النجاح يحتاج إلى الصبر، والمثابرة، والصعود إلى جبل النجاح يحتاج إلى البدء، الحاج أبي ماهر بدأ على ظهر الدراجات النارية، الحاج محمد ديب قزيز وجه اقتصادي معروف في محافظة إدلب، وحلب، وربما كثيرون من دمشق يعرفونه أيضاً لأنه الوجه الحضاري المشرق سياحياً (كما عبر عن ذلك صديقه الدكتور صقر الحلبي)..

في مطعمه الذي يسمى (البرج) كان اللقاء بالرجل الذي لم يعرف الكسل على مدار عقود من الزمن حتى أصبح من رجال الأعمال في مجال الخدمة السياحية.

فمعرة النعمان التي عُرفت قديماً بأنها مدينة الشاعر، والفيلسوف أبي العلاء المعري، صارت تجمع بين تسميتين مدينة المعري، ومدينة المطاعم.

وهي تتباهى بمجموعة ضخمة من المطاعم السياحية التي تحتل المركز الأول على مستوى القطر من حيث جمال الطبيعة المحيطة، إلى التصاميم البديعة إلى المطبخ المتميز (كمطعم المنديل والنيل والبرج والشلال وسمرلند.... وغيرها).

بدأت العمل بتصليح الدراجات النارية... دون مقدمات بدأ صاحب مطعم البرج حديثه ليكمل عن مسيرة العمل الطويلة قائلاً:

أنا من مواليد 1953م عملت في تصليح الدراجات، وأنا في الثانية عشر من عمري، وكان الوضع الاقتصادي صعباً جداً، ثم انتقلت من الصيانة إلى صناعة قطع الدراجات، وكان التوفيق حليفي والحمد لله، لأنني ثابرت على العمل، وربما تعودي على العمل المبكر ما جعلني أكره الكسل والخمول.

أقمت هذا البناء للتجارة، ولم أكن أتوقع أن يتحول فيما بعد لمطعم، ولكن مع ظهور مرسوم السماح باستيراد السيارات توجهت نحو هذا العمل، وقمت بوضع التعديلات المناسبة للمبنى، ليكون نواة للمطعم الذي تراه الآن، ومع الزمن تم توسيعه حتى أخذ شكله الحالي، والحمد لله أصبح حالياً من المطاعم العريقة في معرة النعمان، بل ومن أهم هذه المطاعم.

ـ في الأمس جاءني وفد سياحي من ألمانيا، وبرفقتهم مهندس مختص بتصميم المطاعم، أعجبه جداً تصميم المطعم، لذلك قام بتصويره بالكامل مبدياً إعجابه، ودهشته للخدمة التي نقدمها من حيث الطعام، وحسن الضيافة فنحن لا نهتم بالربح بقدر ما نهتم بتعزيز علاقاتنا مع الوافدين، هذه المعادلة (صدقني ستؤدي إلى النجاح) عدا عن السمعة الحسنة.

ـ وبينما كان الحاج أبو ماهر يحدثني عن المتعة التي يجدها في التعرف إلى الأصدقاء من كل دول العالم- لفت نظري مجموعة من شهادات التقدير المعلقة على الجدران؟

أجابني عن مصدرها: هي من وزارة السياحة وقد قدمت لي في الأعوام 1996ـ1997ـ 1998ـ 2000م قالوا لنا: أنتم متميزون، (ربما... لكن الطموحات مازالت أكبر بكثير من الواقع) ثم أشار إلى (بطاقات الفيزيت) هذه من (الغروبات السياحية الأوربية) كلها تفتخر بالقدوم إلينا، وتترك هذه البطاقات لتدلل على مرورها من هنا.

وما هذه الكأس؟

: هدية من وزارة السياحة بمناسبة يوم السياحة العالمي في 2/9/1996م.

ـ ومع قهوة البرج يصبح للحديث شجون، وخاصة حين يكون الحديث عن النجاحات، وربما هذا ما دفع بالحاج لأن يحدثني عن أحد الاجتماعات التي أقامتها وزارة السياحة قائلاً: حين كان الدكتور دنحو داوود وزيراً، دعا أصحاب الفعاليات السياحية لاجتماع في دمشق، وبعد أن أنهى مداخلته، وأمام أربعمئة شخص من الحضور قال وبالحرف الواحد: (ياريت كل المطاعم متل مطعم البرج في المعرة)، وعلى أثر ذلك طلبت الوزارة من ولدي ماهر أن يكون عضواً في سياحة حلب، وإدلب، وهذا الطلب جاء من الوزير شخصياً.

كان الحاج أبي ماهر يتحدث تارة، ويرد السلام بوضع كفه على صدره مع ايماءة من رأسه تارة أخرى على الوافدين، والابتسامة لا تفارق ثغره مما ذكرني بعبارة لأحد أصدقائي الشعراء: (الناجحون يبتسمون دائماً).

ـ مطعم البرج في معرة النعمان واحد بين مجموعة مطاعم متجاورة كأنها شركة واحدة.

ـ أخيراً معرة أبي العلاء هي ذاتها معرة المطاعم، والطبيعة الساحرة، ليبقى البرج فاصلة بين الجملتين.