المعمر "نديم بهلول" معمر حمل اسم رفيق درب والده في مواجهة المستعمر الفرنسي، حدثنا عن أهم الأحداث التي عايشها خلال فترة تاريخية حساسة.

موقع eIdleb زار المعمر "نديم بهلول" في منزله في قرية "كورين" وبدأ حديثه قائلاً: «ولدت أثناء وجود المستعمر "الفرنسي" في المنطقة، وكان والدي يُشارك في إحدى المعارك الواقعة بين الثوار والفرنسيين في "جبل الزاوية"، وفي تلك المعركة استشهد أحد أصدقائه وكان اسمه "نديم"، وبعد انتهاء المعركة عاد والدي إلى القرية فبُشر بنبأ ولادتي فما كان منه إلا أن يسميني على اسم صديقه الشهيد، إكراماً منه لهذا البطل وبراً به وتخليداً لاسمه بالقدر الذي يستطيع».

يُعتبر والدي من أكبر أبناء القرية، ولا يزال يتمتع بهمة عالية وروح مرحة، يحاكي الكبير والصغير، ويأنس الجميع بأحاديثه الشيقة التي لا تخلو من المرح والدعابة، وروح الشباب، ولا يزال يروي لنا تفاصيل عن ماضي القرية ومقاومة المحتلين والحياة الاجتماعية والسلوكية التي كانت موجودة بكل دقة وتفصيل ولا يكاد ينسى أي شيء

ويضيف الحاج "نديم": «نشأتُ في القرية وترعرعتُ على روح المقاومة والنضال ضد المحتلين، فقد كان منزل جدي ووالدي معقلاً مهماً من معاقل الثورة، وبعد ولادتي بشهر كان "الفرنسيين" قد توغلوا بالمنطقة بشكل أكبر واحكموا السيطرة عليها، فكان أبي من جُملة الثوار الذين على رأسهم "إبراهيم هنانو" قد حملوا لواء النضال للتصدي لهؤلاء المحتلين وعدم الخنوع والاستسلام لهم، ونتيجة لقوة المقاومة التي أبدوها فقد طلب "الفرنسيون" منهم أن يوقعوا اتفاقية لوقف القتال، واختير المكان مضافة جدي التي لم يكن يوجد في القرية مضافة غيرها، وبالفعل هذا ما حصل فحضر وفد من الجانب الفرنسي وحضر "إبراهيم بيك" ومجموعة من رفاقه، وأثناء وجودهم في "الأوضة" طلب الجنرال "غورو" الموجود في "أريحا" من "الفرنسيين" إلقاء القبض على "هنانو" وأصدقائه، ولكنهم فشلوا بذلك، وكان أن حَضر "غورو" إلى القرية بنفسه، وعندما دخل "الأوضة" سمع بكاء طفل من الداخل، فطلب من الترجمان الموجود معه إحضار الطفل، وكان ذلك الطفل أنا، وعندما أحضروني إليه فزع أهلي فزعاً شديداً لأني الطفل الذكر الوحيد في العائلة، فكانت الخشية أن يأخذني "الفرنسيون" معهم، ولكن بعد أن حملني "الجنرال غورو" بين زراعيه وأجهش بالبكاء، وتناول من جيبه ليرتين ذهبيتين ووضعهما في حجري، وأعطاني لأمي التي كادت روحها تزهق خوفاً وهلعاً علي، ولم يكن بكاء "غورو" رحمة وحباً بي، بل لأن بكائي ذكره بأطفاله الذين مضى زمناً ولم يرهم، وخلفهم في بلده آمنين وجاء لينكل بنا ويشردنا ويقتلعنا من بلادنا».

الحاج نديم وأحفاده

ويضيف: «استمرت الحياة بي على منوال الواقع الريفي السائد في هذه المنطقة، كان عملنا الأساسي الزراعة وتربية الحيوان بالدرجة الأولى، ولم نعرف في ذلك الوقت من الأشجار المثمرة سوى "التين والعنب" ونظراً لاني لم استطع التعلم في "الكتّاب" فكان لا بد لي أن اتجه في طريق العمل الزراعي، فقمتُ بتربية الحيوانات كـ"الأبقار والغنم والماعز"، واعتنيت كثيرا بتربية الجمال وكنت أملك مزرعة للجمال عملت على رعايتها والاهتمام بها كهواية من جهة ومكسب مادي من جهة أخرى ولم يكن في قريتنا ولا القرى المجاورة أحد يملك مزرعة جمال وبقيت مكبا على هذا العمل وعلى اقتناء مجموعة من الجمال حتى فترة متأخرة، تجاوز عدد أبنائي وأحفادي المئة، وفيهم عدد كبير متعلم وحائز شهادات جامعية من جميع الاختصاصات، وأنا استطيع معرفتهم وتمييزهم بعضهم من بعض في حال كانوا مجتمعين جميعاً».

ويقول السيد "عبد القادر بهلول" ابن السيد "نديم": «يُعتبر والدي من أكبر أبناء القرية، ولا يزال يتمتع بهمة عالية وروح مرحة، يحاكي الكبير والصغير، ويأنس الجميع بأحاديثه الشيقة التي لا تخلو من المرح والدعابة، وروح الشباب، ولا يزال يروي لنا تفاصيل عن ماضي القرية ومقاومة المحتلين والحياة الاجتماعية والسلوكية التي كانت موجودة بكل دقة وتفصيل ولا يكاد ينسى أي شيء».

عبد القادر بهلول

يشار إلى أن السيد "نديم" من مواليد قرية "كورين" عام /1920/ ولديه تسعة أولاد ستة ذكور وثلاث إناث ويزيد عدد أبنائه مع أحفاده على المئة.