اتساع أفق عقله المبكر، جعله يدرك منذ طفولته أن الإعاقة الجسدية لن تقف في طريقه نحو التميز والتفوق، فعمل على تطوير نفسه ليحصل على العديد من الألقاب والشهادات الدولية بأكثر من اختصاص، وهو القلب الدافئ الذي يساعد كل من حوله.

مدونة وطن "eSyria" التقت البطل المتعدد المواهب "محمد غسان أبو صلاح"، بتاريخ 23 نيسان 2019، فحدثنا عن بداية انطلاقته في مجال الرياضة، قائلاً: «ولدت مع إعاقة حركية في قدمي بسبب شلل الأطفال، لكن الإعاقة لم تمنعني عن الحركة، وكنت أقطن في منزل يغص بالسكان من الأهل والأقارب، فكان دافعاً لي لأندمج في المجتمع، ومن أشد المواقف تأثيراً في نفسي عندما كنت في الصف الأول؛ خلال حصة الرياضة منعتني المدرّسة من اللعب بكرة القدم مع أقراني؛ وهو ما أزعجني، لكنني لم أستسلم لليأس، حتى اعترف بي الجميع كحارس مرمى وحيد في صفي، وتميزت حتى وصلت إلى المرحلة الثانوية، حيث أُسّست رياضة المعوقين في "حمص" عام 1987، لكن النشاط كان يقتصر على الجمعيات ومشوهي الحرب، وفي عام 1990 بدأ الاهتمام بالإعاقة في "حمص"، فانتسبت إلى نادي "الكرامة" لأتدرب على السباحة والقوى البدنية وبناء الأجسام، وكان ذلك بهدف زيادة لياقتي البدنية، ففي تلك المرحلة لم يكن للمعوقين بطولات أو مشاركات، وكنت أتدرّب من باب الهواية والمتعة، لذلك انتسبت فوراً إلى رياضة المعوقين عند تأسيسها، لكوني أملك خبرة وأساساً في الرياضة، ومن أول مشاركة في بطولة حصلت على لقب، ثم شاركت بالعديد من البطولات العربية، وحصلت بداية على لقب بطل الجمهورية لمدة عشر سنوات، وفي عام 1995، كانت أول مشاركة خارجية لي في "لندن" ببطولة العالم، فأحرزت الميدالية الفضية؛ وهو أول إنجاز خارجي لـ"سورية" في مجال رياضة المعوقين، وإثرها ازداد الاهتمام برياضة المعوقين والمشاركات الرياضية عن طريق الاتحاد العام الرياضي السوري، ونظراً إلى قلة عدد اللاعبين بهذا المجال كان اللاعب يمارس أكثر من لعبة، فكنت بطل الجمهورية لأكثر من رياضة».

يتميز بطلنا بسعة المعرفة والتواضع، ويمتلك المعرفة والحكمة والدقة، وهو من أول الرياضيين الذين تعرفت إليهم عند دخولي هذا المضمار، ويتميز بأنه يعطي كل ذي حق حقه، ويعمل بصمت، فنرى نتائج عمله على الأرض من دون مقدمات، ونحن نفتخر بوجوده معنا ونكنُّ له كل الاحترام

أما عن أبرز المحطات في مسيرته الرياضية، فقال: «مارست العديد من الرياضات، وحصلت على عدة شهادات: حكم وطني بالقوة البدنية "عمان، الأردن" عام 2003، حكم دولي فئة /ب/ بالقوة البدنية "دمشق" عام 2007، حكم إقليمي بلعبة كرة الطائرة جلوس "دمشق" عام 2006، مدرب سباحة للمعوقين عام 2003 "دمشق"، مدرب كرة طائرة جلوساً عام 2003 "اللاذقية"، وشهادة حضور برياضة اليوغا عام 2004 "حمص"، وشهادة حضور تثقيف إعلامي عام 1999 "حمص"، وشهادة حضور طب رياضي ومعالجة فيزيائية عام 1999 "دمشق"، وشهادة بإدارة المنظمات الرياضية من قبل اللجنة الأولمبية عام 2010 "دمشق"».

هند المبيض

وعن إنجازاته الرياضية، قال: «حصلت على لقب بطل الجمهورية العربية السورية بالقوة البدنية لمدة تسع سنوات من عام 1991 حتى عام 1999، ولقب بطل الجمهورية بالسباحة لمدة سبع سنوات، والمركز الثاني (ميدالية فضية) ببطولة العالم "استوك ماندوفيل" - "إنكلترا"، عام 1995، وعملت مدرباً لمنتخب "حمص" للرجال والسيدات بالقوة البدنية لعدة سنوات، ثم مدرب المنتخب الوطني للشباب بالقوة البدنية المشارك بالدورة الآسيوية "كوالالمبور" "ماليزيا" عام 2013، ومدرب المنتخب الوطني للرجال والسيدات بالقوة البدنية المشارك ببطولة العالم في "دبي" عام 2014».

وعن انتقاله إلى الدور القيادي، قال: «لم أستطع الابتعاد عن الرياضة، فاتجهت نحو الجانب القيادي، حيث اعتليت العديد من المراكز، منها: أمين سرّ مكتب التنظيم لدى اللجنة التنفيذية للاتحاد الرياضي في "حمص" لمدة سبع سنوات، وعضو وأمين سرّ اللجنة الفنية لرياضة المعوقين في "حمص" من عام 2003 حتى نهاية عام 2011، وعضو مؤسس في مجلس إدارة نادي "السلام" للرياضات الخاصة في "حمص" منذ عام 2006 حتى عام 2010، ثم مدير نادي "السلام" الرياضي للرياضات الخاصة في "حمص" منذ عام 2010 حتى نهاية عام 2014، ثم رئيس مجلس إدارة نادي "السلام" منذ عام 2015 حتى الآن، وعضو اللجنة الفنية الرئيسة بالقوة البدنية لدى الاتحاد السوري للرياضات الخاصة منذ عام 2004 حتى عام 2011، شاركت بالتحكيم الدولي بلعبة القوة البدنية بالدورة البارالمية الأولى لدول غرب "آسيا" "خورفكان – الإمارات العربية المتحدة"، بإشراف الاتحاد الدولي للعبة عام 2017، وحالياً عضو المجلس الفرعي لشؤون المعوقين في "حمص" من عام 2017 حتى الآن».

مع منتخب الطائرة في "الرقة"

وعن نادي "السلام" قال: «النادي بيتي الأول؛ لأنه أهم من منزلي، أبقى فيه 90% من وقتي خلال وجود اللاعبين، فأشعر بأنني قدمت شيئاً وخصوصاً عندما يأتي لاعب معدوم من الحركة والرياضة والإنجاز والبطولات، فنوجهه لاستخراج الطاقة والقدرة الكامنة داخله، ونحوله إلى بطل، لذلك أجد نفسي هنا، وأفتخر بهؤلاء الأبطال».

المدرّسة السابقة بمدرسة الصمّ والبكم، ومدرّسة رياضة إيقاعية للصمّ والبكم "هند المبيض" وصديقة "أبو صلاح"، قالت عنه: «"غسان أبو صلاح" من أوائل المنتسبين إلى نادي "السلام"، فهو بطل مثّل "سورية" بعدة دول، ويتميز بأخلاقه العالية وتواضعه، وفي مهرجان "السلام" كان راعي الفريق الذي كنت أرافقه من الصمّ والبكم، فكان الأب الحنون. أفتخر بصداقته وأثق برأيه، وكنت أستشيره، وكان مرجعي خلال عملي، فهو يمتلك خبرة كبيرة ويبذل كل جهده لخدمة هذه الشريحة، عرفته محباً لعمله».

"استوك ماندوفيل" 1995

بطلة "سورية" بألعاب القوى ورفع الأثقال والطاولة "فداء شدود"، تقول عن "أبو صلاح": «يتميز بطلنا بسعة المعرفة والتواضع، ويمتلك المعرفة والحكمة والدقة، وهو من أول الرياضيين الذين تعرفت إليهم عند دخولي هذا المضمار، ويتميز بأنه يعطي كل ذي حق حقه، ويعمل بصمت، فنرى نتائج عمله على الأرض من دون مقدمات، ونحن نفتخر بوجوده معنا ونكنُّ له كل الاحترام».

يذكر، أن "محمد غسان أبو صلاح" من مواليد "حمص"، عام 1963.