على الرغم من كونها قرية صغيرة، إلا أن "طريز" تتميز بإنتاجها لأضخم محاصيل التفاح على مستوى "سورية"، فضلاً عن تميزها بطبيعتها الجبلية الجميلة، ونسيمها العليل وإطلالتها الخلابة.

مدونة وطن "eSyria" زارت قرية "طريز" الواقعة في أقصى الريف الغربي لمحافظة "حمص" بتاريخ 7 أيار 2014، والتقت عضو الجمعية الفلاحية في القرية "مهند حسن" الذي حدثنا بداية عن موقع القرية بالقول: «يقارب عدد سكان القرية أربعة آلاف نسمة، وتشكل نقطة وصل بين محافظات "حمص"، و"حماة"، و"طرطوس" حيث تبعد المسافة عينها عن المحافظات الثلاث حوالي ستين كيلو متراً، وتمتد على مساحة خمسين هكتاراً من قرية "البصيرة" شمالاً إلى قرية "الجويخات" و"البطار" جنوباً ومن قرية "عيون الوادي" غرباً إلى قرية "الحكر" و"تين السبيل" شرقاً، وترتفع القرية عن سطح البحر نحو 875 متراً، وتتبع إدارياً إلى منطقة "شين"، مناخها معتدل في الصيف يميل إلى البرودة شتاءً وبالتالي يعدّ ملائماً لزراعة التفاح بشكل كبير».

الآثار التي تواجدت في الكنيسة القديمة للقرية "كنيسة القديسة تريزا" تدل على ذلك، ويُقال: إن الأحجار القديمة التي عثر عليها في الكنيسة القديمة تعود إلى القرن الرابع الميلادي، والاحتمال الأرجح لتسميتها "طريز" هو نسبة للقديسة "تريزا" صاحبة الكنيسة القديمة في القرية، أما الكنيسة الحالية "كنيسة القديس جاورجيوس" فهي ترجع إلى عام 1947

تاريخ "طريز" يعود لأكثر من أربعمئة عام يحدثنا عنه السيد "مهند": «الآثار التي تواجدت في الكنيسة القديمة للقرية "كنيسة القديسة تريزا" تدل على ذلك، ويُقال: إن الأحجار القديمة التي عثر عليها في الكنيسة القديمة تعود إلى القرن الرابع الميلادي، والاحتمال الأرجح لتسميتها "طريز" هو نسبة للقديسة "تريزا" صاحبة الكنيسة القديمة في القرية، أما الكنيسة الحالية "كنيسة القديس جاورجيوس" فهي ترجع إلى عام 1947».

إحدى الأراضي المزروعة بالتفاح في قرية "طريز"

يعدّ إنتاج التفاح المورد الرئيس الذي يعتمد عليه أغلب أبناء القرية، حيث شكل دخلاً سنوياً مهماً لهم، وعن هذا الموضوع تحدث السيد "حسن": «كل أهالي القرية لهم مساهماتهم في عملية الإنتاج الزراعي ومعظمهم متفرغ تماماً للعمل في إنتاج التفاح، واعتمادهم الأساسي على موسم التفاح، ابتداءً من العامل إلى المزارع إلى صاحب منشأة تبريد أو صاحب مشغل لفرز التفاح، حيث يستمر العمل في إنتاج التفاح على مدى عشرة أشهر في السنة، من رش المبيدات إلى الفلاحة والسقاية والقطاف إلى تبريد التفاح وفرزه وتسويقه».

وأضاف: «إنتاج القرية من التفاح مرتفع جداً، فنحن نشغل لدينا أكثر من 600 عامل من اليد العاملة بشكل دائم خلال السنة من خارج القرية من حوالي اثنتي عشرة قرية مجاورة، وحتى في شهري الراحة نقوم بتقليم الأشجار، وتطعيمها وإزالة الأعشاب والشجيرات غير المرغوبة في الأرض.

"كنيسة القديس جاورجيوس" من أبرز معالم القرية

وتضم أراضي القرية ما يزيد على مئتي ألف غرسة تفاح، على مساحة أربعة آلاف دونم مروي، ويتواجد نحو خمسين منشأة تبريد لخزن التفاح، تنتج سنوياً ما بين خمسة وعشرين إلى ثلاثين ألف طن من التفاح، وبالتالي تعدّ "طريز" أكبر قرية منتجة للتفاح في "سورية" قياساً بالبقعة السكانية والجغرافية التي تشغلها والإمكانيات المتواضعة المتاحة».

يتميز تفاح قرية "طريز" بنوعية في الإنتاج، يقول "مهند حسن": «إنتاجنا من التفاح معروف على مستوى القطر، ويشتهر بين الكثيرين من التجار في "مصر" وخاصة "الإسكندرية"، و"القاهرة"، الذين يطلبون تفاحنا حصراً؛ فهو قابل للتبريد لمدة طويلة جداً، وأخف نسبة تلف، وأقل نسبة سميّة بحكم أدويتنا كلها بيولوجية، فالزراعة في قريتنا متطورة جداً، تضم الأراضي المزروعة مشاريع تنقيط بالكامل، فضلاً عن الآبار الارتوازية، واستخدام المبيدات الحشرية التي ترش دون سموم ثلاثية.

لقطة لقرية "طريز" من الطريق العام على بعد 2كم

"طريز" قرية اقتصادية من الدرجة الأولى، ترفد البلد سنوياً بحدود عشرة ملايين دولار من عائدات التصدير؛ فسبعون بالمئة من إنتاج القرية يتم تصديره إلى "مصر، والعراق، والأردن، ولبنان، واليمن، وليبيا».

تنفرد قرية "طريز" بإقامة مهرجان سنوي للتفاح حدثنا عنه السيد "مهند حسن"، وهو مدير هذا المهرجان بالقول: «يقام في قريتنا سنوياً مهرجان شعبي يتخلله حفل فني أطلقنا عليه اسم "مهرجان التفاح السنوي"، ابتدأ منذ عام 1999، يقام في نهاية فصل الصيف من كل عام، والهدف الأول من إقامته اجتماع الأهالي والاحتفال بوداع الفترة الصيفية.

أما الهدف الثاني فهو عملية تسويق للتفاح من خلال دعوة تجار من خارج القرية، وخاصة من بعض قرى "ريف دمشق" ومن محافظتي "السويداء" و"حلب"، وتتم فيه مسابقات تتعلق بالتفاح وإنتاجه وعائدات المهرجان كانت لمصلحة صندوق العمل الشعبي».

أما فيما يتعلق بالوضع الاجتماعي والثقافي لأهالي قرية "طريز" فحدثنا مختار القرية السيد "منير الحسن": «في القرية نسبة كبيرة من المغتربين، معظمهم في دول أميركا اللاتينية لهم مساهماتهم في بعض المشاريع الزراعية وفي مساعدة بعض العائلات المحتاجة، كما تتميز القرية بنسبة مثقفين عالية جداً، ويوجد فيها عدد لا بأس به من الأطباء والمهندسين والموظفين، وحوالي 40 بالمئة من الشباب المقيمين في القرية من حملة الشهادات الجامعية، وحوالي 20 بالمئة من حملة المعاهد المتوسطة، ولا يوجد فيها أميّون حتى الكبار بالعمر».

وأضاف المختار: «تعيش القرية حالة من التآخي الديني المتميز بين أهلها المسلمين والمسيحيين، ويتبادلون الزيارات بشكل مستمر ويتشاركون في الأفراح والأتراح، كما يتبادلون المعايدة في الأعياد والمناسبات الدينية السنوية، كما يجب التنويه هنا إلى أن الهجرة الداخلية من قريتنا إلى المدينة باتت عكسية في السنوات الأخيرة، وهذا يرجع برأيي إلى مسألة الاحتراف في إنتاج التفاح الذي شكل ثروة مالية جيدة للأهالي، مع حالة الاستقرار التي تعيشها المنطقة».

في تلك القرية الوادعة يتوافر العديد الخدمات كما قال المختار: «يوجد لدينا مركز صحي حديث يلبي الاحتياجات نوعاً ما، بوجود العيادات الطبية الخاصة في القرية، كما توجد مدرسة ابتدائية حلقة أولى؛ لكنها قديمة وصغيرة لم تعد تتسع للارتفاع المتزايد لأعداد التلاميذ، أما طلاب مرحلة التعليم الأساسي حلقة ثانية وطلاب المرحلة الثانوية فيذهبون إلى مدارس قرية "الجويخات" المجاورة، وهذه من المشكلات التي يعاني منها أهالي القرية وباتت تشكل عبئاً مادياً عليهم».