هو المتنزّه للأهالي والملتقى للأصدقاء والمصدر المائي لمزارعي مجموعة من قرى "وادي النضارة"، إنه "سد المزينة" المنصوب على نهر "راويل" أحد افرع النهر "الكبير الجنوبي" وثلاثة أنهر محلية صغيرة أخرى وكان القصد منه تخديم المنطقة زراعياً بشكل أساسي لكنه تحول إلى مشروع متعدد الأوجه.

مدونة وطن "eSyria" التقت السيد "نجيب موسى" من أهالي قرية المزينة التي تحظى بالجزء الأكبر من السد الذي يحمل اسمها ليحدثنا عن الجانب الترفيهي للسد: «يقع منزلي بالقرب من السد بحيث لا يبعد الوصول إليه سوى بضع دقائق فهو ملتقى لأغلب سكان القرية ولاسيما في فصلي الربيع والصيف، حيث إن هواءه الرطب الجميل ينعش الجو الحار ويجعل من الأمسيات مسلية وأقرب ما تكون إلى نزهة تجمع المأكل والمشرب مع التسلية والأغاني وبعض الأحيان الطرب الأصيل خاصة عند عودة المغتربين من أبناء القرية من سفرهم ليجتمعوا بأهليهم».

يعمل السد على توفير المياه بشكلها الصحيح وخاصة في أيام الشح حيث نوقف ضخ المياه من المناطق الجوفية بل نقوم على توفيرها حيث إن المنطقة هي حوض جيولوجي واحد على مستوى المنطقة فبدل استنزاف هذه المياه يقوم السد بتغذيتها

أما الشاب "عناد العبد لله" فإن السد بالنسبة له مكان ليمارس فيه هوايته المفضلة وهي صيد السمك فيقول: «عند بناء السد لم يخطر ببال أحد من أبناء القرية أن يصبح السد تجمعاً كبيراً للثروة السمكية حيث يضم داخل مياهه أنواعاً عديدة من الأسماك صالحة للأكل (كالناصري، ظاظاني، نهري ملون) وهذا بدوره يدفع الكثيرين لممارسة هواية صيد السمك خاصة في منطقتنا المشهورة بصيد العصافير، وصيد السمك أصبح مورد رزق لقسم من أهالي المنطقة.

صورة للسد من الفضاء

وبالنسبة لي شخصياً فقد اعتدت منذ بناء السد أن أمارس هواية صيد السمك بالصنارة مع أصدقائي في وقت المساء من كل يوم حيث يترافق صيد السمك مع شواء الذرة وشرب الأركيلة على ضفاف السد ومعظم الغلة تذهب لأهل بيتي، وما يتبقى منها يوزع إما على الاصدقاء أو الاقارب أو الجيران، وعندما تكون الغلة كبيرة جداً فإنني أبيع قسماً منها، وفي أحيان أخرى نعود خالي الوفاض من السمك مع الكثير من المرح والبهجة».

مع الثروة السمكية والترفيه يشكل السد معلماً حضارياً قام على جوانبه عدد من المطاعم والمقاهي إضافة لدوره في الجانب الزراعي وتوفير المياه لقسم من الأراضي الزراعية الموجودة حول السد على امتداد القرى، ويضمّ السد محطة مناخية يابانية تعطي قياسات وقراءات دقيقة للهطول المطري وللرياح والحرارة وكل ما يتعلق بالمناخ، أما عن جسم السد ومكوناته ومشاريعه المستقبلية فقد تحدث المهندس "ابراهيم الخطيب" رئيس مركز "تلكلخ" للبحوث المائية:

الأستاذ ابراهيم الخطيب

«قديماً كان سهل "البقيعة" منطقة مغمورة بشكل كامل بمياه الأمطار حيث تعيق هذه الأمطار استثمار المناطق الزراعية الخصبة الموجودة داخل هذا السهل، بعدها تم وضع دراسة متكاملة لهذا المشروع ليكون الأول بهدف تصريف المياه بمسارب مردومة ومسارب مكشوفة إلى النهر الكبير الجنوبي، إضافةً إلى إقامة محطتي ضخ ضمن هذه المنطقة ليكون إنشاء السد مكملاً لما سبق.

حيث إنّ هذه المشاريع تعمل بشكل واحد وبطريقة استراتيجية أدت لنمو السهل وزراعاته كزراعة القمح وزراعات أخرى كالخضراوات والصويا والذرة، والمشروع المتمثل بالسد فإنه يخدم المساحة العقارية ما بين "المزينة" وحتى "العريضة" حيث يروي مساحة 4000 هكتار، ليكون طوله 700 متر، بارتفاع 49 متراً، ويخزن السد 19 مليون متر مكعب من مياه النهر، ويلحق به "نبع الناصرية" و"نبع الفرلس" ولهذين النهرين شبكات ري لحوالي 4000 هكتار».

تعتبر المنطقة التي يوجد فيها السد منطقة سياحية بامتياز قبل وجوده كمشروع واضح المعالم وبعد إنشائه، إلا أنّه أضاف أهمية زائدة على الطابع السياحي للمنطقة، من خلال مشاريع أخرى تخدم هذا المجال مثل المشاريع التشجيرية داخل حرم السد لزيادة الثروة الشجرية والحفاظ عليها من خلال تحريم البناء داخل حرم السد مهما كان هدف البناء، ويختم قائلاً: «يعمل السد على توفير المياه بشكلها الصحيح وخاصة في أيام الشح حيث نوقف ضخ المياه من المناطق الجوفية بل نقوم على توفيرها حيث إن المنطقة هي حوض جيولوجي واحد على مستوى المنطقة فبدل استنزاف هذه المياه يقوم السد بتغذيتها».

الجدير ذكره أن السد كان قد بني عام 2001، ووفر إضافة لما سبق كلّه فرص عمل لعديد من أبناء المنطقة.