تكاد لا تخلو بلدة من بلدات محافظة "إدلب" من اشخاص يمثلون ذاكرة لهذه القرى والذين مازلوا يحملون في صدورهم ذكريات تعيدهم إلى ماضيهم الذي يطربون بالحديث عنه لأبنائهم وزوارهم رغم مضي أعوام عديدة على هذا الماضي الذي يتحدثون عنه بحسرة لما مروا به من ذكريات وبساطة في العيش وإلفه بين أبناء القرية الواحدة.

وعن ماضي بلدة "النيرب" حدثنا المعمر "أحمد الأسعد" ابن التسعين عاماً والذي التقاه موقع eSyria في منزله في بلدة "النيرب" الذي تحدث عن ماضيه وكأنه يعيشه في لحظته والذي يقول: «ولدت في أسرة تعمل في زراعة الأرض، وكان أبي من وجهاء القرية وكانت العمل الزراعي يعتمد على الجهد البشري وعلى الحيوانات ونظراً لصعوبة الحياة توجهت إلى طريق العلم والمعرفة، ولم تكن هناك مدارس للتعليم، حيث كانت وسيلة التعليم هي الكتاب في المساجد، فحبي للغة العربية جعلني أتعلمها بسرعة كبيرة، من خلال الدروس التي كان يلقيها الشيخ علينا، ونحن صغار في المسجد كما أن تعلمنا للقرآن الكريم جعلني أتقن هذه اللغة بسرعة كبيرة، حتى أصبحت من العدد القليل في القرية الذي يجيد القراءة والكتابة، وبعد أن أصبحت في مرحلة الشباب بدأت بقراءة الكتب، وذلك لتقوية لغتي بشكل جيد، وبعدها أصبحت أماما وخطيبا للمسجد الذي تعلمت فيه اللغة العربية، وبقيت أماماً لهذا المسجد لفترة طويلة».

تزوجت من إحدى نساء القرية وكان لي منها عدد من الأبناء والبنات، وبعد أن توفيت تزوجت امرأة من أحدى القرى المجاورة، ولي منها عدد من الأبناء وجميع أبنائي عددهم ثلاثة عشر ولدا ولي أكثر من عشرين حفيداً أستطيع معرفتهم جميعاً أثناء زيارتهم لي

وعن قرية "النيرب" وتاريخها يقول: «لم يكن عدد سكان القرية يتجاوز المئات، حيث كانت تضم عدد من العائلات التي يتبادل أبناؤها الزيارات ويشاركون بعضهم الأفراح والأحزان، حتى إن بيوتها لم تكن منتشرة إلى على مساحة لا تتجاوز ربع المساحة الحالية، التي هي عليها الآن، وكان هنالك ساحة يجتمع بها الناس لإمضاء أوقات فراغهم وتبادل الأحاديث التي تتعلق بعمله والتي تقع إلى الغرب من القرية في تلك الفترة، ولكنها أصبحت الآن في الجهة الشرقية، وهذا يدل على التوسع الذي زاد بنسبة تتجاوز ثلاث أضعاف القرية القديمة».

الحاج أحمد وبجانبه زوجته وحفيدته

وعن وضعه العائلي يقول "الأسعد": «تزوجت من إحدى نساء القرية وكان لي منها عدد من الأبناء والبنات، وبعد أن توفيت تزوجت امرأة من أحدى القرى المجاورة، ولي منها عدد من الأبناء وجميع أبنائي عددهم ثلاثة عشر ولدا ولي أكثر من عشرين حفيداً أستطيع معرفتهم جميعاً أثناء زيارتهم لي».

السيدة "فاطمة الخطيب" أم محروس الزوجة الثانية للحاج "أحمد" والتي تقول: «رغم تقدم الحاج "أحمد" بالسن فهو على خلاف المعمرين الذين كلما تقدم بهم العمر صَعُبَ التعامل معهم، لكنه يتميز بتعامله الراقي والقائم على الاحترام المتبادل بيني وبينه، وعندما تزوجته شعرت بالظلم لأنني تزوجته وهو يكبرني بحوالي الخمسين عاماً، لكن في الفترة الأخيرة شعرت بأنه عوضني عما كنت اشعر به من ظلم هذا الزواج، فهو قنوع ولا تصدر عنه أية أشياء تجعلني أتخلى عنه وجميع أبنائه يحبونه ويحبون التقرب منه».

يشار إلى أن الحاج "أحمد الأسعد" من مواليد قرية "النيرب" عام 1920 يجيد اللغة العربية دون أن يدخل المدرسة.