هو إنسان قبل أن يكون شاعراً، وُلدت موهبته الشعرية في وقت مبكر، وبدأت تكبر وتشب معه، وقف مع الحياة على طرفي نقيض، فكلما زادت أوجاعه وآلامه، طابت أبياته، ورقت وعذبت كلماته، حتى استطاع أن يرسم بالقصائد والأشعار هيكله الذي يعتكف فيه، بعيداً عن صخب الأيام وقسوة الواقع.

الشاعر "محمد سامي العمر" الذي آمن بأن الإنسان العربي والشعر يولدان من رحم واحد، التقاه موقع eIdleb ليحدثنا بفم الشاعر، وقلب الثائر، وعيون العاشق، عن تجربته الشعرية والذي يقول: «أُولعت بالشعر منذ وقت مبكر، وكنتُ أُتابع وأقرأ وأبحث عنه دائماً وأنا في المرحلة الابتدائية، وكنتُ أملك مقدرةً عجيبة على حفظ أي قصيدة أو بيت شعر، حتى وجدتني وفي سن العاشرة أكتب الشعر، ولكن لم يكن شعراً موزوناً بشكل كاف، لكنه كان يرضي ما بداخلي، فاستمريت بولعي وتعلقي ونهمي من الشعر بكل ما أملك حتى وصلت إلى المرحلة الثانوية، وهذه المرحلة هي التي وضعتني وقوة في المشهد الشعري الحقيقي وبلورت كياني الشعري بشكل جيد، حيث عبرت عني وعن نضوجي الشعري بالقدر الكافي، ولكن عندما وصلتُ إلى نهايتها خذلني الواقع المادي، واضطررت لأن أترك البلد والدراسة وأن أسافر إلى "السعودية" سعياً وراء الرزق».

اختلفتُ كثيراً عن الشعراء الآخرين فلم تكن بدايتي الشعرية بداية غزلية، فقد شغلني حبي لوطني وقوميتي وعروبتي عن كل شاغل، وأول ما بدأت كتابته هو الشعر الوطني الملتزم بقضايا الوطن والأمة والمجتمع، والذي عبرتُ به عن حبي وتعلقي وولائي لبلدي ولوطني العربي، حيث كانت أول قصيدة ناضجة كتبتها قصيدة حملت عنوان "إلى فلسطين"، ومن الشعراء الذين تأثرتُ بهم شعراء العصر الجاهلي كـ"امرؤ القيس والنابغة وعنترة العبسي"، ومن المعاصرين "أحمد شوقي والجواهري ونزار قباني"

ويضيف السيد "محمد": «اختلفتُ كثيراً عن الشعراء الآخرين فلم تكن بدايتي الشعرية بداية غزلية، فقد شغلني حبي لوطني وقوميتي وعروبتي عن كل شاغل، وأول ما بدأت كتابته هو الشعر الوطني الملتزم بقضايا الوطن والأمة والمجتمع، والذي عبرتُ به عن حبي وتعلقي وولائي لبلدي ولوطني العربي، حيث كانت أول قصيدة ناضجة كتبتها قصيدة حملت عنوان "إلى فلسطين"، ومن الشعراء الذين تأثرتُ بهم شعراء العصر الجاهلي كـ"امرؤ القيس والنابغة وعنترة العبسي"، ومن المعاصرين "أحمد شوقي والجواهري ونزار قباني"».

السيد محمد أثناء تكريمه بمسابقة الشبيبة

  • جرى على الألسنة مقولة "يولد الشعراء من رحم الشقاء"، فهل لامست هذه الحقيقة أم أن الواقع الحياتي ليس له دخل في سبك شخصية الشاعر؟.
  • ** في الحقيقة الحزن والألم هما السراب الذي يتدفق الشعر في داخله، وهما اللذان يصنعان من الشاعر المبتدئ شاعراً حقيقياً، وأنا لامست هذه الحالة ولا أزال، فقضيتُ سفري إلى الخارج وابتعادي عن وطني وأهلي ودراستي هي المعاناة الحقيقية، حيث إنني مررت بحالة نفسية تشبه كثيراً ما مر به شعراء المهجر، ولكن على الرغم من ذلك فإن لهذه المرحلة وقعا مهما في حياتي الشعرية، حيث كانت بالنسبة لي كالنار لقرص العجين، عملت على إنضاج تجربتي وبلورتها بشكل مكتمل، وكما هو معروف لدى الجميع فالشاعر كتلة من الأحاسيس، وكلما تحرضت هذه المشاعر وتحركت، اتسعت قريحة الشاعر وتدفقت، فعلى الرغم من الألم الذي عانيته طوال عشر سنوات بعيداً عن وطني إلا أنها كانت دافعاً وحافزاً قوياً على حبي وتعلقي بالشعر أكثر.

    الشاعر في منزله

  • كلنا يعرف الشعر ويعرف الشعراء، ولكن ما الحقيقة التي يبنى عليها ويقوم جوهر كل من الشعر والشاعر في رأيك؟
  • ** الشعر هو مجموعة العواطف والأحاسيس والانفعالات الوجدانية، التي تتولد في ذات الشاعر، فيترجمها إلى معاني فوق السطور بشكل أدبي، حيث تنساب هذه المعاني إلى أعماق القارئ من غير أن يشعر بذلك، إلا بعد أن تترك أثراً يستطيع أن يعيش القارئ به الحالة التي عاشها الشاعر، والشاعر هو ذلك الإنسان المرهف الإحساس إلى درجة عالية لا يستطيع التعبير عما يتصارع في داخله إلا عن طريق الشعر، وهو كالشمعة التي لا يُحتاج إليها إلا عندما يحل الظلام وتخيم العتمة، ويجدُ المرء أنه بحاجة لأن يجد مهرباً من أي ظرف يطرأ عليه فيجد نفسه شاعراً.

    السيد محمد مع زملائه محمد خطاب ولؤي في الكلية

  • عرف الشعر بديوان العرب، وأبدعوا وأجادوا فيه، حتى وصلوا إلى القمة وورثونا ما يعرف بالشعر القديم، ولكن التطور الحياتي والأدبي فرض على الشعر أنواعاً أخرى، فأياً من هذه الأنواع شد انتباهك، وما اللون الشعري الذي يجعل من الشاعر مرآة تعكس المجتمع بكل أطيافه؟
  • ** أما بالنسبة للشعر القديم فهو الشعر في أرقى درجاته وهو المثال الأعلى الذي يقتدي به كل شاعر على مر العصور والأيام، والقصيدة التي أكتبها التزمت فيها على أوزان الشعر وأحد البحور التي وضعها "الفراهيدي"، ولكن الحداثة أمر لا بد منه، لذلك أُحاول أن أكون حداثياً من حيث المضمون أي أن أقوم بإلباس القصيدة الكلاسيكية نوعاً حداثياً من حيث المعنى، وأما بالنسبة للون الشعري الذي يُوثّق صلة الشاعر بالمجتمع فيبقى الشعر الملتزم هو السبيل الأقوى الذي يجعل للشاعر وجوداً في كل أطياف المجتمع وشرائحه، فالشاعر الحقيقي هو صاحب رسالة نبيلة يجب أن يسخرها في تبني قضايا الخير، كما أن الالتزام بقضايا الأمة ضرورة شعرية لا بد منها.

  • على الرغم من التطور العلمي الذي طغى على المشهد الحياتي بشكل كامل إلا أن الكثير من النقاد والأدباء يرون أن الشعر تأخر كثيراً عما كان عليه، وأنه لم يعد صنعة متقنة على سابق عهده، فما السبب الذي أدى إلى ذلك برأيك؟
  • ** إن تأثر الأدب العربي بالأدب الغربي، ومحاولة بعض الأدباء نقل التجربة الشعرية الحداثية الأوروبية إلى واقعنا العربي، أدخل الشعر في متاهات كادت تفقده هويته، فليس كل شيء جديد مأخوذ من الغرب يتناسب مع الواقع الأدبي لدينا، فالعمود الشعري العربي الذي نظر إليه كثرة من الأدباء القدامى، هو النبع الرئيسي الذي يجب أن ينهل منه الشعراء حتى يعود الشعر إلى مساره الأصلي الذي وجد عليه، وأيضاً من الأسباب المهمة في ذلك انخراط بعض الأشخاص غير المؤهلين ثقافياً في هذا المجال، وابتعادهم عن القراءة والتثقيف الذاتي، فعلى الرغم من أن الشعر يولد خارج إرادة الإنسان ولكن حتى ينضج ويتبلور لا بد من القراءة والمطالعة والثقافة الذاتية بشكل كبير.

  • ما أهم أعمالك على الساحة الأدبية، وهل لديك دواوين مطبوعة؟
  • ** ليس لدي ديوان مطبوع إلى الآن، ولكن أثناء وجودي في السعودية نُشر لي عدد كبير من القصائد في الصحافة "العربية والسعودية" ولاقت قصائدي استحسان العديد من الأدباء والمثقفين، وتناولها عدد من النقاد وكانت مثارا للجدل والمناقشة في المشهد الأدبي هناك، ولكنني وفي الفترة الأخيرة أدركتُ أنه حتى أستطيع أن أدخل الوسط الأدبي بقوة لا بد أن أحمل شهادة جامعية، إضافة إلى ولعي الشديد باللغة العربية، تركتُ الغربة وعدتُ إلى البلد، لأكمل دراستي في الجامعة ولأبحر من جديد في عالم الشعر المفعم بالمجهول، وشاركتُ في العديد من المهرجانات والأمسيات الشعرية التي أُقيمت على مستوى محافظة "إدلب" وكان لي فيها وجوداً وحضوراً لا بأس به، فشاركتُ في المهرجان الشبابي الذي أقامته شبيبة الثورة وحزت المركز الأول، وحصلتُ على المركز الثاني في مسابقة أدبية وشعرية رعاها اتحاد الكتاب العرب في المحافظة، وكُرمت في كثير من المسابقات الشعرية على مستوى المحافظة، وأنا الآن أعمل على إصدار أول ديوان شعري لي.

    ويقول "محمد ولؤي" زملاء السيد "محمد" في الكلية: «يُعتبر "محمد" من الشعراء الموهوبين، والذين اتخذوا من شعرهم هوية يفتخر بها، وقضية يؤمن بجوهرها، فشعره الوطني والقومي يدافع به عن قضايا أمته بكل ما أعطي من حس مرهف وأدب مرموق، وشعره الغزلي قائم على العفة والعذرية ونابع من صميم قلب شاعر أحب وأعطى للحب طعماً آخر، وله العديد من المشاركات الشعرية على مستوى الجامعة وخارجها، جذبت عددا كبيرا من الشباب، وجعلتهم يقتنعون بحق أنه شاعر يستحق أن يُستمع إليه، كما أنه يملك حضوراً قوياً من خلال إلقائه للقصائد، وهو يسير على نهج الشعراء الكبار، ونحن وجميع زملائه في الكلية نتفاءل له بمستقبل شعري جيد، وننتظر ديوانا شعريا مطبوعا يثبت وجوده بالمشهد الأدبي بشكل أكبر».

    يشار إلى أن الشاعر "محمد سامي العمر" من مواليد قرية "كفرلاتا" في محافظة "إدلب" عام /1976/ عاد إلى الدراسة بعد انقطاع دام لأكثر من عشر سنوات، وهو الآن طالب في كلية الآداب الثانية في "إدلب" قسم اللغة العربية السنة الثانية.