جرت العادة في مدينة "حمص" أن يكون "شيخ المحشي" سيد المائدة في المناسبات الكبرى؛ لما يعنيه اجتماعياً وغذائياً لهم.

مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 22 كانون الثاني 2016 السيدة "جورجيت حاج إلياس" التي لديها خبرة طويلة في هذه الأكلات ودلالاتها، لتحدثنا عنها بالقول: «سميت أكلة "شيخ المحشي" بهذا الاسم لأنها أفخم أنواع "المحاشي" بوجود اللحم في الحشوة عوضاً عن الأرز، ويتصدر المائدة في العزائم لدى بعض العائلات الحمصية، وجرت العادة عبر التاريخ الحمصي أن يرتبط تناولها بالسلاطين والملوك، لكنها تحولت إلى أكلة بمتناول أغلب الناس والموائد في هذا الزمن.

درجت العادة على أن "شيخ المحشي" باللبن أكثر الأكلات التي تصنع وتوضع على المائدة الحمصية، وما ذكرته من تفاصيل دقيقة يدلّ على أهمية التوازن في وضع هذه الوصفة كي تصبح الأكلة على أصولها، وعلى أساسها تعرف المرأة وخصوصاً الفتيات في بداية حياتهنّ إن كنّ قادرات على أن يصبحن ربّات منازل أم لا

وبالعودة إلى تاريخ "المحاشي" بوجه عام فهي جميعها باختلاف أنواعها تعد من أهم الأطباق في المطبخ التركي أساساً، وتسمى "Dolma"، وانتشرت في بلاد الشام، وإيران، وبلاد البلقان وشمال أفريقيا إضافة إلى أذربيجان وأرمينيا وأوزباكستان».

جورجيت حاج إلياس

أما عن طريقة تحضيرها والخصوصية التي تميزها في "حمص" فتقول: «هناك تنافس إيجابي بين عائلات مختلفة في المدينة لطبخ هذه الأكلة، وخصوصاً بين النساء، وقد اختلفت عن طريقة التحضير في محافظات أخرى، فيفضل جلب الكوسا ذات الحجم الصغير أولاً، ثم حفر جزء منها أو (ماسورة) فقط، ثم عمل ما يسمى "تسويكة"، وهي ملح وماء وثوم ونعناع يابس ليتم تغطيس الكوسا بإدخالها ثم إخراجها، وتترك عدة دقائق ليتم حشوها بلحمة ناعمة مع البقدونس والبصل، ثم يتم قليها وتحميرها بالزيت، وبعدها يتم غلي اللبن على النار مع قليل من الأرز، ثم توضع الكوسا داخل اللبن لتغلي معه حتى تنضج ويتم قليه بثوم، ويقدم إلى بجانبه أرز مع الشعيرية ليكون جاهزاً للوليمة التي عادة تكون في موسم الكوسا كمائدة فخمة في مناسبات خاصة».

ربّة المنزل المخضرمة بحسب وصفها "منى زكيمي" التي تحدثت عن خبرتها الطويلة في إعداد هذه الأكلة وغيرها من الطبخات الحمصية الأصيلة، فقالت: «عرف عن أكلة "المحشي" في مدينتنا أنواع، فمنه "شيخ المحشي" باللبن و"شيخ المحشي" بالحمض والطحينة؛ حيث تقلّى اللحمة بالسمنة أو الزيت، ويضاف إليها البهارات المناسبة، وعندما توشك على النضج نضيف البقدونس والصنوبر وهذا يكون حسب الرغبة، ثم تحفر الكوسا وتحشى باللحمة وتقلى بالزيت النباتي.

منى زكيمي

بعد ذلك توضع على شكل صفوف في الوعاء المخصص للطبخ؛ حيث يضاف إليها ملعقة من النعناع اليابس، وقليل من الملح، والثوم المدقوق، وأربعة أكواب من الماء، ثم توضع على النار حتى تغلي لمرة واحدة لأنها شبه مطبوخة، وبعدها تخلط الطّحينة بقليل من الماء حتى لا تتجمع مع الحمض، ويضاف إليها "دبس الرمان"، ثم تسكب فوق الكوسا حتى تغلي، ويقدم إلى جانبها الأرز، والنعناع الأخضر أو الفليفلة الخضراء».

وعن أهميته على مائدة الحماصنة تقول: «درجت العادة على أن "شيخ المحشي" باللبن أكثر الأكلات التي تصنع وتوضع على المائدة الحمصية، وما ذكرته من تفاصيل دقيقة يدلّ على أهمية التوازن في وضع هذه الوصفة كي تصبح الأكلة على أصولها، وعلى أساسها تعرف المرأة وخصوصاً الفتيات في بداية حياتهنّ إن كنّ قادرات على أن يصبحن ربّات منازل أم لا».