مدينة "حارم" هي إحدى المدن الحدودية السورية من الشمال، تبعد عن مدينة "إدلب" /55/ كم، ولا يزيد بعدها عن الحدود التركية مئات الأمتار في بعض مناطقها، ولعل قربها من قرية "الريحانية" ومدينة "أنطاكية" و"لواء اسكندرون" كان له الأثر الكبير في التبادل الثقافي والاجتماعي.

وعن مظاهر التبادل تلك، تحدث الأستاذ "محمد حسن عدّاد" رئيس المركز الثقافي في "حارم" لموقع eIdleb قائلاً: «تتضح من مدينة "حارم" الحقول التابعة إدارياً لمدينة "أنطاكية" التركية، ووضع الحدود قد فصل بين الأهل لينتموا إلى دولتين مختلفتين، وهذا ما يفسر الأعداد الغفيرة التي تقوم بزيارة الأقارب سنوياً أيام عيد الفطر وعيد الأضحى بين الأهل وأقربائهم في القرى التركية، وفرض القرب الاختلاط بين السكان، فوالدتي جنسيتها تركية، وكثيرٌ من الفتيات تزوجن إلى أقاربهن في تركيا، وتشابهت العادات والتقاليد والكلمات التي سادت في "حارم"، وأولها الزي الشعبي التقليدي للمدينة الذي تظهر فيه اللمحة التركية من "الحطاطة" وشكلها الفريد، و"القنباز"، و"المحزم".

بلغ إجمالي عدد المسجلين لزيارة أقاربهم في تركيا /24088/، منهم /2600/ من "سلقين"، و/1076/ من "كفرتخاريم"، و/3374/ من "حارم"، و/9039/ من مدينة "إدلب"، والأعداد المتبقية من قرى ونواحي المنطقة

وتطغى على الأعراس الشعبية في المدينة وقراها العادات التركية، فيكون العرس مختلطاً بين الرجال والنساء وهي ظاهرة غير موجودة في المحافظة، ونصب حلقات الدبكة بين الشبان والشابات، والطبل والزمر والبزق، وتتميز الأعراس بمأكولاتها مثل "الكبة النية" و"المحمرة" واللحم المشوي (خوش باشي بالتركية)، والمعنّا والعتابا، وليس غريباً أن تنطق بعض الكلمات التركية لا شعورياً مثل "دغري"، "تمام"، "خاشوقة" (ملعقة)، "طشت" (وعاء كبير، "قاط" (مبنى طابقي)».

سهول حارم تتصل بالسهول التركية

والتواصل في أيام الأعياد يرسخ هذه العادات بين الإخوة، وعن أعداد الزائرين خلال عيد الفطر لهذا العام تحدث السيد "أحمد قشاش" مدير مركز "حارم" الحدودي عبر اتصال هاتفي قائلاً: «بلغ إجمالي عدد المسجلين لزيارة أقاربهم في تركيا /24088/، منهم /2600/ من "سلقين"، و/1076/ من "كفرتخاريم"، و/3374/ من "حارم"، و/9039/ من مدينة "إدلب"، والأعداد المتبقية من قرى ونواحي المنطقة».

وبالإشارة إلى "حارم" تاريخياً فقبل عام /1963/ كانت المدينة تتبع إدارياً لـ"لواء اسكندرون"، وهي مدينة تغوص في أعماق التاريخ، أهم معالمها القلعة الشامخة وسط المدينة، وأظهرت البعثات الأثرية أنها مرت بثلاثة عصور قديمة، ووقفت في وجه "تيمور لنك" /9/ أيام، وبعد احتلالها قتل سكانها، وحرق حقولها ورشها بالملح لكي لا تنمو، لكن خصوبة أرضها ووفرة مياهها وينابيعها جعلتها إحدى جنان الأرض، وهي تشبه "غوطة دمشق"، ومازالت عيون المياه التي تصل إلى المدينة بالأقنية الرومانية تجري بغزارة، وبعضها غير معروفة المصدر، وهي تحوي /370/ موقعاً أثرياً، ما نسبته ثلث المواقع الأثرية الموجودة في محافظة "إدلب" أهمها "قلعة حارم"، وكنيسة "قلب لوزة"، و"كفركيلا"، وآثار "باريشا".

الأستاذ محمد حسن عداد
قلعة حارم من الداخل