التعليم المهني والتقني هو تلك الفترة التعليمية التي تمتد ثلاثة سنوات بعد مرحلة التعليم الأساسي ويحصل الطالب بعدها على شهادة ثانوية مهنية تؤهله لمتابعة دراسته في كليات الهندسة أو المعاهد التقنية أو الانخراط في سوق العمل لمزاولة مهنته واختصاصه، ويعتبر إرساء القاعدة التقنية الأساسية للقطاع العام الهدف الأبرز من التعليم المهني.

التعليم الصناعي هو أحد فروع التعليم المهني والذي أراد موقع eSyria تسليط الضوء على بعض جوانبه، وكانت ثانوية "باسل الأسد" الصناعية في "معرة النعمان" هي النموذج الذي قمنا بالإطلاع على تجربته باعتبارها تضم أهم اختصاصات التعليم الصناعي في أهم مركز منطقة من الناحية الصناعية من بين مناطق المحافظة الست، حيث يتساءل "عاطف الشرَاف" طالب في الصف العاشر عن مدى الاستفاد التي سيجنيها هو وزملاؤه على أرض الواقع أي في سوق العمل بعد انتهاء مرحلة الدراسة، يقول: «المهم أننا تحصلنا على مهنة من المدرسة وليس من السوق، لكن نتمنى أن يستفيد هذا السوق من خبرتنا ويتيح المجال لنا كما أتاح أمام مُعلمي الحرف العاديين».

المهم أننا تحصلنا على مهنة من المدرسة وليس من السوق، لكن نتمنى أن يستفيد هذا السوق من خبرتنا ويتيح المجال لنا كما أتاح أمام مُعلمي الحرف العاديين

وعبر عن رأيه بمستوى التعليم في المدرسة الصناعية بعد امتحانه الأخير في قسم الميكانيك، حيث قال: «التجهيزات التقنية للدراسة متوفرة بشكلٍ كامل في المدرسة، والتعليم يصل إلى مستوى جيد، حيث تُكرم المدرسة متفوقي الفصل الأول من كل عام، ويلقى المتفوق كل الدعم والمتابعة».

عبد الحميد معمار مدير مدرسة الصناعة بالمعرة

يتميز خريج الثانوية الصناعية عن صانع الحرفة الذي استمد مهنته من العمل الحر في السوق بقدرته على ربط الجوانب العملية بأخرى نظرية في إطار دراسة مهنة ما واكتسابها، لذا فإن تدعيم التكامل بين الدراسة النظرية والعملية التطبيقية هو أحد أهداف التعليم الصناعي، عن هذه الجوانب وغيرها مما يميز التعليم الصناعي تحدث الأستاذ "عبدو الزعيم" وهو مُدرس في ثانوية "المعرة"، حيث قال: «الدراية بأصول العمل لا تقتصر على ممارسته في العمل التجاري، بل يتجاوز ذلك إلى الإبداع من خلال تنويع مصادر المعرفة، لذلك فإن إكساب الطلاب الطرق الخاصة بالتفكير العلمي والبحث المنهجي الذي يعتمد على الرغبة في تعلم المهنة، يجعلهم على تماس نظري وتطبيقي قادرين فيه على البحث والتقصي لتطوير أي عمل والنهوض بأعبائه، ليس لإرضاء الزبون والربح فقط بل لإرضاء المنهج العلمي، وهنا يُغني طالب المدرسة الصناعية خبرته بالانطلاق إلى التعليم الذاتي والوصول من خلاله إلى مستوى مهني جيد يؤهله دخول سوق العمل، فالجانب العملي في المدرسة تصل نسبته إلى 35% من نسبة الدوام أي ما يُقارب 16 حصة أسبوعياً، ويدخل الحاسوب والمعلوماتية المهنية في صلب منهج التعليم ليُدرس في حرف كاملة أهمها حرفة التقنيات الإلكترونية من برمجة وصيانة، والأمر المهم أن ثانوية "المعرة" تخرج وسطياً خمسة إلى ستة طلاب للدراسة في الجامعات الهندسية وذلك ضمن حساب مئوي مخصص لكل مدرسة صناعية في المحافظة، وبقية الخريجين ويُقاربون المئة يكملون معاهد صناعية أو يعملون ضمن قطاعات حرفهم في السوق التجاري».

وفي الحديث عن السلبيات طالب الأستاذ "الزعيم": «نحن بحاجة ماسة إلى تعميق الاختصاص وقرنه بالجانب النظري بشكلٍ صحيح حتى يتميز التعليم لدينا عن تعليم مُعلمي الحرف، كما نود زيادة المبلغ الشهري الذي يُعطى للطلاب وهو مئة ليرة، لأن أي صانع حرفة في السوق يتقاضى أجراً وطلابنا أحق في ذلك الأجر، وذلك ضمن إمكانيات وزارة التربية».

الأستاذ عبدو الزعيم

وعن مدرسة صناعة "المعرة" تحدث مديرها الأستاذ "عبد الحميد المعمار" قائلاً: «هي من الثانويات الصناعية الكبرى في المحافظة، وفيها مجموعة من الاختصاصات وهي تقنيات إلكترونية – تقنيات كهربائية – ميكانيك مركبات – لحام وتشكيل معادن – آليات ومعدات زراعية، إضافة ً إلى القسم النظري والجناح الإداري لتضم المدرسة ستة أبنية مستقلة منها بناء لكل اختصاص منها، وتمتد الأبنية الستة على مساحة المدرسة المقدرة بـ 20000 متر مربع».

طبعاً تتميز الثانويات الصناعية عن الثانويات الأخرى في التعليم العام بأمور ذكرها الأستاذ "عبد الحميد" حين قال: «سنوياً نستقبل حوالي 150 طالباً مستجداً، ويجري فرزهم على الأقسام التي ذكرتها كلٌ حسب معدله في امتحان التعليم الأساسي، وفي بداية السنة يبدأ الطلاب بالدوام الفعلي بشقيه النظري والعملي وبمعدل تسع ساعات يومياً، ابتداءً من الثامنة صباحاً حتى الساعة الثالثة والنصف مساءً، ويتخلل ذلك فرص لتناول الطعام والشراب في الندوة، وأذكر أن المدرسة تضم إلى أقسامها السابقة الورشة الإنتاجية وهي تصنع الحاجيات الخاصة بالمدرسة مثل المقاعد الخشبية وخزانات المازوت والمياه، وبالنسبة للكادر التعليمي فإنه من الواجب علينا امتلاك كادر تدريسي قوي نظرياً وعملياً، لأن هذا الكادر مُلقى على عاتقه إعداد الطاقات البشرية اللازمة لمجالات الإنتاج والخدمات، ومن وراء ذلك إرساء قاعدة تقنية ليس للقطاع العام وحده بل للقطاع الخاص أيضاً، وفي هذا الصدد يجب تدريس الطلاب للمناهج ضمن الاختصاصات بشكلٍ صحيح مع الإيضاحات اللازمة، حتى يتمكن الطالب فور تخرجه من الالتحاق بالجامعات والمعاهد، وكذلك الالتحاق بسوق العمل لكي يلقى الترحيب في الأسواق المحلية، وفي مؤسسات القطاع الخاص لكونه تمرس على العمل وتعلمه بالطريقة العلمية والعملية الصحيحة».

الثانوية الصناعية بالمعرة

نذكر أن عدد الثانويات الصناعية في المحافظة خمس عشرة مدرسة تضم ثلاثة عشر اختصاصاً، وفي إحصاء بلغ عدد طلاب التعليم الصناعي العام الماضي حوالي 3900 طالب منهم مئة مهندس و500 معلم حرفة، ولا يخفى القرار الذي يُلزم مؤسسات القطاع الخاص بتوظيف خريجي المعاهد الصناعية ومهندسي التعليم الصناعي، وهو موضوع في غاية الأهمية من أجل كسر الفكرة التي يُعرض من أجلها الطلاب عن هذا النوع من التعليم المهني، وطرح أهميته في سوق العمل بدلاً عن ذلك.