بين الهدف الإنساني والعمل الاجتماعي الرعوي يظهر دير "المخلص" كأحد أبرز المراكز الدينية المسيحية في مدينة "حمص" لينشر إشعاعه الروحي من حي "النزهة"...

مدونة وطن "eSyria" زارت الدير بتاريخ 15 آذار 2014 والتقت السيد "سعيد إبراهيم" أحد العاملين فيه والمشرف على معظم أنشطته، ويقول: «يقع دير "المخلص" في الطرف الجنوبي الشرقي لمدينة "حمص" من منطقة "النزهة" في حي شعبي كان في الستينيات عبارة عن أرض زراعية تحوي بيوتاً متناثرة وكان يقوم بدور تعليمي قبل أن تؤمم الدولة المدارس الكاثوليكية، حيث سعى الآباء اليسوعيون بالتعاون مع الراهبات إلى خلق رسالة جديدة في المدينة بعد أن توقفت رسالتهم التعليمية».

كان لهذا الاختيار أثر واضح على التوزع السكاني المسيحي في المنطقة إذ سرعان ما تحلقت العائلات حول الدير مؤلفة منطقة سكنية كبيرة قوامها 900 عائلة وذلك بحسب إحصاء عام 1995م، وقد ازداد عدد العائلات في تلك المنطقة ليصل إلى 1300 عائلة حسب إحصاء الدير عام 2009م

ويشير إلى أن مساحة الدير تبلغ 1711 متراً مربعاً، ويحتوي على عدة أقسام هي: كنيسة كبيرة، ومزار الصالحين، وكابيلا (أي مكان الصلاة)، وملعب كرة قدم وآخر كرة سلة، وصفوف تستعمل للتعليم والأنشطة، ومسرح للحفلات، إضافة إلى غرف سكن الراهبات، وصالون استقبال وغرف للاجتماعات، ويضيف: «دير كنيسة "المخلص" هو مركز للآباء اليسوعيين يعملون فيه بالتعاون مع راهبات القلبين الأقدسين، وكان المسيحيون القادمون من الريف يسكنون بشكل عشوائي في أطراف مدينة "حمص" فتم إنشاء مركز للتعليم المسيحي في منطقة "النزهة" واستأجرت الراهبات بيتاً فيها وبدأن عملهن الرسولي بمساعدة الأب "ميشيل برنغ ماير" الهولندي الأصل الذي يعتبر مؤسس دير "المخلص"، ثم قامت الرهبنة بشراء أرض بنت عليها ديراً وكنيسة تم تدشينهما عام 1975م؛ الذي يعد تاريخ تأسيس الدير الحديث نسبياً».

ويتابع: «كان لهذا الاختيار أثر واضح على التوزع السكاني المسيحي في المنطقة إذ سرعان ما تحلقت العائلات حول الدير مؤلفة منطقة سكنية كبيرة قوامها 900 عائلة وذلك بحسب إحصاء عام 1995م، وقد ازداد عدد العائلات في تلك المنطقة ليصل إلى 1300 عائلة حسب إحصاء الدير عام 2009م».

أما عن الدير بشكل عام وتوجهه وأهم الأنشطة الاجتماعية والثقافية والرعوية التي يقوم بها، فيوضح الأب "غسان السهوة" أن العمل الرسولي في الدير يقوم على ثلاثة محاور أساسية هي: التعليم المسيحي، العمل الاجتماعي الإنساني، العمل الرعوي، ويعد التعليم من الأولويات الأساسية منذ بداية تأسيس الدير، وخاصة أن الكثيرين من الناس يتفاخرون بأن رصيدهم الإيماني ومعلوماتهم الدينية من الدير وأنهم تتلمذوا على يد الرهبان والآباء وعلى رأسهم الأب "ميشيل برنغ ماير" مؤسس الدير، والأب "أنطوان مساميري"، والأب "سامي حلاق" الذين لهم الفضل أيضاً بإنشاء الدير وما يقوم به.

ويقول: «تقوم الراهبات والإخوة في الدير بعدة أنشطة مفيدة كدروس محو الأمية والخياطة والرسم والأشغال وتعليم اللغة الفرنسية والمسرح والموسيقا والدورات التعليمية لجميع المواد، وكلها تُقدم بشكل مجاني لجميع المشاركين ولمختلف الأعمار وفق برنامج منظم صيفاً وشتاءً، إضافة إلى أنها تساعد في كسب لقمة العيش لعدد كبير من الأشخاص العاملين في هذا المجال، وفي نفس الوقت تحقق للمشاركين بهذه الأنشطة الترفيه والتسلية والفائدة المجانية العلمية والعملية، وتحقق التقارب والتفاهم بين جميع الشباب وتعزز روح الحوار بينهم، وتعمل أيضاً على تنمية مواهبهم وتقوية شخصيتهم وصقلها حيث يصبح الشباب قادرين على مواجهة كل تحديات الحياة بشكل سليم وواعٍ».

أما الشابة "ميرفت عروق" من أهالي حي "النزهة" التي شاركت في كل أنشطة الدير منذ طفولتها المبكرة وحتى الوقت الحالي، فتقول: «كان الدير بالنسبة لنا مثل بيتنا الثاني حيث كنا نقضي فيه أغلب أوقاتنا إلى جانب المدرسة وخلال العطل الصيفية وذلك خلال مختلف المراحل العمرية من الطفولة إلى الشباب، فكنا نلعب نلهو ندرس نتعلم بعض المهن ونمارس الأنشطة المختلفة ذات الأهداف المتعددة والقيمة التي تحقق التسلية والفائدة للجميع».

وفي حديث مع الراهبة "سامية جريج" ومديرة مركز "حبة الخردل" للمعوقين في الدير تقول: «تأسيس مركز لرعاية المعوقين "المجروحين بذكائهم" في الدير، فقد شكل هذا المركز جزءاً من العمل الاجتماعي والهدف الإنساني الذي يسعى الدير إلى تحقيقه بالدرجة الأولى، حيث يستقبل المركز ما يقارب الـ 40 طفلاً من عمر 6 – 15 سنة تقريباً، ويشرف على تعليمهم وتدريبهم نحو 20 مدرّساً وهم من الشباب الجامعيين المتخصصين في العمل مع ذوي الاحتياجات الخاصة؛ حيث يفيدون الدير بخبراتهم ويستفيدون هم بالمقابل من العائد الشهري لعملهم هذا، ويداوم الأطفال في المركز وفق برنامج منظم من الساعة التاسعة صباحاً وحتى الواحدة والنصف ظهراً تقريباً».

وتشير إلى أن مركز الدير يستقبل أي طفل بحاجة لهذه الخدمات بشكل مجاني ومن جميع الأديان والطوائف، ويقوم بتوزيع حصص غذائية شهرية لكل الأطفال المسجلين في المركز مجاناً.