات التلفزة، ثم تلته رواية "أحلام مشتتة"، ورواية "سنابل في رحم الصخور"، ثم خماسية "بحيرة الملح"، "عاشق أخرس"، "مطر الملح"، "رياح العنف"، و"قيم وثعالب" عام 2010 وهي آخر إصداراتي الأدبية، وكانت القرية بمنازلها الطينية ودفئها حاضرة بأعمالي، سهولها، جبالها، زقزقة عصافيرها، وبساطة ناسها وطيبتهم».

وتناول تجربته بتأسيس ملتقى الثلاثاء الثقافي الأدبي، قائلاً: «في بداية الأزمة وبدافع من الغيرية على الوطن، ورغبة ملحة بإثبات أننا أبناء الحياة ونستحق الفرح والحب، أطلقت ملتقى "الثلاثاء الثقافي الأدبي" عام 2013، بهدف جمع شمل الأدباء من أبناء الوطن وتشجيع المواهب وتنشيط الحركة الثقافية، فكان الملتقى المنبر الحرّ لكل المواهب الشابة، ومن الأدباء الذين ساهموا بانطلاق الملتقى الدكتور "وليد العرفي"، الدكتور "يوسف جمول"، الدكتور "هيثم المصري"، الدكتور "ماجد قاروط"، "إبراهيم الهاشم"، و"بشار الجهني"، فقمنا بجولة في أغلب المحافظات السورية، ووصلنا حتى "الحسكة "شمالاً، و"القنيطرة" جنوباً، لنقيم الأمسيات الشعرية الثقافية، ونثبت أن "سورية" بلد الشعر والشعراء، وقمنا من خلال الملتقى بتكريم الأدباء لإبداعهم، وكرمنا كذلك المعلمين وأمهات الشهداء بمناسبة عيد الأم وعيد المعلم».

الشاعر سليمان غانم

وأضاف: «شاركت بمهرجان "الكرك" الثقافي في "الأردن" عام 2006، وتناولت في أعمالي الهم الوطني والاجتماعي، وأبرز ما قيل عن أعمالي في ندوة نقدية في المعهد العالي للغات في جامعة "البعث"، أنني استشرفت في رواية "بحيرة الملح"، ما يحدث الآن على مساحة الوطن العربي، من تخريب واستهداف للجمهوريات العربية والقومية، بعكس ما يجري في المملكات العربية، وتناولت الهم الاجتماعي وتلاعب التجار بالأسعار، لأقول:

ألم يحدث منذ القدم أن ضجَّ الوجود؟

روايته سورية الأم

ألم يحدث أنّه كان حكيماً، وكانت الحقيقة؟

أذن أين هي؟

أأنت أخرس؟ تكلم ألا تريدُ أن تنطق؟

ساديٌّ، وحبي لها كان السهادُ

فلم َ كنتُ الشاهدُ؟

ولما أكون الشهيد».

الأديب "سليمان غانم"، تحدث عن تجربة "الحسن" قائلاً: «من خلال قراءة تجربته الروائية والقصصية، نجد حكاية قلم متمرد على الروتين والانتهازية ولن أخوض في تفاصيل رواياته وقصصه، لأن العديد من الدراسات النقدية وحلقات البحث قد تناولتها بإسهاب، سأتناول "نبيه الحسن" الإنسان السوري الوطني بامتياز، من خلال تجربتي معه في ملتقى "الثلاثاء الثقافي الأدبي" في "حمص"، والذي قام بتأسيسه رداً على دعوات التفرقة والكراهية، حيث انطلق من حديقة منزله مع مجموعة من المثقفين والوطنين من مختلف ألوان النسيج السوري، ليقيموا نشاطاً ثقافياً كل ثلاثاء تحت القصف والحصار، ليجمع ما فرقته الحرب تحت شعار "سورية الوطن"، فكرم ذوي الشهداء والجرحى والطفولة والخامات الأدبية الواعدة، أما قلمه فله خاصية التفرد بالجمال والوجع الوطني من خلال صورة أدبية ولا أروع، وانسيابية دافقة العطاء والإبداع».

وتحدث عنه الدكتور "ماجد قاروط"، قائلاً: «"الحسن" إنسان بكل معنى الكلمة قبل أن يكون أديباً مرموقاً، وهو أديب روائي من طراز رفيع، يقرأ الواقع بصورة جيدة واعية، يعمل على وعي معرفي خلاق معاصر، يغتنم عناصر الحداثة، ولا سيّما الصورة الشعرية الجديدة في أعماله الأدبية، وتعد "نبيهات نجمة الصباح"، من المستويات الأدبية التي ترتكز إلى يوميات الفرد وشجونه وآلامه عبر صور منفردة متطورة حداثياً، أضف إلى ذلك أنه قد عمل في ملتقى "الثلاثاء الأدبي الثقافي" في "حمص"، على تطوير الحركة الثقافية السورية، واستقطاب شرائح المجتمع كافة في ظروف استثنائية صعبة، وعمل على رفد الملتقى بالوجوه والدماء الجديدة، في عمل إبداعي خلاق، وتكريمهم على غير صعيد».

ويذكر أنّ الروائي القاص "نبيه اسكندر الحسن" من مواليد "حمص" 1954.